قال مصدر تفاوضي بالحكومة اليمنية، إن الإدارة الأمريكية، تمارس ضغوطاً كبيرة على المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وحكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، من أجل تقديم بند "تشكيل الحكومة" على انسحاب مسلحي جماعة "أنصار الله" (الحوثي) من العاصمة صنعاء، في خارطة الحل المرتقبة للنزاع اليمني المتصاعد منذ أكثر من عام ونصف.
وفي تصريحات لوكالة الأناضول التركية، أمس السبت، قال المصدر الذي رفض الكشف عن هويته كونه غير مخول للحديث لوسائل الإعلام، إن "الإدارة الأمريكية تطالب بأن تكون خارطة الطريق التي يحملها ولد الشيخ في جولته العربية الجديدة، مبنية على تشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الحوثيون في المقام الأول، ثم الانتقال إلى البنود الأخرى الخاصة بانسحاب الحوثيين من العاصمة صنعاء وتسليم السلاح إلى طرف ثالث".
وتتطابق الرؤية الأمريكية مع مطالب "الحوثيين" الذين يشترطون إشراكهم في حكومة وحدة جديدة، فيما ترفضها الحكومة اليمنية وتطالب بضرورة الانسحاب من العاصمة صنعاء وتسليم السلاح الثقيل.
ويؤكد المبعوث الأممي الرؤية التي تطالب بها الحكومة، بضرورة الانسحاب من صنعاء قبل تشكيل حكومة، وأعلن أمام مجلس الأمن الدولي في إفادة سابقة "أنه لا يمكن تشكيل حكومة والعاصمة في يد جماعة واحدة"، في إشارة إلى الحوثيين.
وتتصادم الرؤية الخاصة بولد الشيخ مع الرؤية الأمريكية للحل، وهو ما تسبب بعرقلة الزيارة التي كان من المفترض أن يقوم بها المبعوث الأممي إلى مسقط للقاء وفد الحوثي والرئيس السابق على عبدالله صالح المتحالف معهم، الخميس الماضي، وتغيير مسارها إلى العاصمة السعودية الرياض، للتباحث أكثر حول الموضوع، بحسب المصدر نفسه.
وتؤيد الحكومة اليمنية رؤية ولد الشيخ للحل، وقال المصدر التفاوضي إن "رؤية المبعوث الأممي متوازنة (..) الأمريكان يتسرعون الحل".
وأضاف أن "أسس الحل المطروح غير منطقية ما لم يقد الحوثي ـ صالح تنازلات لصالح حل شامل، وهذا الإرباك الحاصل سيعقد من انعقاد جولة المشاورات في الأيام القادمة".
ومنذ فشل مشاورات السلام التي أقيمت في الكويت لأكثر من 90 يوما (21 إبريل/ نيسان ـ 6 أغسطس/آب الماضي)، استجابت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لمطالب الحوثيين بضرورة وجود حل شامل للنزاع، بدلا من الحل الجزئي الذي كان المبعوث الأممي قد طرحه في الكويت، ونص على انسحاب الحوثيين من العاصمة صنعاء ومحافظتي تعز والحديدة، وتسليم السلاح على أن يعقبه تشكيل حكومة بعد 45 يوما على تنفيذ تلك البنود.
وكان سفير واشنطن لدى اليمن، ماثيو تولر، قد التقى الخميس الماضي، هادي في العاصمة السعودية الرياض، وناقش الملف السياسي، وهدنة الـ72 ساعة التي يطالب بها المجتمع الدولي قبيل استئناف المشاورات.
ولم تتطرق وكالة سبأ الرسمية التي نقلت الخبر، إلى خارطة الحل، لكنها ذكرت أن "هادي" اشترط أن يكون جوهر الهدنة إيصال الغذاء والدواء إلى محافظة تعز وغيرها من المدن، لافتا إلى أنه "لا قيمة للهدنة إذا لم تلبي الجوانب الإنسانية للمحتاجين".
ولا يُعرف ما إذا كان الجانب الحكومي سيقدم تنازلات بتشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة يشارك فيها الحوثيون قبل انسحابهم من صنعاء بناء على الضغوط الأمريكية أم لا، لكن المصدر التفاوضي، استبعد ذلك، وقال إن الحكومة الجديدة سواء تم توسيعها أو تشكيل أخرى جديدة لا يمكن أن تمارس مهامها من العاصمة وهي تحت قبضة الحوثيين فقط.
ومن المتوقع أن يواصل المبعوث الأممي مشاوراته في الرياض، والتي يسودها تعتيم إعلامي شديد، على أن ينتقل الأربعاء القادم إلى العاصمة العمانية مسقط، للقاء وفد الحوثي- صالح، العالق هناك منذ مطلع أغسطس/أب الماضي إثر إغلاق مطار صنعاء، وفقا لمصادر مقربة من الوفد للأناضول.
وقالت المصادر، إن الوفد، طالب الوسطاء العمانيين بـ"فكرة واضحة" لما سيحمله المبعوث الأممي قبل الالتقاء معهم".
ورعت الأمم المتحدة، ثلاث جولات من المشاورات بين طرفي الأزمة اليمنية، الأولى في جنيف منتصف يوليو/تموز 2015، والثانية في مدينة بال السويسرية منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، والثالثة في الكويت (21 إبريل/نيسان الماضي وحتى 6 أغسطس/آب)، لكنها فشلت جميعا في تحقيق السلام.
ومنذ تعليق المشاورات، وتشكيل الحوثيون وصالح لما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى، يشهد اليمن تصعيدًا عسكريًا غير مسبوقا، كما استأنف طيران التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، غاراته المكثفة بعد هدوء نسبي خلال فترة مشاورات السلام التي لم تحقق أي تقدم جوهري.