طالبت منظمة رايتس رادار لحقوق الإنسان ومقرها أمستردام، هولندا، المجتمع الدولي وفي مقدمتهم المنظمات والهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان بالعمل الجاد والاضطلاع بدور فاعل للحد من جرائم القتل تحت التعذيب للضحايا من المختفطين والمخفيين قسراً في سجون أطراف الصراع في اليمن.
ودعت في بيان لها، الأربعاء، إلى ضرورة التحرك العاجل لوضع حدٍ لتزايد أعداد الضحايا الذين يُقتلون في السجون جراء أعمال التعذيب الممنهج، أو من يموتون بعد أيام من الإفراج عنهم متأثرين بما تعرضوا له من تنكيل وحشي أفضى بهم إلى الموت إما بمرضٍ عضال أو تلفٍ صحي تتدهور به أجسادهم المتهتكة.
وقالت المنظمة، إنها حصلت على معلومات تفيد أن "عدد من تعرضوا للاختطاف منذ 2014 إلى منتصف 2020 يزيد عن 23.400 مختطف، منهم 1,020 تعرضوا للاختطاف في نطاق سيطرة المجلس الانتقالي في المحافظات الجنوبية بين 2014 إلى منتصف 2020 والبقية في مناطق سيطرة الحوثيين".
وبحسب إحصاءات نشرتها منظمات حقوقية محلية ومنها رابطة أمهات المختطفين العام الماضي فإن الفترة الممتدة بين أيلول/سبتمبر 2014 إلى نهاية 2016 كانت الأكثر من حيث عدد ضحايا القتل تحت التعذيب بعدد 96 حالة ربما لأنها كانت فترة الذروة في الاستهداف للخصوم الرافضين للانقلاب.
وبحسب شبكة الراصدين الميدانيين لرايتس رادار ان عدد من قتلوا بالتعذيب بلغ 169 ضحية، بينما فقد أكثر من 55 آخرين حياتهم في سجون جماعة الحوثي المسلحة نتيجة الإهمال الصحي بعد تعرض أغلبهم لجلسات تعذيب.
ووثقت شهادات أقارب لبعض هؤلاء الضحايا فإن مسؤولي السجون الحوثيين تركوهم يواجهون الموت داخل السجون دون أي تدخل إنساني لإنقاذ حياتهم بينما كان بالإمكان القيام بذلك، وكان من المؤسف تركهم عن قصد عرضة للموت البطيء بمضاعفات صحية.
وفي هذا السياق وثقت المصادر الحقوقية وجود 173معتقلا في سجون الحوثي يعانون أمراضاً مزمنة، بينهم 57 معتقلا في العاصمة صنعاء و45 في محافظة الحديدة، و23 بمحافظة حجة، و21 من محافظة تعز، و10 من محافظة إب، و10 من محافظة عدن، و 5 من محافظة ذمار، و 2 من محافظة مأرب، وجميعهم يجري حرمانهم من حقهم الطبيعي في الخضوع للعلاج أو الحصول على الدواء.
ويواجه 71 معتقلا لدى جماعة الحوثي بينهم 4 صحفيين خطر الإعدام وفقاً لأحكامٍ صدرت ضدهم من جهات قضائية تخضع للحوثيين وتفتقر بحسب خبراء قانونيين لأدنى معايير العدالة.
ووفقاً لما تم رصده ميدانياً من معلومات أو شهادات بعض من تم الإفراج عنهم ونجو من خطر الموت نتيجة التعذيب فإن أشكال ووسائل التنكيل التي يتعرض لها الضحايا تتنوع بين الضرب بعنف بالعصي والهراوات والسياط والأسلاك الكهربائية، والوخز بأدواتٍ حادة تصل للطعن المباشر، أو بغرز دبابيس وإبر في مناطق حساسة كالوجه أو تحت الأظافر وفي منطقة الركبة.
إضافة إلى استخدام الكي بشكل عشوائي في مناطق الجسد، ونزع الأظافر وسلخ جلد الأصابع، أو استخدام الكهرباء لصعق الضحايا ومنها وضعهم في براميل مملوءة بالمياه يتم توصيلها بالكهرباء.
وأشارت إلى أن أسوأ ما ذكر في أساليب التعذيب هو ما ذكره الدكتور عبدالقادر الجنيد -المختطف السابق في سجون الحوثيين- عن رؤيته لتعذيب أحد الضحايا بشكل عنيف حتى الاغماء ثم سحله من أقدامه طلوعاً ونزولاً على سلالم إحدى العمارات التي كانت تستخدم كسجن سري، وهو ما يؤدي مباشرة لتمزيق الأعصاب والإصابة بالشلل الكلي أو الجزئي.
وتابعت: "إضافة إلى ما سبق من أساليب التعذيب الممنهج كتعرية الضحايا ساعاتٍ طويلة وأحياناً لأيام وتعريضهم للبرد القارس يتم خلالها رشهم بالماء وفي المناطق الحارة يتم احتجازهم في براميل أو كونتاينرز حديدية في درجة حرارة قد تتجاوز الـ50 درجة، فضلاً عن حرمانهم المقصود من حق استخدام دورات المياه ومن النوم أياماً ناهيك عن حرمانهم من الطعام والشراب إلا ما يبقي فيهم رمق الحياة، بل إن بعضهم كانوا يجبرون على شرب مياه الصرف الصحي أو يتم خداعهم بعد ربط أعينهم بتلويث جرعات الماء عمداً بالبول والقذرات.
ويعد مئات المعتقلين شمالاً تحت سلطات الحوثي أو جنوباً تحت سيطرة الحكومة أو المجلس الانتقالي والتحالف مشاريع موت تحت التعذيب طالما وهم خارج نطاق الاهتمام الحقوقي والإنساني الجاد وبعيدين عن الرقابة والتوثيق في غرف التعذيب قيد السرية والتعتيم.
وطالبت رايتس رادار المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة الاهتمام بشكل عملي وجاد لفرض رقابة حقيقية على سجون الأطراف المتحاربة في اليمن بهدف الحد من سقوط المزيد من ضحايا القتل بالتعذيب.
كما طالبت أيضاً بالتحقيق العادل والشفاف في قضايا الموت تحت التعذيب لإنصاف الضحايا وضمان عدم افلات المرتكبين لهذه الانتهاكات من العقاب.
ودعت كافة الأطراف وفي مقدمتهم جماعة الحوثي والمجلس الانتقالي والحكومة بإيقاف كافة أساليب التعذيب التي قد تفضي إلى الموت باعتبار ذلك انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني ومساسا بكرامة الإنسان وآدميته.
كما دعت أهالي وذوي الضحايا إلى اللجوء إلى الأجهزة القضائية بما فيها محكمة الجنايات الدولية لملاحقة المسؤولين عن هذا النوع من القتل باعتباره جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.