بشكل مفاجئ، أعلن تنظيم القاعدة في اليمن، الأحد، وفاة زعيمه خالد باطرفي، دون تحديد سبب الوفاة أو تاريخها.
وظهر القيادي في التنظيم إبراهيم القوصي، المعروف بخبيب السوداني، بتسجيل مرئي، وهو ينعى زعيمه باطرفي، كما أعلن تنصيب سعد بن عاطف العولقي خلفا له في قيادة التنظيم المتطرف.
ولم يحدد القوصي، وهو أيضا "المسؤول الشرعي" لقاعدة اليمن، سبب وفاة باطرفي، غير أنه ألمح إلى أنه توفي وفاة طبيعية عندما قال إنه توفي "صابرا محتسبا"، كما سرد أحاديث عن "فضل" من توفي، وهو "مهاجر في سبيل الله" ولم يقتل.
ونشر التنظيم أيضا صورة باطرفي وهو ملفوف بعلم التنظيم، ولم تظهر عليه أي آثار دماء أو إصابات.
من هو خالد باطرفي؟
ولد خالد عمر باطرفي، وهو سعودي الجنسية، في الرياض عام 1979، وفي مستهل شبابه، سافر مبكرا إلى أفغانستان، حيث التحق بتنظيم القاعدة وتدرب في معسكر الفاروق والتقى بأسامة بن لادن. وبعد عامين من وصوله إلى أفغانستان وقعت هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
بعد سقوط نظام طالبان وتفكك معسكرات القاعدة، لجأ باطرفي إلى إيران كما هو حال العشرات من أعضاء تنظيم القاعدة وقادته. واعتقلته السلطات الإيرانية وسلمته إلى الحكومة اليمنية في 2004، حيث أمضى في السجن ست سنوات.
بعد إطلاق سراحه، انضم إلى تنظيم القاعدة في اليمن، وبايع زعيم التنظيم حينها ناصر الوحيشي (قتل عام 2015). وعام 2010، وسعت القاعدة نفوذها، وسيطرت على مناطق عدة في اليمن من بينها محافظة أبين. وعين خالد باطرفي "أميرا" على الولاية وقائدا للتنظيم فيها.
وفي العام التالي، استغل التنظيم المظاهرات الحاشدة التي اجتاحت العاصمة صنعاء، وانحسار سلطة نظام علي عبد الله صالح، والفوضى التي اجتاحت عددا من المحافظات اليمنية، فوسع من نطاق سيطرته تحت لافتة "أنصار الشريعة" وأعلن قيام "إمارة إسلامية" في المناطق الخاضعة له.
وفي مارس 2011، نجحت القوات اليمنية في توقيف خالد باطرفي وظل معتقلا إلى غاية عام 2015، عندما هاجم تنظيم القاعدة سجن المكلا المركزي وقام بتحرير سجنائه. وبث التنظيم حينها مقطعا مرئيا وثق عملية اقتحام السجن وإخراج باطرفي منه.
بعد يومين من فراره من السجن، ظهر باطرفي في مجموعة من الصور جالسا في القصر الرئاسي بمحافظة المكلا جنوب شرق اليمن، ومن يومها ظل وجهه مألوفا في الإصدارات المرئية التي ثبتها القاعدة في اليمن.
تقلد القيادي المتطرف مناصب عدة أهمها "أمير" ولاية أبين، و"والي" حضرموت، والمسؤول عن القسم الإعلامي والإنتاج الدعائي، و"القاضي الشرعي"، والناطق باسم التنظيم، ثم زعيمه ابتداء من فبراير 2020 خلفا لقاسم الريمي الذي اعترف التنظيم بمقتله في غارة أميركية.
وفي 18 أكتوبر 2018، عرضت وزارة الخارجية الأميركية مكافأة قدرها 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى توقيفه.
وقد ترددت شائعات كثيرة عن القبض عليه، أبرزها تلك التي أعلن عنها مجلس الأمن في 3 فبراير 2021، إذ أصدر تقريرا يشير إلى اعتقال باطرفي في أكتوبر 2020 وتسليمه إلى السلطات السعودية. لكن في 8 من أبريل 2021، أصدر التنظيم بيانا نفى فيه هذه المزاعم.
باطرفي اعتاد قبل ظهوره بشكل رسمي في إعلام القاعدة الكتابة باسم "أبو المقداد الكندي" في المنتديات "الجهادية"، ويعد واحد من أكثر قادة القاعدة نشاطا على صعيد الظهور الإعلامي، إذ ظهر في عشرات المقاطع المرئية والمسموعة خلال السنوات التسع الماضية.
أعدم عناصر بالتنظيم
يعد باطرفي الزعيم الرابع لتنظيم القاعدة في اليمن. وفي عهده نشبت خلافات عميقة داخل التنظيم على خلفية إعدامه عددا من أعضائه بتهمة التجسس، كان من بينهم الشرعي المشهور أبو مريم الأزدي والمسؤول الأمني فياض الحضرمي.
خلال سنوات قليلة، سقط قادة قاعدة اليمن تباعا تحت ضربات طائرات من دون طيار، ليبدأ التنظيم حملة مطاردة "للجواسيس" في صفوفه. تسببت الحملة بإعدام عدد من القادة، لتنهار قاعدة اليمن على وقع الخلافات.
على إثر ذلك، انشق المئات من العناصر، وطالبوا حينها أيمن الظواهري بالتدخل ووضع حد "للتجاوزات والأخطاء الشرعية والمظالم العظيمة" التي ترتكبها قيادة القاعدة في اليمن.
وظهر باطرفي أيضا في شريط فيديو وهو يشرف على عمليات إعدام عدد من أعضاء التنظيم اتهموا بالتسبب في مقتل زعميه الأسبق ناصر الوحيشي.
وكان آخر ظهور لباطرفي بإعلام القاعدة في يناير الماضي، ضمن سلسلة "دروس" اعتاد نشرها منذ فترة، قبل أن تعلن القاعدة وفاته أمس.
من هو الزعيم الجديد للتنظيم؟
سعد بن عاطف العولقي، المكنى بـ"أبو الليث"، هو الزعيم الجديد لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، خلفا لخالد بن عمر باطرفي.
والعولقي هو يمني الجنسية، وتشير تقارير إعلامية إلى أنه أحد الذين أعادهم زعيم تنظيم القاعدة الذي قتلته أميركا عام 2011، أسامة بن لادن، من أفغانستان إلى اليمن.
وبهذا، يصبح العولقي خامس قيادي يتزعم القاعدة في اليمن، علنا، وذلك بعد عمله لسنوات كرجل ثان للتنظيم المتشدد في البلاد.
ولد سعد العولقي في بلدة "الشعبة" بوادي يشبم التابع لمديرية الصعيد في محافظة شبوة (جنوب) وينحدر من قبيلة العوالق الكبيرة وهي ذات القبيلة التي ينحدر منها الأب الروحي للقاعدة أنور العولقي الذي قتل بطائرة أميركية بلا طيار في عام 2011.
ولم يُعرف تاريخ ميلاده بالتحديد، لكن الخارجية الأميركية قدّرت ثلاثة تواريخ هي: 1978 و1981 و1983، مشيرة إلى أن طوله يبلغ 168 سم.
وبحسب الموقع الإلكتروني لبرنامج مكافآت من أجل العدالة، التابع لوزارة الخارجية الأميركية، كان العولقي عضوا في مجلس شورى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
والعولقي على قائمة "برنامج المكافآت من أجل العدالة"، فقد عرضت الولايات المتحدة مكافأة تصل إلى ستة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه.وتقول الخارجية الأميركية إن العولقي "دعا علنا إلى شن هجمات على الولايات المتحدة وحلفائها".
وتعتبر الولايات المتحدة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يتّخذ من اليمن مقرا، أخطر فروع القاعدة منذ محاولته عام 2009 تفجير طائرة فوق الولايات المتحدة.
وتبنى التنظيم هجمات عدة، وخصوصا اعتداء استهدف صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة في باريس في العام 2015، وأسفر عن مقتل 12 شخصا.
وجاء في تقرير للأمم المتحدة عن تنظيم القاعدة مؤخرا: "رغم تراجع التنظيم في شبه الجزيرة العربية، فإنه لا يزال الجماعة الإرهابية الأكثر فعالية في اليمن، التي لديها نية لشن هجمات في المنطقة وخارجها".
فيما تشير التقديرات المقدمة إلى الأمم المتحدة، إلى أن إجمالي مسلحي القاعدة في شبه الجزيرة العربية يتراوح بين 3 آلاف و4 آلاف مقاتل نشط وسلبي.
المصدر: ارفع صوتك + مواقع الكترونية