دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد محمد العليمي، الأربعاء، إلى تصنيف عربي كامل لميليشيات الحوثي الانقلابية، كمنظمة إرهابية، دعماً لقرار مجلس الدفاع الوطني وبناء على الحقائق وقرار مجلس الجامعة.
وطمأن العليمي في كلمته أمام مؤتمر القمة العربية التي تستضيفها الجمهورية الجزائرية، المجتمع الاقليمي، والدولي من المخاوف المرتبطة بتداعيات التصنيف الإرهابي للميليشيات الحوثية .
وقال إن التحول في استراتيجية تعامل مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية مع هذه الجماعة الإرهابية يراعي كافة الشواغل وفق آليات مدروسة تأخذ بعين الاعتبار الحقائق والواقع الاقتصادي والاجتماعي والإنساني.
وأشار إلى أن هذه الجماعة الإرهابية تسببت في مقتل ووفاة نحو نصف مليون شخص بينهم نساء وأطفال، (...) وشرعت في تجريف هويتنا الوطنية، وسحقت الحقوق والمكاسب المجتمعية، ومناخ التعايش، والتعدد.
وأضاف رئيس المجلس الرئاسي، أن أكثر من 80 بالمائة من ابناء شعبنا ينتظرون اليوم المساعدات من الوكالات الاغاثية، في ظل تعنت المليشيات الإرهابية ورفضها كل الجهود والمساعي الحميدة لإنهاء هذه المعاناة.
وأشار إلى تباهي هذه الجماعة الإرهابية باستهداف المنشآت المدنية والاقتصادية في اليمن، وعبر الحدود، وتطوير اساليب إرهابية لتهديد الملاحة البحرية.
وأكد أنه آن الأوان للقيام بعمل عربي جماعي في اليمن قائم على حقائق التهديد للامن القومي، ومحاولات سلخ بلدنا عن نسيجه الخليجي والعربي، وتحويله الى نقطة انطلاق ايرانية لتهديد الامن القومي العربي، وامدادات الطاقة العالمية.
وشدد على أن حرمان هؤلاء الإرهابيين من ملاذات آمنة ومنابر تعبوية، وتجفيف مصادر تمويلاتهم، وتفكيك اديولوجياتهم الخادعة سيكون بداية الطريق لهزيمتهم واستعادة مسار السلام الحقيقي والمستدام.
كما شدد العليمي، على أن ذلك لن يكتمل دون مواجهة وعزل النظام الإيراني الذي يمنح الإرهابيين الملاذ، والسلاح، والمال، والإعلام.
وأكد على ضرورة دعم كافة الجهود لمنع التدخلات الإيرانية المدمرة في شؤون اليمن، بما في ذلك التصدي لشحنات الأسلحة، ونقل الخبرات العسكرية، والأفكار الهدامة التي توثقها ادلتنا الدامغة، والتقارير الدولية المتعاقبة، لافتا إلى أن المشكلة ليست مع الشعب الإيراني الذي يتحمل الآن كل المتاعب الناجمة عن مغامرات نظامه العبثية.
وفيما يلي نص الكلمة:
كلمة فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي امام مؤتمر القمة العربية
(الجزائر 1 - 2 نوفمبر 2022)
اخي فخامة الرئيس عبد المجيد تبون
اصحاب الجلالة والفخامة والسمو
معالي الامين العام لجامعة الدول العربية احمد أبو الغيط
اصحاب المعالي والسعادة
الحضور جميعا
اود في البداية ان أعرب عن بالغ التقدير للجمهورية الجزائرية الشقيقة رئيساً وحكومةً وشعبا على حسن الاستقبال وكرم الوفادة، والجهود المبذولة كافة لإنجاح هذه القمة التي يتزامن انعقادها مع ذكرى ثورة التحرير المجيدة في هذا البلد العروبي العزيز.
كما اتوجه بالشكر والتقدير الى فخامة الرئيس قيس سعيد والحكومة التونسية على ما بذلوه من جهد خلال رئاسة تونس للدورة السابقة ومساعيهم المقدرة لتعزيز العمل العربي المشترك في مرحلة عصيبة من تاريخ امتنا.
واود التعبير ايضاً عن تقديرنا لجهود الأمين العام أحمد ابو الغيط، وكافة مساعديه وكادر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، ومواقفهم في الدفاع عن مصالح شعبنا، وامتنا، والامن القومي العربي.
واسمحوا لي اخواني اصحاب الجلالة والفخامة والسمو، ان أعرب لكم عن عميق امتناننا لوقوفكم الثابت الى جانب شعبنا وقيادته الشرعية، على امل ان تمثل هذه القمة تحولاً حاسماً نحو استعادة الامن والاستقرار وانهاء المعاناة الإنسانية التي طال امدها في بلادنا.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
اصحاب المعالي،
كان يحدوني الامل في ان احمل اليكم من بلدنا المنكوب اخبارًا سارة، بعدما حاولنا مع حلفائنا وشركائنا احياء مسار السلام بالموافقة على الهدنة الانسانية التي رعتها الأمم المتحدة، وتمديدها لفترتين متتاليتين.
في خضم ذلك الزخم لمسار التهدئة، المدعوم باستجابتنا الكاملة لكافة بنود الهدنة، سادت روح جديدة من التفاؤل في ارجاء البلاد بعد ثماني سنوات من الجمود، لكن هذا الامل سرعان ما تبدد كما كان متوقعا، عندما اختارت الميليشيات الحوثية الإرهابية مجدداً التصعيد على نحو غير مسبوق، تماهياً مع استراتيجية النظام الايراني التوسعية في المنطقة.
ففي غضون ستة أشهر من الهدنة المنهارة، وهو عمر مجلس القيادة الرئاسي الذي اتحدث باسمه اليوم نيابة عن اخواني اعضاء المجلس، والشعب اليمني، التزمت حكومتنا بكافة شروط الهدنة، وما تزال ملتزمة بها حتى اليوم، رغم رفض المليشيات الارهابية تجديد الهدنة، وعدم وفائها بالتزامها المتعلق بفتح طرق مدينة تعز المحاصرة منذ سبع سنوات.
وكانت آمال شعبنا تتطلع الى خطوة اخرى في مسار السلام تعود بمزيد من الفوائد لشعبنا اليمني من خلال تجديد الهدنة لمدة ستة أشهر إضافية متضمنة وجهات سفر جديدة، ودفع رواتب الموظفين وفقًا لكشوفات عام2014م، في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرة المليشيات الارهابية.
لكن تلك المليشيات تهربت من هذه الاستحقاقات برفض تجديد الهدنة واستهداف مينائي الضبة والنشيمة في محافظتي حضرموت وشبوة في عمل ارهابي ادى الى وقف صادرات الميناءين الحيويين، سعياً منها لإغراق البلاد في ازمة اقتصادية وانسانية شاملة، واعاقة عجلة الإصلاحات الخدمية والمعيشية التي بدأها مجلس القيادة الرئاسي والحكومة خلال الأشهر الماضية من عمر المجلس.
وفوق ذلك ما تزال هذه المليشيات تعلن عن تهديدات يومية للمنشآت الاقتصادية الوطنية، والبنى التحتية المدنية في عموم اليمن، ودول الجوار التي كانت في صدارة قيادة الجهود الرامية الى احلال السلام والاستقرار واستعادة مؤسسات الدولة اليمنية وفقاً للمرجعيات المتفق عليها وطنياً واقليمياً ودوليا.
ولهذا بادرنا الى تعديل استراتيجيتنا للتعامل مع هذه الجماعة المتطرفة بتصنيفها منظمة ارهابية، وندعوكم اشقاءنا الكرام لفعل الشيء نفسه، بناء على الوقائع، وتأكيداً على قرار مجلس الجامعة رقم 8725، على مستوى المندوبين الدائمين الصادر بتاريخ 23 يناير من العام الجاري، والمصادق عليه في وقتٍ لاحق من قبل المجلس الوزاري الذي يطالب الدول كافة بتصنيف هذه الجماعة منظمة إرهابية.
اصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
اصحاب المعالي والسعادة،
انني على إدراك بالتساؤلات والمخاوف التي يطرحها البعض بشأن تداعيات التصنيف الإرهابي للمليشيات الحوثية، لكن هذا التحول في استراتيجيتنا للتعامل مع هذه الجماعة يراعي تلك المخاوف وفق آليات مدروسة تأخذ بعين الاعتبار الحقائق والواقع الاقتصادي والاجتماعي، والشواغل الانسانية، والقيم والمبادئ، والمصالح المشتركة التي تأسست عليها هذه الجامعة قبل 77 عاما.
ومن بين تلك الحقائق ان هذه الجماعة الارهابية تسببت في مقتل ووفاة نحو نصف مليون يمني بينهم نساء واطفال، وشردت حوالي خمسة ملايين اخرين في انحاء البلاد وعبر الاقطار والقارات، وزرعت ملايين الالغام، والعبوات والمتفجرات المحرمة دوليا، ودفعت بآلاف الأطفال والشباب جنودا الى محارق الموت، وشرعت في تجريف هويتنا الوطنية، وسحقت الحقوق والمكاسب المجتمعية، ومناخ التعايش والتعدد الذي ساد بلدنا على مر التاريخ.
اضافة الى ذلك، فان أكثر من 80 بالمائة، من أبناء شعبنا ينتظرون اليوم المساعدات من الوكالات الاغاثية، في ظل تعنت المليشيات الإرهابية ورفضها كل الجهود والمساعي الحميدة لإحلال السلام ووقف الحرب وانهاء المعاناة.
وعلاوة على ذلك تتباهى هذه الجماعة الارهابية باستهداف المنشآت المدنية والاقتصادية في اليمن، وعبر الحدود، وتطوير اساليب إرهابية لتهديد الملاحة البحرية، بدءاً بالزراعة العشوائية للألغام في الممرات الملاحية الدولية، ومهاجمة الناقلات التجارية بالطائرات المسيرة والقوارب المفخخة، والصواريخ الموجهة، وصولاً الى أعمال القرصنة واختطاف السفن، والمناورة والابتزاز، والتسويف بإنهاء خطر الخزان العائم صافر، الذي تهدد بكارثة بيئية كبرى في المنطقة.
وحتى تلك الفوائد المأمولة من الهدنة الإنسانية عملت المليشيات الارهابية على تقليصها بمنع النساء من السفر عبر الرحلات الجوية، واستمرار رعاية الاسواق السوداء للمشتقات النفطية، رغم السماح بتدفق مئات الآلاف من اطنان الوقود.
وعلى مدى ثمان سنوات تنصلت المليشيات الإرهابية عن جميع التزاماتها بما فيها اتفاق ستوكهولم، الذي يشمل إطلاق سراح الاف المحتجزين تعسفياً، والمختطفين والمخفيين قسراً، بل ذهبت الى الافراج عن المحكومين بقضايا الإرهاب، في تخادم صريح مع تنظيمي القاعدة وداعش.
ولهذا ايها الاخوة، فإن الخسائر الحقيقية الناجمة عن هذه الحرب، والرؤية الارهابية الحوثية بشأن المستقبل، لا يمكن أن نحصرها فقط بعدد القتلى، والمدن المحطمة، ولكن ايضا بالأرض الملغومة، وفرص واحلام اجيالنا الضائعة، وهويتنا، وامننا القومي المحفوفين بخطر تغليب مصلحة النظام الايراني على حساب مصالح شعبنا، وامتنا العربية.
لذلك فقد آن الآوان للقيام بعمل عربي جماعي في اليمن يتصدى للمشروع الانقلابي التخريبي القائم على الخرافة والعنصرية، ومحاولات سلخ بلدنا عن نسيجه الخليجي والعربي، وتحويله الى نقطة انطلاق ايرانية لتهديد الامن القومي العربي، وامدادات الطاقة العالمية.
ان حرمان هؤلاء الارهابيين من ملاذات آمنة ومنابر تعبوية، وتجفيف مصادر تمويلاتهم، وتفكيك ايديولوجياتهم الخادعة سيكون بداية الطريق لهزيمتهم واستعادة مسار السلام الحقيقي والمستدام، على ان ذلك لن يكتمل دون مواجهة وعزل النظام الايراني الذي يمنح هؤلاء الارهابيين الملاذ، والسلاح، والمال، والاعلام.
وانني اغتنم هذه الفرصة والقمة الرفيعة لقادة امتنا العربية الكرام للتأكيد على ضرورة دعم كافة الجهود لمنع التدخلات الايرانية المدمرة في شؤون بلدنا، بما في ذلك التصدي لشحنات الاسلحة، ونقل الخبرات العسكرية، والافكار الهدامة التي توثقها ادلتنا الدامغة، والتقارير الدولية المتعاقبة.
واسمحوا لي انطلاقاً من روح هذه الحقيقة، ان اتحدث بمنتهى الصراحة انه لم تكن لدينا اي مشكلة مع إيران وشعبها الذي يتحمل الان كل المتاعب الناجمة عن مغامرات نظامه العبثية.
ان مصلحة إيران هي في الشراكة مع جيرانها والمجتمع الاقليمي والدولي، والتركيز على خدمة ورفاهية مواطنيها، والكف عن تبديد مواردهم ومقدراتهم فيما يزعزع امن واستقرار، وسيادة الشعوب والدول.
ان الكلمات وحدها لا تكفي ايها الاخوة لوصف حجم المخاطر المحدقة بأمننا القومي، وهو ما يتطلب منا حشد كافة الطاقات، والعمل بيقظة تامة على مدى السنوات المقبلة، لإني أدرك تماماً ان ما يواجهه اليمن اليوم، وبلدان اخرى في المنطقة، هي تحديات مشتركة وفي حال تقاعسنا عن التصدي لها، فسيلحق بنا الضرر جميعا دون استثناء.
اصحاب الجلالة والفخامة والسمو؛
اصحاب المعالي والسعادة؛
الحضور جميعا؛
يأتي انعقاد هذه القمة في ظروف استثنائية بالغة التعقيد وفي المقدمة الحرب في اوكرانيا، والتغييرات المناخية، وتداعياتها على امننا الغذائي، خصوصاً اقطارنا التي تشهد نزاعات مسلحة وازمات انسانية من صنع جماعات متمردة على الاجماع الوطني.
وقد كانت استجابة هذه القمة الموقرة لملف التحديات المحدقة بأمننا القومي، عملاً رائعاً، حيث تتطلع شعوبنا الى معالجات جماعية لتامين غذائها والحد من تداعيات هذه الازمات المتشابكة على مستويات المعيشة والتدفق الآمن للغذاء والسلع الاساسية.
ولا شك ان تداعيات هذه المتغيرات، كانت أكثر وضوحاً وتشعباً، وعمقا على أمن الغذاء في اليمن الذي يستورد نحو 45 بالمائة من احتياجاته للقمح الاوكراني والروسي.
ولذلك فإنني اضم صوتي الى الاصوات الداعية لتفعيل دور مؤسساتنا العربية المشتركة، بما في ذلك البناء على المبادرات والمقترحات الرامية لإنشاء تكتل اقتصادي ضامن للأمن الغذائي العربي، والحد من الاثار المدمرة للازمات الدولية الراهنة، خصوصا على البلدان الاكثر هشاشة، كجزء من استراتيجية عربية شاملة للتنمية والاستثمار في مواردنا المتاحة.
اصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
اصحاب المعالي والسعادة،
الاخوة والاخوات الحضور جميعا..
بعد أكثر من سبعة عقود على تأسيس هذه المنظمة العريقة ما تزال فلسطين وستظل قضية العرب المركزية، ورمز لأطول نضال في التاريخ من اجل الحرية والاستقلال، وبناء الدولة الفلسطينية المنشودة.
لذلك فإننا نجدد التأكيد على موقفنا الثابت من القضية الفلسطينية العادلة، التي ستحظى بدعمنا السياسي الكامل في مختلف المحافل، وفقاً لحل الدولتين والمبادرة العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، كما تؤيد الجمهورية اليمنية حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
كما تلتزم الجمهورية اليمنية كعضو مؤسس باستمرار دعم جامعة الدول العربية، والترحيب بكافة المبادرات لتعزيز مكانتها كمظلة وبيت لكل العرب وفضاء مشترك لتوحيد الكلمة وتنسيق الجهود حفاظاً على مصالح امتنا وازدهارها، وامنها القومي.
وانني اجدها مناسبة في هذا السياق للتعبير عن امتناننا العميق لأشقائنا في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة الذين سالت دماؤهم معنا، دفاعاً عن ارضنا ومصالحنا ومؤسساتنا، واعادة بناء خدماتنا، وتوحيد صفوفنا، والذود عن الامن القومي العربي، تأكيداً لمعاني التضامن والتكامل التي أكد عليها ميثاق جامعة الدول العربية.
اصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
الاخوة والاخوات الحضور جميعا..
لقد كان من دواعي سروري انني التقيت بعدد من الزعماء والقادة المتواجدين معنا هنا اليوم.. وانني واخواني اعضاء مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة نتطلع الى دعمكم جميعاً لجهود استعادة مؤسسات الدولة، وتخفيف المعاناة الانسانية، واقرار الآليات الجماعية المناسبة على هذه الصعد، وبعون الله ستمثل هذه القمة في ارض الجزائر العزيزة بداية لصنع التحول واستعادة الريادة العربية، وان يتم تذكرها باعتبارها قمة السلام، والتضامن، ولم الشمل، والموقف الحازم لحماية مصالح الامة العربية وامنها القومي.
كل الشكر لكم مجدداً اخي فخامة الرئيس عبد المجيد تبون...
وكل الامنيات بالتوفيق والنجاح لهذه القمة لما فيه خير وازدهار الامة ومصالحها المشتركة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته