حذرت الأمم المتحدة من أن اليمن يقف على حافة المجاعة من جديد كما كان قبل سنة ونصف بسبب نقص التمويل من المانحين الذين تأثروا أيضاً بأزمة كورونا، وسط تحذيرات من تفشي الفيروس في اليمن في ظل انهيار القطاع الصحي.
يبدو اليمن على حافة مجاعة من جديد بينما لا تملك الأمم المتحدة أموالاً كافية لمواجهة الكارثة التي تم تجنبها قبل 18 شهراً في هذا البلد الغارق بالحرب، كما قالت منسقة المنظمة الدولية للشؤون الإنسانية ليز غراندي في مقابلة مع وكالة فرانس برس.
ومع اعتماد أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية على المساعدات، بينما يتفشى فيروس كورونا المستجد من دون متابعة حقيقية ويعاني ملايين الأطفال من سوء تغذية، قالت غراندي إن وضع الكثير من العائلات قد يتحوّل من "القدرة على الصمود إلى الانهيار".
وجمعت الأمم المتحدة حوالي نصف المبلغ المطلوب لمساعدة اليمن، والبالغ 2,41 مليار دولار، في مؤتمر للمانحين في حزيران/يونيو استضافته السعودية التي تقود تحالفاً عسكرياً يساند الحكومة المعترف بها دولياً في مواجهة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
ويشهد اليمن منذ سنوات أسوأ أزمة إنسانية في العالم حسبما تقول الأمم المتحدة. وقد قتل وأصيب عشرات الآلاف ونزح الملايين عن منازلهم منذ بدء النزاع على السلطة في منتصف 2014 حين أطلق الحوثيون حملتهم من الشمال وسيطروا على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى.
اغلاق برامج المساعدات بسبب نقص الأموال
وقالت غراندي إنّ برامج المساعدات التي تشمل الصرف الصحي والرعاية الصحية والغذاء، تغلق بالفعل بسبب نقص الأموال، فيما يبدو الوضع الاقتصادي "مشابهاً بشكل مخيف" لما كان عليه في أسوأ مراحل الأزمة حين واجه ملايين السكان خطر المجاعة قبل نحو 18 شهراً.
ويهدّد نقص حاد في الوقود بتعطيل شبكة الكهرباء وإمدادات المياه والبنية التحتية الرئيسية مثل المستشفيات، في وقت يتبادل المتمردون والحكومة الاتهامات بالمسؤولية عن ذلك.
وذكرت المسؤولة الأممية أنّه "لا يُسمح للسفن المحملة بمواد قد تنقذ أرواحاً بالدخول، والعملة تتراجع بسرعة كبيرة. كما أن أموال البنك المركزي جفّت، وارتفع سعر سلة الغذاء الأساسية (...) بنسبة 30 في المئة في الأسابيع القليلة الماضية".
وتابعت: "نحن أمام العوامل نفسها التي دفعت البلاد سابقاً نحو خطر المجاعة"، مضيفة: "ليس لدينا الموارد التي نحتاجها لمحاربتها ودحرها هذه المرة. إنه أمر يدعو للقلق العميق".
وكانت السعودية أكبر مانح في مؤتمر حزيران/يونيو، وتعهّدت بتقديم 500 مليون دولار. كما أعلنت بريطانيا والولايات المتحدة، وكلاهما يصدّران أسلحة للمملكة، عن مساعدات كبيرة. ورغم ذلك، قالت غراندي إنّ تسعة فقط من بين 31 مانحاً قدّموا الأموال بالفعل، وهو ما كانت حذرت منه الأمم المتحدة في السابق على اعتبار أن المساعدات قد تقلّ مع استمرار تفشي فيروس كورونا المستجد في العالم.
وأوضحت: "من الواضح جدًا أن وباء كوفيد-19 وضع ضغوطاً على الميزانيات المخصّصة للمساعدات في جميع أنحاء العالم. لن يتمكنوا من القيام بما فعلوه سابقاً، وسيكون تأثير ذلك كبيراً جداً".
عدد ضحايا كورونا قد يكون أكبر بكثير
وسجّل اليمن رسمياً حتى الآن حوالي 1300 إصابة بالمرض، من بينها 359 وفاة، لكن قلة الاختبارات وعدم جاهزية العيادات لتحديد أسباب الوفاة تنذران بأن العدد الحقيقي للضحايا قد يكون أعلى بكثير.
وبحسب دراسة أجرتها كلية لندن لحفظ الصحة وطب المناطق الحارة، قد يكون هناك بين 180 ألفاً وثلاثة ملايين إصابة في اليمن بعد أشهر قليلة من تفشي الفيروس، متوقّعة وفاة بين 62 و85 ألفاً. لكن مع تصاعد احتياجات البلاد للرعاية الصحية في ظل انهيار هذا القطاع بفعل الحرب، تتضاءل القدرة على تلبيتها.
في الأيام القليلة المقبلة، تواجه الأمم المتحدة "وضعاً غير معقول" إذ إنها قد تضطّر إلى التوقف عن توفير الوقود للمستشفيات وكذلك أنظمة إمدادات المياه والصرف الصحي في جميع أنحاء البلاد، بحسب المنسقة الأممية.
واضطر برنامج الأغذية العالمي الذي كان يوفّر المواد الغذائية الأساسية لـ13 مليون شخص، إلى تقليص عمليات التسليم لتشمل بين 8,5 و8,7 ملايين شخص شهرياً فقط، بعضهم بنصف حصّة غذائية.
وفي الأسبوع الذي بدأت فيه أزمة الفيروس، نفدت أموال منظمة الصحة العالمية المخصّصة لدفع رواتب عشرة آلاف من العاملين في مجال الصحة العامة في جميع أنحاء البلاد.
وقبل عام ونصف، عندما كان اليمن يقف على حافة الهاوية ويواجه خطر المجاعة، كان الوضع مختلفاً تماماً، فقد تم حينها إرسال أموال سعودية وإماراتية إلى المصرف المركزي ساهمت في دفع رواتب أستاذة المدارس واستقرت العملة وجرى دعم الواردات من السلع الرئيسية.
وقالت غراندي: "قبل 18 شهراً، كانت مهمتنا واحدة من أفضل العمليات الإنسانية تمويلاً في العالم". غير أنّ البلاد "عادت الآن إلى حيث كانت، والفرق هو أنه ليس لدينا الآن الموارد التي نحتاجها من أجل قلب الأمور"، بحسب غراندي.
المصدر: (أ ف ب)