يقضي مسؤولون في الحكومة اليمنية وقتاً لافتاً في التدوين على مواقع التواصل الاجتماعي، وأبرزها "فيسبوك"، وخوض غمار النقاش السياسي في غالبه، ما أوحى بصورة نمطية للكثيرين عن تفرغهم وتبذير وقتهم في النشر والرد.
على "فيسبوك" الذي يعد الموقع الأكثر رواجاً بين اليمنيين، يجد مسؤولون من مراتب قيادية متعددة في الحكومة (وزراء ووكلاء وزارات ووكلاء محافظات ومدراء إدارات) أنفسهم في خضم نقاشات تتعلق بالحرب والسياسة، وبعضهم يتصدرها بعدد مشاركاته وحضوره في تلك القضايا.
في الثامن من مارس/آذار من العام الماضي، انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي بالسخرية من تغريدة نشرها وزير الإعلام معمر الإرياني، تتغزل بولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وكتب الإرياني منشوره ملحقاً به صورة ولي العهد السعودي: "فارس في مشيته... فارس في نظرته... فارس وهو في الأصل فارس".
وليس الإرياني وحده، بل تحولت مهام معظم وكلاء وزارة الإعلام ومسؤولين آخرين إلى تصدر حملات إلكترونية وتسجيل مواقف مرتبطة بتوجهاتهم السياسية، ومنهم من اتجه إلى مهاجمة قيادات حكومية أخرى، فيما وجه آخرون انتقاداتهم إلى التحالف والسعودية والإمارات.
وخلال أحداث عدن في أغسطس/آب الماضي، انقسمت آراء مسؤولين حكوميين حول دعم الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، وبدت تدويناتهم على مواقع التواصل الاجتماعي صورة واضحة لعبث التعيينات وتغاير المواقف داخل الحكومة.
وفي 26 يونيو/حزيران الماضي، نشر وزير المياه والبيئة، عزي شريم، عبر حسابه على موقع "فيسبوك" صورة له التقطت في مقهى شعبي، في العاصمة المصرية القاهرة، وهو يلعب "الدومينو"، الأمر الذي أثار استهجان الناشطين اليمنيين.
وكتب شريم: "الليلة من مقهى الأدباء والساسة في مصر (زهرة البستان) قبل لحظات من انطلاق مباراة منتخب العروبة ، المنتخب المصري الآن متقدم بهدف.. (تحيا مصر)".
ولاحقاً صدر قرار من رئيس الحكومة، معين عبد الملك، بإيقاف شريم عن عمله لانقطاعه لما يزيد عن ثمانية أشهر عن مهامه واجتماعات رئاسة الوزراء.
ونقل "العربي الجديد" عن الصحفي اليمني أحمد فوزي قوله: إن "مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت أداة للمسؤولين الحكوميين من دون استثناء لتسجيل المواقف السياسية، سواء بالتأييد للتحالف أو بالدخول في نقاشات لا فائدة منها حول الأوضاع السياسية".
وأضاف فوزي: "تجاهل المسؤولين للالتزامات الإدارية المناطة بهم وغياب دورهم في تسهيل إجراءات ومعاملات المواطنين سمة غالبة لدى كثير من المسؤولين المرتادين لمواقع التواصل الاجتماعي".
ولفت الصحافي اليمني "قد يكون هناك استفادة جزئية للمواطن من التواصل المباشر مع المسؤول، ولكن في الحقيقة أن 1 في المائة فقط من القضايا التي تثار يتم حلها من قبل المسؤولين".
وقال فوزي إن "الكثير من المسؤولين يجهلون الفرق بين كونهم مسؤولين أو مواطنين عاديين لديهم وجود على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن المنطقي مساءلة ومحاسبة كافة المسؤولين عن تقصيرهم في مهامهم أو أعمالهم أو حتى مخاطبتهم الرسمية التي استغلها البعض منهم لنشر رسائل وتمرير طلبات عن طريق حساباتهم الشخصية، والمحاسبة أيضاً عن أوقات العمل الرسمية التي بموجبها يتسلم المسؤول الراتب، بل ومن المفترض أن يُمنع على المسؤولين استخدام حساباتهم الشخصية أثناء أوقات الدوام".
العربي الجديد