أطلقت الولايات المتحدة يوم الثلاثاء عملية متعددة الجنسيات لتأمين التجارة في البحر الأحمر إذ أجبرت هجمات الحوثيين اليمنيين المدعومين من إيران شركات شحن كبرى على تغيير مسار سفنها، مما يثير مخاوف من استمرار العقبات أمام التجارة العالمية.
وتطلق جماعة الحوثي، التي تسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي في اليمن بعد حرب مستمرة منذ سنوات، طائرات مسيرة وصواريخ على سفن دولية تبحر في البحر الأحمر منذ الشهر الماضي، وهي هجمات تقول الحركة إنها جاءت ردا على الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.
وبدأت التجارة العالمية تتأثر سلبا هذا الأسبوع بالهجمات، مما أدى إلى تعطيل طريق تجاري رئيسي يربط أوروبا وأمريكا الشمالية بآسيا عبر قناة السويس.
وعلقت شركة النفط الكبرى بي.بي كل عمليات النقل عبر البحر الأحمر، وبدأت كبرى شركات الشحن مثل ميرسك في تغيير مسار الشحنات التي تمر عادة عبر قناة السويس لتدور حول رأس الرجاء الصالح في الجزء الجنوبي من أفريقيا.
ويضيف المسار الجديد حول أفريقيا أياما إلى زمن الرحلة ويتسبب في ارتفاع التكاليف. وزاد عدد الشركات التي تتجنب المرور من البحر الأحمر يوم الثلاثاء.
واندلعت هذه الأزمة بسبب الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، وهي الأحدث في الشرق الأوسط التي تضع الولايات المتحدة وحلفاءها في مواجهة إيران والفصائل العربية التابعة لها في المنطقة.
ويطلق وكلاء إيران، ومنهم الحوثيون وحزب الله اللبناني، صواريخ على إسرائيل منذ بدء الصراع. وفي الوقت نفسه، يكثف الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر، وهددوا باستهداف جميع السفن المتجهة إلى إسرائيل وحذروا شركات الشحن من التعامل مع الموانئ الإسرائيلية.
وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن الذي يزور البحرين التي تستضيف مقر قيادة الأسطول الأمريكي في الشرق الأوسط، إن الدول المشاركة في العملية تضم بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشل وإسبانيا.
وستقوم المجموعة المعروفة في معظم وسائل الإعلام باسم "قوة العمل" بتسيير دوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.
وقال أوستن في بيان "هذا تحد دولي يتطلب عملا جماعيا" معلنا عن إطلاق مبادرة "حارس الازدهار"، داعيا الدول الأخرى إلى المساهمة وندد "بأفعال الحوثيين المتهورة".
لكن لم يتضح بعد عدد الدول الأخرى التي ترغب في القيام بما فعلته السفن الحربية الأمريكية في الأيام القليلة الماضية، إذ أسقطت صواريخ وطائرات مسيرة تابعة للحوثيين وتوجهت سريعا لمساعدة السفن التجارية التي تتعرض لهجوم.
وقال دبلوماسي من إحدى الدول الأوروبية المشاركة في قوة العمل إن فكرة العملية تتمثل في إسقاط سفن الدول المشاركة الصواريخ والطائرات المسيرة ومرافقة السفن التجارية عبر البحر الأحمر.
وقلل مسؤول في الجيش الأمريكي رفض نشر هويته من فكرة أن السفن البحرية سترافق السفن التجارية بسبب وجود مئات السفن التي تسلك هذا الطريق يوميا، لكنه قال إن العملية الأمريكية ستضع السفن في مناطق يمكن أن تحقق فيها أكبر فائدة أمنية.
التأثير على التجارة العالمية
قررت شركة بي.بي تعليق كل عمليات النقل عبر البحر الأحمر وقالت مجموعة ناقلات النفط فرونت لاين إن سفنها ستتجنب المرور عبر الممر المائي، مما يشير إلى توسع الأزمة لتشمل شحنات الطاقة. وارتفعت أسعار النفط الخام بسبب هذه المخاوف يوم الاثنين.
وواصلت شركات الشحن تغيير مسارها يوم الثلاثاء. وقالت شركة ميرسك الدنمركية، التي علقت عمليات الشحن في البحر الأحمر، إن سفنها ستبحر حول أفريقيا حتى إشعار آخر.
وأضافت ميرسك في بيان أن هذه العملية تمثل تطورا "إيجابيا"، لكنها أوضحت أنها تسعى للحصول على مزيد من التفاصيل حول سبل تنفيذ مهامها.
وقالت الشركة في بيان "مع زيادة عدد السفن المتضررة في المنطقة بصورة سريعة، سيكون من الضروري للتحالف الإسراع في المضي قدما من أجل تقليل التأثير السلبي المباشر على التجارة العالمية".
وقالت شركات دولية إنها تضع خططا للطوارئ. وقالت شركة إلكترولوكس السويدية إنها شكلت فرقة عمل لإيجاد طرق بديلة أو تحديد عمليات التسليم ذات الأولوية إذا لزم الأمر.
ولا تزال العديد من السفن الأخرى تبحر في البحر الأحمر. وأظهرت بيانات (إل.إس.إي.جي) وجود حراس مسلحين على متن عدة سفن تبحر الآن.
وقالت مصادر في القطاع إن تأثير الأزمة على التجارة العالمية يعتمد على مدة استمرارها لكن أقساط التأمين والمسارات الأطول ستكون من بين الأعباء الفورية.
وقال عدد من صانعي السياسات الاقتصادية إنه من السابق لأوانه تقييم الأثر المالي الأوسع، لكن القلق الرئيسي يكمن في ما إذا كانت هذه الاضطرابات ستصبح خطيرة بما يكفي لإشعال جولة جديدة من التضخم العالمي، في الوقت الذي بدأت فيه البنوك المركزية أخيرا في التغلب على ضغوط الأسعار بعد جائحة كوفيد-19.
ويمر نحو 12 بالمئة من حركة الشحن العالمية عبر قناة السويس، وهي أقصر طريق ملاحي بين أوروبا وآسيا، لتعبر بعد ذلك أيضا البحر الأحمر قبالة اليمن.
وفي العادة، تبحر نحو 11800 رحلة شهريا عبر قناة السويس، حوالي 393 رحلة يوميا، وفقا لتحليل أجرته رويترز لبيانات من شركة أبحاث سلسلة التوريد بروجيكت44.
استمرار الهجمات
قال أوستن يوم الاثنين إن إيران تقف وراء هجمات الحوثيين. وتنفي إيران تورطها لكنها تقول إنها تدعم حلفاءها الحوثيين.
وقال الدبلوماسي الأوروبي الذي رفض الكشف عن هويته إن قوة العمل تهدف إلى إرسال رسالة قوية إلى إيران ووكلائها. وأضاف "لا شك أن الحوثيين يتصرفون نيابة عن إيران".
وقال الحوثيون إن المبادرة الأمنية التي تقودها الولايات المتحدة لن تردعهم.
وقالت شركة أمبري البريطانية للأمن البحري يوم الثلاثاء إنها تلقت معلومات عن محاولة محتملة لاعتلاء سفينة على بعد 71 ميلا بحريا غربي مدينة عدن الساحلية باليمن مضيفة أن الهجوم لم ينجح وأن جميع أفراد الطاقم بخير.
ويحجم العديد من الحلفاء العرب الرئيسيين للولايات المتحدة حتى الآن عن الانضمام. وذكرت صفحة رسمية على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الثلاثاء إن وزير الدفاع البحريني اجتمع مع نظراء غربيين لبحث الأمن البحري، لكنها لم تذكر تفاصيل أخرى.
المصدر: رويترز