بعد نجاح الجهود الأممية في تمديد الهدنة في اليمن انتعشت آمال المواطنين من جديد في سلام شامل ينقذ البلاد من مآسي حرب تسببت في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم.
غير أن المخاوف من انهيار الهنة الجديدة لا يزال هاجسًا لدى غالبية السكان، بعد الإخفاق الذي لازم الهدنة السابقة.
ومطلع يونيو/ حزيران الجاري، وافقت الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، على تمديد هدنة إنسانية في البلاد لمدة شهرين، بعد انتهاء سابقة بدأت في 2 أبريل/ نيسان الماضي دون نجاح.
مشاكل الهدنة السابقة
وكيل وزارة حقوق الإنسان نبيل عبدالحفيظ، قال للأناضول، إن "مماطلة جماعة الحوثي في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الأطراف اليمنية أدى لإفشال الهدنة السابقة".
وأضاف: "قبل الحديث عن الهدنة الجديدة يجب أولا تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الهدنة السابقة وإلزام مليشيات الحوثي بما هو مطلوب منها".
وأوضح: "الحكومة الشرعية التزمت ببنود الهدنة وعملت على تحقيق ما جاء فيها، لاسيما فيما يخص فتح ميناء الحديدة لإيصال السفن المحمّلة بالمشتقات النفطية، وفتح مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية للحالات الإنسانية إلى مطاري عمّان، والقاهرة".
وأشار عبد الحفيظ إلى أن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا سعت للتخفيف من معاناة المواطنين باستجابتها لضغوطات المبعوث الأممي وسماحها باستخدام جوازات سفر صادرة من مصلحة الجوازات في صنعاء التابعة للحوثيين".
وتابع: "مليشيات الحوثي خلال فترة الهدنة السابقة ارتكبت أكثر من 6 آلاف خرق، ما يعني 100 خرقًا يوميًا، وهذا يؤكد عدم جديتها في تنفيذ بنود الهدنة".
اختبار للأمم المتحدة
واعتبر عبدالحفيظ الهدنة الجديدة "اختبارًا حقيقيًا لقدرات المبعوث الأممي في التحقق من جدية مليشيات الحوثي في العمل على تخفيف معاناة المواطنين والتوجه نحو الحل السياسي الشامل وفق المرجعيات الثلاث المتفق عليها في مؤتمر الحوار الوطني".
وطالب الأمم المتحدة باتخاذ قرارات رادعة ضد جماعة الحوثي، قائلا: "أي تلاعب من هذه المليشيات يعتبر خروجًا عما تم الاتفاق عليه".
وأضاف: "أهم قرار لا بد من تفعيله هو إدراج هذه المليشيات ضمن الجماعات الإرهابية"، وتابع: "بغير هذا التصنيف ستظل المليشيات تتلاعب بالمجتمع الدولي".
وزاد عبد الحفيظ بالتوضيح: "اليمن بحاجة ماسة إلى التعامل الدولي مع المشكلة وليس مع نتائجها".
ثقة مطلوبة
من جهته، قال المحلل السياسي وضاح اليمن الحريري، في حديثه للأناضول، إن رفع الحصار عن مدينة تعز وفتح الطرق المغلقة أبرز الخطوات المنتظرة من الهدنة الجديدة.
وأضاف: "ننتظر أيضا تنفيذ الاجراءات الأخرى المتعلقة بالجانب الانساني بما يؤدي إلى تقارب وتبادل للثقة يمهدان لجولة من المفاوضات تقود إلى تسوية نهائية وشاملة للحرب بهدف إنهائها".
وأشار إلى أن "الحكومة الشرعية تسعى إلى تنفيذ هذه الإجراءات المهمة بكل جدية لإبداء رغبتها في السلام، بينما يسعى الحوثيون فقط لتنفيذ ما يتناسب مع إطالة فترة بقائهم في السلطة والخروج بمكتسبات أكثر مقابل تقديم تنازلات أقل".
وأوضح الحريري أن الهدنة السابقة "لم تنفذ بكامل بنودها، ما خلق جملة من التعقيدات أضيفت إلى المرحلة الثانية من الهدنة".
وزاد: "ننتظر من المجتمع الدولي ممارسة ضغوط أكثر على الجهات المعطلة لاتفاق الهدنة والمعرقلة لإتمام إجراءاتها، بما يهيئ لمناخات سلام مناسبة للقيام بجولة مفاوضات جديدة".
وتابع: "الأمم المتحدة ملزمة بالكشف عن المعطلين الحقيقيين لتنفيذ الهدنة ومراقبة جدية لتنفيذها والحزم في متابعة سيرها وتنفيذ بنودها كاملة، في كل المسارات الانسانية والسياسية والعسكرية".
اتهامات بالتعنّت
بدوره، اتهم عضو اللجنة الإشرافية لتبادل الأسرى في الحكومة اليمنية ماجد فضائل، جماعة الحوثي بالتعنت الشديد وعدم التعاون فيما يخص ملفات الأسرى والمختطفين.
وقال فضائل للأناضول: "تصر مليشيات الحوثي على المطالبة بأسماء لا وجود لها في ملفات الأسرى والمختطفين، بهدف عرقلة المفاوضات وعدم تنفيذ بنود الهدنة".
وأوضح أن مفاوضات فتح المعابر والطرق في تعز (جنوب غرب) فشلت، بينما "يتركز الضغط الدولي على الحكومة الشرعية فقط دون جماعة الحوثيين".
وأضاف: "سبق للحوثيين أن أعلنوا صراحة أنهم لن يفتحوا الطرق، لا بهدنة ولا بغيرها"، فيما لم يتسنّ الحصول على تعقيب فوري من جماعة الحوثي حول اتهامات فضائل.
وأشار فضائل إلى تعنت آخر يقوم به الحوثيون يخص صحفيين محكوم عليهم بالإعدام، موضحا أن "التعنت الحوثي مستمر في عدم إطلاق سراح الصحفيين الذين صدر بحقهم حكم بالإعدام في محاكمات غير قانونية، دون اكتراث بمناشدات المجتمع الدولي والمحلي بهذا الخصوص".
ومنذ أكثر من 7 سنوات، يشهد اليمن حربا مستمرة بين قوات الحكومة المعترف بها دوليا، والمدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران المسيطرين على محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014.
الأناضول