قالت منظمة العفو الدولية اليوم الثلاثاء، إنه ينبغي لسلطات الأمر الواقع المتمثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي إزالة القيود غير القانونية والتعسفية المستمرة التي تفرضها على عمل منظمات المجتمع المدني والمدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان في محافظة عدن جنوب اليمن.
وأضافت المنظمة في بيان لها، إنه "منذ مطلع عام 2023، تبنى المجلس الانتقالي الجنوبي سلسلة من التدابير التي تقيد على نحو متزايد عمل منظمات المجتمع المدني اليمنية، ضاربًا عرض الحائط بقانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية القائم وبالمعايير الدولية لحقوق الإنسان".
وتشمل القيود وجوب أن تقدم المنظمات طلبات للحصول على تراخيص من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي اللتين يديرهما المجلس الانتقالي الجنوبي لإقامة فعاليات عامة لتفادي حظر أنشطتها أو إغلاقها، علاوة على فرض متطلبات بيروقراطية مرهقة، مثل التقديم المفرط للتقارير.
وفي بعض الحالات، حرمت الوزارة المنظمات التي تُعَدُّ معارضة سياسيًا للمجلس الانتقالي الجنوبي من الأموال أو المشاريع.
وقالت غراتسيا كاريتشيا نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: "من المعيب أن نرى أن سلطات الأمر الواقع المتمثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي تعرقل العمل الحيوي لمنظمات المجتمع المدني والمدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان بدلًا من أن تحرص على تمكينهم من مواصلة تقديم الدعم الضروري جدًا للمدنيين الذين يواجهون التأثير المدمر للنزاع المسلح المستمر".
واضافت: "ما تتخذه سلطات الأمر الواقع المتمثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي من تدابير غير قانونية وتعسفية يخلق مناخًا من الترهيب والخوف ويقيّد الحقوق في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والمشاركة في الشؤون العامة".
وأشارت منظمة العفو الدولية إلى أنها تحدثت مع ستة من الممثلات والممثلين لمنظمات المجتمع المدني اليمني المعنية بالتنمية الاجتماعية وحقوق الإنسان في عدن.
وقال جميعهم إنه على عكس ما ينص عليه قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية اليمني لعام 2001، يصرّ المجلس الانتقالي الجنوبي الآن على أن تقدم المنظمات طلبات للحصول على تراخيص من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي اللتين يديرهما المجلس من أجل مزاولة أنشطتها في عدن.
ولكي تحصل على التراخيص، يتعين عليها تقديم تقارير تفصيلية مرهقة بشأن أنشطتها العامة المقررة، على أن تتضمن معلومات حول مكان الفعالية، وموعدها، وغرضها، وعدد المشاركين، ومصدر التمويل والنتائج المتوقعة. وفي بعض المناسبات، طلبت السلطات قائمة بأسماء المشاركين في الفعالية أو المستفيدين من برنامج معيّن.
وأخبرت منظمتان منظمة العفو الدولية بأن المجلس الانتقالي الجنوبي منعهما من مزاولة أنشطتهما بين نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2023 لأنهما لم تقدما طلبًا للحصول على ترخيص.
وقالت ممثلة إحدى المنظمات المعنية بالتنمية الاجتماعية: "لقد خططنا لفعالية عامة ثقافية في مكتبنا ونشرنا الدعوة على منصات التواصل الاجتماعي. وعقب ذلك، تلقينا فورًا اتصالًا من الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي قالت فيه إن المناسبة ممنوعة لأننا لم نقدم طلبًا للحصول على ترخيص. […] إنهم يفرضون علينا قيودًا تعسفية لا تستند إلى أي أساس قانوني".
وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، أصدرت الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي – التي أسسها رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي بدون أساس قانوني واضح في 2021 – مذكرة اطلعت عليها منظمة العفو الدولية تمنع الفنادق والقاعات العامة من استضافة مؤتمرات، أو فعاليات، أو ورش تدريبية، أو توعوية، أو مناقشات مجموعات التركيز، أو حلقات نقاشية، أو منتديات حوارية، إلا إذا حصلت على تراخيص من الهيئة.
بيد أن الحصول على ترخيص، لا يضمن حتى إمكانية إقامة الفعالية. فقد أخبرت ممثلة لإحدى منظمات حقوق الإنسان منظمة العفو الدولية بأن سلطات الأمر الواقع المتمثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي أمرت مدير الفندق بإغلاق القاعة، وطرد الموظفين، وإلغاء الفعالية تعسفيًا بدون تقديم أي تفسير على الرغم من حصول المنظمة على ترخيص من هذه السلطات.
وأضافت ممثلة المنظمة: "لا تكتفي سلطات المجلس الانتقالي الجنوبي بالتضييق على الفضاء المدني، بل تهدد أيضًا وجوده".
وذكر جميع الذين أجريت مقابلات معهم أن المنظمات غير المتحالفة سياسيًا مع سلطات الأمر الواقع المتمثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي تواجه مزيدًا من التدقيق والقيود وتُعرّض نفسها للحرمان من أموال ومشاريع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
وقالت إحدى الممثلات إن الوزارة حرمت منظمتها من كافة المشاريع والأموال لأنها عُدَّت بأنها تنتمي إلى حزب الإصلاح، وهو الخصم السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي:
وأضافت: "لا يُسمح لنا بأن نقوم بأي عمل ميداني إلا إذا نسّقنا كل خطوة عن كثب مع السلطات المحلية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، وإلا سيوقفون عملنا… كما أنهم يطلبون أسماء جميع المستفيدين من عملنا".
ونوّهت غراتسيا كاريتشيا قائلةً: "هذه التدابير التقييدية والتعسفية تحدث تأثيرًا مرعبًا في جميع منظمات المجتمع المدني والمدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان. فقد أشاعت السلطات أجواءً من الخوف لم يعد بإمكان المجتمع المدني أن يعمل فيها بأمان".
وقالت أربع منظمات إنها اضطرت إلى فرض رقابة ذاتية والتقليل من أنشطتها لتجنب التعرّض للتدقيق المفرط وتلبية المتطلبات المرهقة التقييدية، ما يمكن أن يضغط على مواردها البشرية المحدودة.
وقالت ممثلة إحدى المنظمات: "إننا نفرض رقابة ذاتية على عملنا حتى لا تُواجَه مشاريعنا وأنشطتنا بالرفض من جانب السلطات […]. لقد انخفضت أنشطتي لأنني لم أعد أملك حيزًا حرًا أعمل فيه. ونخشى [من إرسالنا إلى] السجون السرية و[من] تعرُّضنا للاغتيالات".
وختمت غراتسيا كاريتشيا قائلةً: "ينبغي على الحكومة اليمنية أن تتقيّد تقيّدًا تامًا بالواجبات المترتبة عليها بموجب القانون الدولي وأن تلغي كافة القوانين، والأنظمة، والممارسات التقييدية التي تنتهك الحقوق في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والتجمع السلمي. ويجب أن تتمكن منظمات المجتمع المدني من العمل في بيئة آمنة وتمكينية خالية من الخوف وعمليات الانتقام".