المظاهرات الحاشدة التي خرجت قبل أيام في مدينة تعز والنشمة والتربة بريف المحافظة لرفض مشروع استخدام طارق صالح على رأس جيش مسلح مأجور يوظف بالحسابات اليومية لصالح داعميه، لم يكن بدوافع مناطقية أو حزبية أو ثأرية فقط وإنما استنادا إلى موقف منطلق من مشروع ديمقراطي ناتج عن فبراير بالإضافة إلى الموقف الأخلاقي الحازم تجاه القتلة والمجرمين، ولرفض طارق أيضا العمل تحت راية الشرعية.
الرسالة التي أوصلتها المظاهرة هي رفض استخدام المليشيات المأجورة - ليس في تعز فقط كمعقل للسياسة والأحزاب وإنما في اليمن كاملا- بدون أي مرجعية أخلاقية وقانونية وبشكل يقوض الدولة و يستفز الضحايا ويلغم المستقبل بنذر صراعات متسلسلة لا تنتهي لكن ثمنها باهظ على حساب المستقبل والدولة.
إن الحرب الحاصلة اليوم هي نتيجة استخدام دول إقليمية لمليشيات الحوثي المسلحة بدون أي أطر أخلاقية وقانونية على حساب الدولة، ورغم الفارق الجوهري في تركيبة مليشيات طارق ومليشيات الحوثي من الناحية الأيديولجية إلا أن بمقدور المليشيات مهما تضاءلت أحجامها تقويض مؤسسات الدولة وانهيار السياسة و ضياع المستقبل، وبالتالي تدمير الحياة السياسية والاجتماعية كما نعانيه منذ انقلاب الحوثيين.
وبرغم محاولات البعض تصوير جيش طارق على أنه يهدف للحرب مع الحوثي فإن مهمته الأولى هي ضرب المشاريع السياسية والاجتماعية القائمة على الديمقراطية والأحزاب، وتسعى الإمارات من خلال طارق أن تؤسس نسخة الحزام الأمني في المناطق الشمالية تحت لافتة مقارعة الحوثي، ونشاهد كلنا العواقب المترتبة على تدمير العمل السياسي والمؤسسات السياسية والاجتماعية والمدنية عبر الحزام السلفي الإماراتي في عدن والمدن الجنوبية الأخرى وما أنتجه من تفتيت للسلم الاجتماعي وتقويض للاستقرار وقبل ذلك ضرب للمشاريع السياسية التي تسمح بالصراعات السلمية دون التأثير على حياة الناس أو تقويض حياتهم وحكمهم تحت الرعب والنار.
وعليه، فإن موقفنا من جيش المأجور طارق يستند إلى موقف أخلاقي بالدرجة الأولى، كما يستند إلى مصلحة شعب يؤمن أن مستقبله وحياته لا يمكن أن تزدهر إلا من خلال دولتنا الشرعية الديمقراطية والتي تمرد عليها طارق صالح منذ عزله من قيادة اللواء الثالث قبل ست سنوات من الآن وحاربها بقوات مسلحة متمردة ثلاث سنوات، وقتاله ضد الحوثي لن يمحو عنه خطيئته التي أحاطت به، ولن نسمح له مرة أخرى بتهديد حاضرنا ومستقبلنا بعد أن دمر وعائلته ماضي آبائنا وشعبنا على مدى ثلاثة عقود. كما نستند إلى أن هذا المقاتل المأجور هو أضعف من مواجهة الحوثي مهما كانت قواته المادية فتركيبته النفسية والثقافية خاضعة للإمامة ومسلمة بها في الوقت نفسه نحن من يواجه الحوثي منذ نشأته وإمامتهم من قبل ألف عام وسنستمر بمواجهتهم أيضا حتى الانتصار الحاسم عليهم.
ومن قبِل العمل بذُلٍ مع الحوثيين ثم قبل العمل بذل ايضا مع خصوم الأمس حلفاء اليوم ليس إلا عدو لأخلاقيات وقواعد الصراع السياسي الذي يهدف إلى بناء الدولة الديمقراطية.
اقراء أيضاً
كيف يهزم العصيان المدني الحوثيين؟
تهديد الحوثي ككلب بلا أنياب
كي لا يخطف الحوثي المبعوث الأممي