نبدأ أولا بالبروفسور الإماراتي عبدالله عبدالخالق، المستشار السياسي لمحمد بن زايد، حيث غرد البارحة "استيقظوا على سقطرى متأخرين. الأمر محسوم منذ زمن بعيد يا سادة يا كرام".
تحدث عن "الاستيقاظ المتأخر على سقطرى" في إشارة -ربما غير مقصودة لكنها تشغل عقله الباطن- بأن السيطرة على سقطرى حدث على حين غفوة أو سبات لليمنيين، كما يحب أن يفعل اللصوص في أخذ أشياء الآخرين، حيث يفضلون أوقات نوم أو التهاء الغير.
غير أن اللص هذه المرة ليس فردا أو عصابة بل دولة ضد دولة أخرى. و ربما أن الاستيقاظ هو ما دفع اللص لأن يعجل لإتمام عمليته. فالاستيقاظ أتى لكنه حسب وصفه "متأخر". متأخر لكن ليس بعد فوات الأوان. و هذا يعني أن الإمارات لم تكمل السيطرة التامة و إن كانت مستعجلة في تحقيق ذلك.
ذكر عبدالخالق في جملته الثانية أن "الأمر محسوم منذ زمن بعيد..". في إشارة أن السيطرة -التي ذكر أن اليمنيين استفاقوا عليها متأخرين- حسمت. لكنه في نفس التغريدة يشير لطريقة حسمها عبر السرقة.
أي أن الأمر محسوم بطريقة السيطرة غير المشروعة و لم تتم عبر اتفاقات سياسية و اقتصادية و عسكرية قبل أن يغير الطرف الثاني و هي الحكومة اليمنية الرأي و ينسحب من العقد.
لو كان تواجد الإمارات في سقطرى عبر اتفاقيات سياسية و اقتصادية و عسكرية تشرع لها الاستثمار و استغلال ثروات الجزيرة أو بناء قواعد عسكرية فيها لكانت تغريدة المستشار الإماراتي قد اختلفت: "الأمر محسوم منذ فترة طويلة. التواجد في الجزيرة تم باتفاقات مع الحكومة".
نذهب إلى حديث الدكتورة ابتسام الكتبي في مقابلة مع تلفزيون BBC البريطاني حيث تحدثت أن الشرعية المعترف بها دوليا ليست شرعية هادي وبن دغر و أن الشرعية المعترف بها دوليا هي شرعية حكومة بحاح.
طبعا يخفي حديثها كلاما لم تستطع قوله. وهو أن دخول الإمارات إلى سقطرى أتى في عهد خالد بحاح كرئيس وزراء قبل أن يتم عزله عن المنصب. كان دخول الإمارات عبر اتفاقية غير معلنة في بداية 2016.
هذه الاتفاقية يرجح أنها كانت سببا لعزله لأنه لم يعد فيها للرئاسة اليمنية و كذلك البرلمان المخلولان بتشريع الاتفاقات الدولية. ثانيا، هذه الاتفاقية حددت أن يكون دور الإمارات في الإغاثة و التنمية للجزيرة بعد أن ضربها إعصاري تشابيلا و ميج في 2015، و ليس شيء آخر.
غير ما بدأ في أوله أنه إغاثة و تنمية باسم جمعيات خيرية إماراتية كالهلال الأحمر و مؤسسة خليفة الخيرية تحول إلى تجريف للجزيرة و الاستيلاء على الأراضي و تسيير الرحلات الجوية دون تصاريح من السلطات اليمنية، و عمليات تجنيد و انشاء قوات خارج إطار الشرعية و السيطرة على المؤسسات فيها و شراء الولاءات القبلية ثم الانتهاء بالسيطرة على المطار و الميناء و إرسال قوات عسكرية و طائرات و دبابات للجزيرة.
نفس الشيء حديث قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية عن أن دخول الإمارات لسقطرى يأتي في إطار الروابط الأسرية بين سكان الإمارات و سكان الجزيرة، و من أجل مساعداتهم و الوقوف معهم. لنفترض جدلا أن السكان "أبناء عمومتهم". من متى تحدد العلاقات بين الدول عبر العلاقات الأسرية؟ و متى كانت المساعدات تأتي على شكل دبابات و طائرات حربية.
الخلاصة من تغريدة قرقاش و غيره من المسؤولين أن الإماراتيين لا يملكون مبررا قانونيا للتدخل لذلك يتحدثون عن مبررات طفولية تفتقر لأبسط ملامح الدبلوماسية و الحصافة. وتدخلهم و سيطرتهم ليس إلا تعبيرا عن أطماعهم في لحظة ضعف و تمزق تمر بها اليمن.
اقراء أيضاً
منحدر المجاعة في اليمن
جندرة الحرب اليمنية
بين الكنيسة الأوروبية و القبيلة اليمنية