يعيش الشاب العشريني حسام الغزالي بين جدراي المعاناة والأمل، المعاناة التي ألمت به عندما فقد ساقه الأيمن بانفجار لغم أرضي زرعته ميليشيا الحوثي وصالح في إحدى تلال مدينة تعز ، والأمل الذي يتطلع إليه لعودة الوطن الذي وهبه في يوماً ما ساقة وعينيه.
حسام أصيب في 11مارس /آذار 2016م أثناء زيارته لإحدى التلال وتسمى تلة قاسم عقلان ، غرب مدينة تعز عقب تطهيرها من المليشيا انفجر به لغم أرضي من نوع فردي زرعه الحوثيون قبل انسحابهم من التله.
يتحدث عن هذه اللحظة " لم يكن في حسباني أنه يوجد ألغام في هذه المنطقة وبالأخص بعد تحريرها من مليشيا الحوثي وقوات المخلوع صالح ؛ بينما كنت أمشي وقعت رجلي حينها على جسم غريب انفجر على الفور أسفر عن فقدان ساقي الأيمن وفقدان حاسة البصر نتيجة الكمية الكبيرة التي يحتويها ألغم من الشظايا " .
وتابع في حديثه لــ "يمن شباب نت " ما حدث لي كان مروعاً وسبب لي صدمةً نفسية لازلت أتجرع أثرها حتى الان ، وفي الوقت الذي فيه تفتقر المستشفيات ومراكز الأطراف الصناعية إلى مراكز تأهيل وتدريب المعاقين تزداد حالتنا النفسية أكثر تدهوراً وقساوة ، لكن فرج الله قريب ".
ويستدرك قائلاً " أصبحنا نعيش في دائرة الخوف والقلق بسبب هذه الألغام خصوصاً المزروع منها في مناطق سكنية بالمدينة، لأنها ستضيف كل يوم أعداداً جديدة ومتزايدة من الضحايا المدنيين الذين لا ذنب لهم في هذه الحرب سوى أنهم أرادوا العيش بحرية وكرامة ".
كمية وأنواع الألغام
لم تكتفِ المليشيا بقصف المدنيين وإنما أيضا عمدت إلى استخدام الألغام كآلة للموت وحصد المزيد من أرواح المدنيين الأبرياء ، حيث أسفرت عن مقتل 12 شخصاً وإصابة أكثر من ثلاثون بينهم نساء وأطفال و واحد من أفراد وحدة نزع الألغام ، حسب احصائية عثر عليها موقع "يمن شباب نت ".
وقال العقيد مهندس / طاهر حُميد "رئيس البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام بتعز" : إن أبرز المناطق الملغومة بالمدينة في الجبهة الغربية المقبابه والمقهايه والضباب والسجن المركزي وجامعة تعز والمطار والمناطق المجاورة لجبل هان الاستراتيجي ، وأما بالنسبة للجبهة الشرقية فتعد المنطقة الأكثر فيها انتشاراً للألغام ، إضافة إلى المحور الشمالي للمدينة حيث تتواجد الكثير من الألغام في منطقة الزنوج ومدرسة أبو عبيدة التي تم السيطرة عليها مؤخراً وكانت تعد أحد مخازن للمتفجرات والألغام .
وأضاف لــ " يمن شباب نت " : "تمكنا حتى الآن من نزع قرابة أكثر من 1200 لغم، خلال فترة قصيرة ، ومن الصعب تحديد العدد الكلي للألغام التي زرعها الحوثيون، ولكننا نتوقع أن كميتها الضخمة قد يحتاج لعام للتخلص من الألغام بشكل نهائي ".
وأوضح أن جميع الألغام التي تم العثور عليها "ألغام محلية الصنع شديدة الانفجار وألغام مضادة للدبابات وكذلك ألغام من نوع فرديه صناعة ألمانية ونوع أخر اسمه BBM2 وغيرها من المسميات والأنواع التي زرعتها مليشيات الحوثي وصالح على مداخل بعض الأحياء والمناطق بهدف إعاقة تقدم الجيش الوطني والمقاومة الشعبية".
ودعا العقيد حُميد المدنيين " بعدم التعجل للدخول في تلك المناطق قبل تطهيرها لأنه ما يزال هناك أعداداً كبيرة من الألغام كون البعض منها لا تنفجر لمجرد عبور المشاة عليها ، وكذلك ننصح بعدم التعامل مع أي أجسام غريبة "
جرائم ضد الإنسانية
ويرى حقوقيون أن الألغام التي تزرعها الميليشيات الانقلابية تعد واحدةٌ من الجرائم ضد الإنسانية كونها محرمة دوليا ومخالفة للمبادئ الانسانية والقانونية .
وقال المحامي بلال عبدالرحمن : "إن ظاهرة زرع الألغام خطيره جداً ، وهي في حقيقة الأمر تضاف كواحدة من أخطر الجرائم التي ترتكبها مليشيا الحوثي والمخلوع صالح ضد الإنسانية ، لذا يجب على المنظمات الحقوقية فتح ملف تحقيق بهذه الجرائم ليتم محاسبتهم بطريقة أو بأخرى ".
وأوضح بلال أن كل ذلك الكم الهائل من الجرائم التي ترتكبها ميليشيات الحوثي وقوات صالح تقع على عاتق المجتمع الدولي وهو المسؤول والمعني الأول ويجب عليه أن لا يقف موقف المتفرج أمام الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين المخالفة للمبادئ الإنسانية والقانونية والأخلاقية من قبل ألغام محرمة دولياً تزرعها الميليشيات الانقلابية .