تتفاقم معاناة الصيادين في محافظة الحديدة, يوماً بعد آخر منذ سيطرة ميليشيات الحوثي المسلحة على هذه المدينة الساحلية.
ويشكو عدد من الصيادين, تراجع العائدات الربحية في مهنة الصيد, والتي تستهلكها المشتقات النفطية التي يزودون بها قواربهم ويحصلون عليها بأسعار مضاعفة من السوق السوداء التي تتحكم فيها ميليشيات الحوثي والمخلوع, وتشاركهم خمس المحصول.
وتسيطر الميليشيا الانقلابية على محافظة الحديدة منذ اكتوبر (تشرين الاول) 2014م، التي تعد واحدة من المحافظات اليمنية المهمة، وتحديدا في الاصطياد السمكي كونها تطل على البحر الاحمر وفيها يقع اهم مراكز الانزال السمكي وتصديره.
رسوم جباية
وفرضت الميليشيات مؤخراً رسوم جبائيه على الصيادين, ورسوم أخرى تذهب إلى ما يسمونه بـ"الدعم الحربي" لدعم جبهاتهم القتالية, والتي فاقمت من حجم معاناة الصيادين, أجبرت الكثير منهم على التوقف عن مزاولة هذه المهنة التي تعتبر مصدر رزق للعديد من الاسر على امتداد الشريط الساحلي.
ودفعت هذه الاجراءات التي اتخذتها الميليشيات بالكثير من ارباب الأسر إلى طوابير البطالة في جولات المدينة يبحثون عن لقمة العيش تاركين ورائهم العشرات من الاطفال والنساء لا يجدون ما يسد رمقهم في ظل هيمنة عصابات تشارك الفقراء ارزاقهم, وفقر لا يرحم لحالهم.
ويعتمد على نشاط الاصطياد السمكي في مدينة الحديدة الساحلية أكثر من مليون نسمه كمصدر دخل وحيد, باعتبار المحافظة تطل على شريط ساحلي طويل وغني بالأسماك والأحياء البحرية كماً ونوعاً، ومروراً بالأوضاع المتدهورة في الوقت الحالي، فإن أكثر من 50% تركوا مهنة الاصطياد خوفاً من المواجهات المسلحة الراهنة، بحسب تقرير صادر عن المركز الإنمائي التابع للأمم المتحدة.
وفي هذا السياق يتهم الصياد " أحمد فتيني" جماعة الحوثي في مصادرة معظم عائداتهم الربحية تحت مسميات متعددة, وفرض رسوم جبائية بالقوة, وعمليات ابتزاز يتعرضون لها من قبل مشرفيهم الذين تم تعيينهم في مراكز الانزال السمكي لاستلام المبالغ لصالح ما يسمونه "المجهود الحربي" بالإضافة إلى مبالغ أخرى يتم أخذها منهم بالقوة لا يعرفون مبررات هذه المبالغ وتحت أي مسمى تؤخذ منهم.
وأكد "فتيني" في حديثه أن عددا من زملائه الصيادين قد اجبرتهم الظروف على ترك العمل, بسبب قلة العائدات الربحية والرسوم التي يفرضها الحوثيون عليهم وعدم مقدرتهم على شراء الديزل لقواربهم من السوق السوداء.
ويمتد الشريط الساحلي في الحديدة حوالي 329 كيلومتراً، ابتداء من اللحية شمالاً إلى الخوخة جنوباً، ويضمّ 40 تجمّعاً سمكيّاً، و15 مركز إنزال سمكي.
وينتج صيّادو الحديدة كلّ عام أكثر من 22 ألف طنّ سنويّاً من مختلف الأسماك والأحياء البحرية، وهناك 43 جمعية تعاونية سمكية، منها 25 جمعية نشطة وفعّالة في المحافظة.
ترك المهنة
أما الصياد "ناجي حسين" فيتحدث لـ"يمن شباب نت" بقوله (لقد تركت مهنة الصيد واصبحت ابحث عن عمل أخر, استطيع من خلاله ان أجد لأسرتي المكونة من 8 أفراد ما يكفينا من الغذاء واهم الاحتياجات البسيطة اليومية, مضيفاً في حديثه لقد تركت الصيد لأنني في الفترة الاخير وجدت نفسي خاسراً كل يوم, ولم استطيع توفير الاحتياجات الضرورية من الغذاء لأفراد أسرتي.
وتساءل :بالله عليكم إذا كنا نصارع على لقمة العيش من السابق من مهنة الصيد التي تعتبر بالنسبة لي مصدر دخلي الوحيد, فهل استطيع اليوم توفير الديزل وصرف الرسوم التي فرضها علينا المشرفين الجدد "في اشارة منه لمشرفي ميليشيا الحوثي" ويضيف بلهجته التهامية "يقولوا لنا هات حق امحرب وهات حق المجاهدين" وانا ايش دخلي بهم ...انا اجاهد على عيالي الثمانية,, لو جبت لهم أكل وشرب يعتبر أكبر جهاد.
ويضيف " ناجي" بلهجته التهامية ايضاً وبصوت مبحوح (من يوم مادخل الحوثيين امحديدة ما شفنا خير,, كله هات هات "تبرعات", مش عارفين ان التبرعات محتاجين لها احنا, لو تغدينا ما نتعشاء ولو تعشيناء ما نلاقي شيئ نفطر به, واليوم انا في الجولة عاطل وبدون عمل.
ويشير تقرير برنامج نظام معلومات الأمن الغذائي إلى أن ندرة وارتفاع تكلفة الوقود، وانعدام الأمن في المحافظات الساحلية، أثّرا بشكل كبير على ممارسات الصيد، وخفّضا حجم نتاجه في جميع أسواق المحافظات الوسطى والساحلية.
وأضاف أن تراجع الإنتاج أثّر بشكل مباشر على 50 بالمائة من الصيّادين، الذين فقدوا سبل العيش والدخل والأمن الغذائي للأسرة، ولم يعد بإمكانهم الحفاظ على رفاهية أسرهم.
ولاحظ أن كمية الاسماك المتاحة والمتوفّرة في صنعاء والمحافظات الأخرى قد انخفضت بشكل كبير، ويرجع ذلك إلى الكمية المحدودة من صيد الأسماك، والمشاكل المتعلّقة بسلامة وأمن التجّار الذين ينقلونه إلى العاصمة، بالإضافة إلى التحدّيات المتعلّقة بالتخزين والتبريد الناتجة من نقص الكهرباء والوقود.
تداعيات وقف التصدير
أما الصياد "محمد جابر" فيؤكد في حديثه أن تأثيرات المواجهات على الحدود اليمنية السعودية اوقفت التصدير, مشيرا أنهم يعتمدون على الاسواق المحلية فقط وهي محدودة وارباحها نسبية ولا تفي بالغرض مقارنة بالمتطلبات اليومية من احتياجات الغذاء والدواء".
ويضيف "جابر" بقوله "لا نستطيع حاليا الابحار جيدا داخل البحر بعد الاخبار التي تتحدث عن وجود بوارج حربية للتحالف على خط التماس للمياه الاقليمية, مبديا انزعاجه من الوضع الراهن الذي يعصف بالاقتصاد اليمني نتيجة المجازفة لجماعة الحوثي على حساب ابناء الشعب اليمني, خصوصاً الأسر الفقيرة التي تعتمد على الصيد كمصدر دخل وحيد.
وتترقب انظار الصيادين بعيون حائرة كل المستجدات على الصعيد السياسي والتطورات الميدانية على مناطق المواجهات القتالية, وأملهم الوحيد ان تزول العتمة التي تسببت فيها الميليشيا الانقلابية, وافقدتهم الآمال, سوى الانتصارات التي يحققها الجيش الوطني حاليا ليدحر هذه العصابات التي جثت على انفاس الفقراء وزادت من قتامة الأوضاع.