كشفت إجراءات أقرها الانقلابيون الحوثيون مؤخرا عن سيرهم باتجاه فصل العملية التعليمية عن المناطق المحررة الخاضعة لسيطرة الشرعية وسط تحذيرات من خطورة هذه الخطوة على الوحدة الوطنية ومستقبل التعليم في اليمن.
ومن المقرر أن يبدأ مئات الآلاف من طلاب المرحلتين الأساسية والثانوية في المناطق المحررة عامهم الدراسي الجديد من الأحد القادم الموافق 25-9-2016، وفقا للتقويم المدرسي الرسمي المقر من وزارة التربية والتعليم، فيما خالفت الميليشيات الانقلابية ذلك، وأقرت بدأ الطلاب في المناطق الخاضعة لسيطرتها، عامهم الدراسي مطلع أكتوبر القادم.
وحصل (يمن شباب نت) على نسختين من التقويم المدرسي للعام 2016 - 2017 الذي أقرته وزارة التربية والتعليم في عدن والتقويم الذي أقرته مليشيات الحوثي في صنعاء. والذي كشف سير الانقلابيون في فصل العملية التعليمية لأول مرة منذ العام 1990 قبل إعلان قيام الوحدة اليمنية.
هكذا بدأ الفصل بعد عامين على تطييف التعليم
وقد ظهرت عملية الفصل هذه من خلال المخالفات التي أحدثوها في إطار التقويم المدرسي للعام الدراسي القادم. وطبقا للتقويم الرسمي (الصادر بتاريخ 8 أغسطس بتوقيع نائب وزير التربية والتعليم)، فإن وزارة التربية والتعليم الرسمية أقرت تحديد 181 يوما للعام الدراسي الجديد، يبدأ في 25 سبتمبر وينتهي في 11 مايو 2017، فيما قرر فرع الوزارة في صنعاء، الخاضعة لمليشيا الحوثي، تحديد 193 يوما يبدأ مطلع أكتوبر وينتهي في 31 مايو 2017م، كما يظهر في التقويم المدرسي الخاص بهم والصادر بتاريخ 17 سبتمبر بتوقيع ما يسمى بالقائم بأعمال وزير التربية والتعليم، المعين من جهتهم بعد الانقلاب على السلطة الشرعية.
وتصل أيام العام الدراسي بالكامل، مع الاعداد والتهيئة والاجازات الأسبوعية والسنوية إلى (244) يوما في التقويم المدرسي المحدد من قبل وزارة التربية والتعليم الرسمية، بالعاصمة المؤقتة عدن، بينما تصل إلى (297) يوما في تقويم الانقلابين بصنعاء.
وفيما حددت وزارة التربية الرسمية أيام الإجازات والعطل بـ(63) يوما، بضمنها عيد "ديني" واحد فقط هي إجازة العام الهجري الجديد في الفصل الدراسي الأول، رفعها الانقلابيون إلى (74) يوم، مع مناسبتين "دينيتين" في الفصل الدراسي الأول (ينتهي في 7 جماد أول 1438، الموافق 4 فبراير 2017، في تقويمهم الدراسي). وحددت الحكومة الشرعية خمسة أعياد وطنية، ثلاثة في الفصل الأول وأثنين في الفصل الثاني، بينما قصرها الانقلابيون على عيدين في الفصل الأول وعيد وطني واحد في الفصل الثاني.
يأتي ذلك، في سياق مواصلة الإجراءات التي يتخذها الانقلابيون لفرض سيطرتهم على العملية التعليمية في البلاد، بعد أن عملت ميليشيات الحوثي خلال الفترة الماضية على إجراء تغييرات على المناهج بما يخدم توجهها الطائفي. إضافة إلى أنها – وفي هذا الصدد أيضا - ذهبت إلى محاولات حثيثة في تسييس العملية التعليمية بشكل واضح من خلال القيام بحملات منظمة لقياداتهم إلى المدارس بهدف التعبئة العامة للطلاب للاصطفاف معهم ضد النظام الشرعي الذي انقلبت عليه، كما حدث العامين الماضيين، واللذين شهدا محاولات لإجبار طلاب المدارس – في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرتهم -على ترديد الصرخة، بل وإضافتها إلى جدول طابور الصباح في بعض المدارس بالتهديد والقوة، كما قامت بتغيير مدراء بعض المدارس بآخرين من أتباعهم أو موالين لهم، وخصوصا في المدارس التي وجدوا فيها معارضة لتوجهاتهم الطائفية والسياسية.
تعزيز ثقافة الانقسام والكراهية
وحذر رئيس مركز الإعلام التربوي أحمد البحيري من "خطورة تحويل المدارس والمؤسسات التعليمية إلى وسيلة لتكريس الانقسام وتعزيز ثقافة الحرب والكراهية بعد أن أفرغت من دورها التربوي".
وقال، في تصريحات لـ"من شباب نت": إن "فصل العملية التعليمية لا تخدم التعليم وسيكون لها تداعيات خطيرة على المستويين القريب والبعيد"، مضيفا في حديث لـ "يمن شباب نت": أن "هذه الخطوة ستضع آلاف الطلاب - خصوصا مع حالات النزوح المرتفعة والمتواصلة - أمام تعقيدات وتحديات كبيرة، إضافة الى التحديات التي ستقف أمام المعلمين وتعرضهم للابتزازات جراء تضارب القرارات".
ونبه البحيري الى أن مثل هذه الإجراءات تكرس مخاطر عميقة على المستوى البعيد، تتمثل في عدم قدرة النظام التعليمي على التعافي بعد الحرب، وتكرس لتكرار دورات الحرب في المستقبل وإخراج جيل مفخخ بالكراهية.
وأشار البحيري، ضمن حديثه لـ"يمن شباب نت" أن طبيعة الأوضاع التي تعيشها البلاد سبب في هذا الانقسام، إلا أنه عاد وقال: إن ضعف آليات الحماية والاختلالات الادارية خلال فترة حكم "المخلوع" صالح داخل وزارة التربية والتعليم واعتماده للمعايير السياسية لعبت دورا كبيرا في التعينات والترقيات داخل الادارات التربوية مما خلق نظاما تعليميا هشا.
الحرب تدمر التعليم
ويحل العام الدراسي الجديد فيما تعيش البلاد أوضاع حرب للعام الثاني على التوالي نتيجة الانقلاب الذي قادته مليشيات الحوثي والمخلوع صالح في 21 سبتمبر 2014م.
وبحسب أحدث تقارير الأمم المتحدة عن التعليم في اليمن، فإن هناك ما يقرب من (1300) مدرسة تعرضت للتدمير جراء الحرب، في حين أغُلقت (3600) مدرسة قبل نهاية العام الدراسي لعام 2015، وهو ما يعادل 70% من إجمالي المدارس.
أما مركز الإعلام التربوي فيؤكد أن الحرب التي تشهدها اليمن تسببت في حرمان 1.3 مليون طالب في سن التعليم العام من مواصلة تعليمهم، أي بمعدل طالب من بين كل خمسة طلاب، وبنسبة 22% من إجمال من وصلوا سن التعليم.
وذكر تقرير للمركز أنه ووفق قراءته للعام الدراسي المنصرم فإن 40% فقط من المعلمين وموظفي التعليم هم من تمكنوا من أداء عملهم، وأن الساعات الدراسية التي تلقاها الطلبة أقل من المتوسط العام على المستوى الوطني.