استبعد معهد دراسات أمريكي، انسحاب السعودية من اليمن بمجرد التعامل مع إيران وحلفائها الحوثيين، مشيراً إلى تعقيدات الصراع في البلاد وارتباطه بعوامل إقليمية ودولية مختلفة.
وقال معهد دول الخليج العربي بواشنطن، إن رهان السعودية على أن التعامل مع إيران والحوثيين سيسمح لها بإخراج نفسها من اليمن يعد تصورا قصير النظر في أحسن الأحوال، لافتاً إلى أنه وفي حين أن الانسحاب السعودي من غير المرجح أن ينهي الحرب الأهلية في اليمن، فمن المرجح أن يمضي السعوديون قدماً إذا تمكنت إيران من إبقاء الحوثيين داخل اليمن فحسب.
وأضاف: "مثل هذه الصفقة لن تنهي الحرب الأهلية الكامنة في اليمن، حيث أن الحوثيين ليسوا على وشك التوقف عن قتال خصومهم في اليمن، بغض النظر عن الصفقة التي توقعها الجماعة مع السعودية، وهذا الواقع خطير بالنسبة للمملكة، التي يمكن أن تجد نفسها بسهولة منغمسة في الصراع في اليمن".
وتساءل الكاتب جريجوري دي جونسون "ماذا سيحدث لو سحبت السعودية قواتها وغطائها الجوي من مأرب، وتمكن الحوثيون من الاستيلاء على المحافظة وحقول النفط والغاز التي كانوا يطمحون إليها منذ سنوات؟ أو ماذا لو تحرك الحوثيون جنوباً إلى شبوة - محافظة أخرى بها حقول النفط والغاز - وعزلوا حضرموت عن عدن؟
وأضاف: "إذا حدث ذلك، فهل ستكون السعودية قادرة على البقاء على الهامش؟".
ورجح الكاتب أن يستمر القتال بين الحوثيين وبين الحكومة المعترف بها دوليا، مع إمكانية أن يتصاعد في أعقاب الانسحاب السعودي المفترض.
وفي مثل هذا السيناريو، لا سيما إذا بدأ الحوثيون في الاستيلاء على الأراضي، يرى "جونسون"، أن المملكة العربية السعودية قد تجد نفسها منغمسة من جديد في الصراع، حيث تشترك في حدود طويلة مع اليمن، مشيرا إلى الفرق بين وجود مناطق تحت سيطرة الحوثيين، وبلد كامل تحت سيطرتهم.
وقال الكاتب بأنه من المفهوم أن المملكة العربية السعودية في حاجة ماسة للخروج من اليمن، لكن المقامرة بأن إنهاء الحرب الإقليمية في اليمن سيحد بطريقة ما من الحرب الأهلية هو "رهان سيء".
وأضاف أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يراهن على إمكانه إبرام صفقات ووضع اليمن في الهامش وهذا خطأ، على حد وصفه.
وتابع: لدى محمد بن سلمان "خطط تنمية اقتصادية طموحة" للمملكة العربية السعودية، بدءًا من نيوم، المدينة المستقبلية المخطط لها في المملكة العربية السعودية، وشركة طيران جديدة إلى ترجمة الثروة النفطية إلى نفوذ سياسي، لكن لتحقيق كل هذا، تحتاج المملكة العربية السعودية إلى بيئة أمنية مستقرة، مما يساعد في تفسير سبب عقده صفقة مع إيران والتحدث مع الحوثيين.
وأشار جونسون، إلى أن محمد بن سلمان، يبدوا أنه يعتقد أيضًا أنه في عصر "المنافسة الاستراتيجية" يمكن للمملكة العربية السعودية أن تربح أكثر من التلاعب بالولايات المتحدة والصين ضد بعضهما البعض أكثر مما يمكنها من مواءمة نفسها مع شريك واحد كما فعلت في الماضي، مستدركاً: لسوء حظ المملكة العربية السعودية، قد لا يكون من السهل مغادرة اليمن.
ولفت إلى ما يحدث الآن مشابه لما حدث مسبقا حين وضعت المملكة جدول زمني مفرط في التفاؤل واستراتيجيتها حين تدخلت في اليمن، واصفا ذلك بـ "خطأ في التشخيص".
وختم بالقول: تنظر المملكة العربية السعودية إلى اليمن وترى حربًا واحدة، بينما في الواقع هناك ثلاثة: الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد القاعدة والدولة الإسلامية، والتنافس الإقليمي السعودي الإيراني، والحرب الأهلية اليمنية المحلية، ولكل من هذه الحروب جذور مختلفة ومسار مختلف، وما يصلح لإنهاء أحدها لن ينجح في إنهاء الأخرى.