اعتبرت دراسة بحثية جديدة أن دعوة المجلس الانتقالي" للِّقاء التشاوري جاءت ضمن نهج عام يصرُّ على تنفيذ الأجندة الخاصة بالمجلس، مِن خلال تبنِّي موقف مغاير لسياسات مجلس القيادة الرئاسي وأولوياته في هذه المرحلة الحساسة، ومِن ذلك رفضه التَّوافقات حول وثيقة الإطار العام للرؤية السياسية لعملية السلام الشاملة خلال الفترة المقبلة.
وقالت الدراسة الصادرة عن مركز المخا للدراسات الاستراتيجية إن التوقيع على ما سُمِّي بـ"الميثاق الوطني الجنوبي"، وإصدار عيدروس الزُّبيدي، رئيس "المجلس الانتقالي"، قرارات إعادة هيكلة المجلس، والتي تضمنت تعيين عضوين جنوبيين مِن مجلس القيادة الرئاسي نائبين له، زاد مِن هواجس المتمسِّكين بخيار الوحدة اليمنية مِن وقوف دول إقليمية خلف تلك القرارات والقبول بها.
وأضافت أن تلك القرارات ترتِّب لمسار خطير يستهدف وحدة واستقرار اليمن، خاصة وهما لم يعتذرا عن قبول التعيين حتى اللحظة.. في حين أبدت قوى سياسية جنوبية فاعلة رفضها للمشاركة في اللقاء التشاوري الذي عُقِد في عدن، خلال الفترة 4- 6 مايو الجاري.
وأشارت الدراسة الى ان عدَّة عوامل أسهمت في رفض القوى الجنوبية المشاركة في اللِّقاء التشاوري، منها طبيعة المجلس الانتقالي الذ تنحدر معظم تركيبته مِمَّا يُطلق عليه بـ"المثلث"، أي: الضالع، ويافع، وردفان إضافة الى ارتباط المجلس الوثيق بأجندة خارجية (الإمارات).
وأوضحت أن المجلس صنيعة إماراتية، وأداة وظَّفتها للتَّنكيل ضدَّ خصومها، واجتثاث القوى السياسية والمكوِّنات الدينية والمجتمعية التي لا تتَّفق معها، وفي طليعتها حزب "الإصلاح"، والشَّخصيات السلفية التي لا تتماهى مع سياسات أبو ظبي، فضلا عن النزعة نحو الهيمنة والمخاوف من فرض رُّؤيته السياسية.
وتعتقد الدراسة أيضا ان من أسباب عزوف كثير من القوى الجنوبية عن المشاركة في اللقاء التشاوري هو التنافس بين دولتي التحالف في إشارة الى السعودية والامارات.
وفي سياق تداعيات هذه التطورات اعتبرت الدراسة القرارات التي أصدرها الزبيدي والتي قضت بتعيين عبدالرحمن المحرمي، عضو مجلس القيادة الرئاسي وقائد قوات العمالقة، وفرج البحسني، عضو مجلس القيادة الرئاسي نوَّابًا لرئيس المجلس اختراقًا وازنًا للشرعية.
فإلى جانب إضافة عضوين في مجلس القيادة الرئاسي إلى عضوية "الانتقالي"، فهو يعني أيضا إلحاق قوات العمالقة بالمجلس، وإحداث اختراق في الموقف الحضرمي الرافض لمساعي "الانتقالي" للسيطرة على المحافظات الجنوبية، كما أنَّه يؤشِّر لإمكانية وجود مخطط يستهدف وحدة واستقرار اليمن.
وعزت الدراسة جرأة المجلس الانتقالي الى الاقدام على هذا الأمر الى تواطؤ الجانب السعودي. كما أنَّ الجمود في ملف المفاوضات مع جماعة الحوثي دفع الرياض لغضِّ الطرف عن تلك التطورات، مع ما في ذلك مِن مخاطر كبيرة على وحدة اليمن وأمن السعودية على السواء بحسب الدراسة.
وخلصت الدراسة الى أن هذه التطورات من شانها ان تزيد التهديدات الجدية لوحدة اليمن وتعمل على إرباك -وربَّما- تفكُّك مجلس القيادة الرئاسي فضلا عن تقويضها لفرص السلام في اليمن.
وحذرت من أن إضعاف مجلس القيادة الرئاسي مِن شأنه أن يعمِّق الاختلال في توازن القوى لصالح جماعة الحوثي، وقد يدفع الحوثيين إلى رفع سقف اشتراطاتهم، ويمنع انخراطهم الجدِّي في مباحثات السلام، ويسهم في تقويض فرص السلام المحدودة المتوافرة حاليًا.