دعا رئيس الهيئة العليا لحزب الاصلاح محمد اليدومي، إلى تشكيل حكومةٍ وطنية مصغرةٍ يتم اختيارُ أعضاءِها على قاعدة الشراكة والتوافق الوطني، وفق الاختصاص والكفاءة والنزاهة لإدارة المرحلة التي نصت عليها المبادرةُ الخليجيةُ، وآليتُها التنفيذيةُ، وبذل المزيد من الجهود لإصلاح الإختلالات في مؤسسات الدولة مدنيةً وعسكرية.
وطالب اليدومي، في كلمته التي ألقاها، مساء اليوم الخميس، عشية الذكرى الـ 29 لتأسيس حزب الإصلاح، بضرورة إفساح المجال السياسي أمام كل مواطني اليمن، والكفّ عن سياسة إدعاء التمثيل لهم، أو التحدث بإسمهم أو فرض خياراتٍ محسومةٍ سلفاً عليهم مما يعيد إنتاج وتكرار مآسي الماضي التي جعلت الوطنَ شعاراً فيما المواطنُ يعيش ظروف القهر والإستعباد.
وعبر اليدومي عن رفض وادانة الاصلاح لحملات الإستهداف والشيطنة التي يتعرض لها الإصلاح في أكثر نقاطه قوةً، ومنها موضوع دعمه للشرعية. مؤكدا أنه لا بديل لمطلب الدولة الوطنية بكامل بنيتها المؤسسية وفق ما نصت عليه مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي وضع أسُسَ الدولةِ الاتحاديةِ الضامنةِ للتوزيع العادل للثروة والسلطة بين جميع ابناء الوطن، والتي تضمن الحقوق وتحمي المصالح العامة.
وجدد الإصلاح تأكيده، على ضرورة بناء الجيش والأمن على أسس وطنية تتجاوز المشكلات السابقة والمآلات الناتجة عنها، ووفق قوانين الخدمة في المؤسستين العسكرية والأمنية ومخرجات الحوار الوطني وبما يضمن قيام هاتين المؤسستين بواجبهما الدستوري والقانوني في حماية المؤسسات والمكتسبات والدفاع عن حياض الوطن، ومنع قيام أي أجهزة أو تشكيلات عسكرية وأمنية موازية وإستعادة ثقة المواطنين بالمؤسستين العسكرية والأمنية.
وعبر حزب الإصلاح، عن ادانته وبشدة قصف الطيران الإماراتي لقوات الجيش الوطني في محافظتي عدن وأبين الذي خلف مئات من الشهداء والجرحى. مؤكدا رفضه الكامل لما تبعه من إلقاء تهمة الإرهاب على الجيش الوطني.
معتبرا ذلك انحرافاً عن أهداف تحالف دعم الشرعية، يستدعي المراجعة والوقوف أمام الإختلالات التي تسببت في تأخير الحسم العسكري.
ووصف الإصلاح ما يجري اليوم في عدن، من تمرد على الدولة من قبل ما يسمى بالمجلس الانتقالي بـ"أنه تكرارٌ لنفس السيناريو الذي حدث في صنعاء قبل خمس سنوات، ودفع الشعبُ ضريبته الآلاف من الشهداء والجرحى والمعاقين، وخرابٍ كبيرٍ طال كل مناحي الحياة".
مؤكدا "أن الحقيقةَ الجوهريةَ واحدةٌ، وهي تقويض الدولة والسطو على إرادة الناس ومحاولة إخضاعهم بالقوة تحت دعاوى تمثيل المواطنين بطريقة فوضوية تكشفها حملاتُ المداهماتِ للمساكن والمنازل مع ما يصحبها من ترويع للأسر وإراقة للدماء".
وأعرب الإصلاح عن ثقته الكاملة في قدرة المملكة العربية السعودية على احتواء تبعات الانقلاب في عدن، وإنهاء حالة التمرد فيها، وضمان عودة الدولة بكافة مؤسساتها لتمارسَ نشاطها بشكل كامل وغير منقوص، داعيا في هذا السياق "إلى التحقيق في كافة حوادثِ إستهداف المدنيين وبما يؤدي إلى فضح الإدعاءات التي يروجها الحوثيون ويضمن حق الضحايا في الإنصاف".
وحيّا الإصلاح أبطال جيشنا الوطني الميامين، الذين يسطرون ملاحم بطولية في التصدي للمشروع الإمامي الحوثي الإيراني، ويشيد بتضحياتهم الجسيمة في معركة إنهاء الإنقلاب وإستعادة الدولةِ وتحرير اليمن. مشددا على ضرورة أن تقوم "الحكومة بإيلائهم الإهتمام الذي يليق بما يقدمونه من عطاء وبذل في سبيل اليمن". كما شدد "على رعاية أسر الشهداء رعاية كاملة، ورعاية الجرحى والمعاقين والإهتمام بهم، والوفاء لتضحياتهم".
وحذر الإصلاحُ من محاولات تقويض منظومة الحقوق السياسية، أو ممارسة الإقصاء، أو إجبار المواطنين على تبني خيارات مفروضةٍ قسراً، أو منعهم حقهم الطبيعي في المشاركة السياسية. معتبرا هذه الممارسات إنقلابًا كارثيا على مكتسبات اليمنيين، وموروثهم النضالي الذي يفاخرون به، ونكوصًا على كل قيم الحرية ومبادئ الديمقراطية، وعودةً لعصور الهيمنة الفردية والقروية والمناطقية والمذهبية والسلالية البغيضة، التي كافح ضدها شعبنا كثيرا، ولن يتقبل فرضها عليه مجددا من أي طرف كان وتحت أي مسمى يكون.
وأدان حزب الإصلاح، كل الإعتداءات وانتهاكات حقوق الإنسان في المناطق المحررة، وجرائم الإغتيالات والإختطافات وتعذيب السجناء وتقييد الحريات، والسجون السرية. داعيا في هذا الصدد، "إلى وقفة جادة وحاسمة لوقف هذه الإنتهاكات". مطالبا "سلطات الدولة في المناطق المحررة أن تقدم نموذجاً إيجابياً في انفاذ القانون ومحاسبة المعتدين والإنتصار للضحايا، كون ذلك يمثل مدخلاً رئيساً للأمن والإستقرار".
وحيّا الإصلاح، صمود وصبر كافة المختطفين السياسيين والمدنيين، مؤكدا أنه يشعر بآلامهم ومعاناتهم وأسرهم. وطالب بإطلاق سراحهم فوراً. داعيا المجتمع الدولي والرأي العام الشعبي للضغط على مليشيات الحوثي بسرعة إطلاق هؤلاء وإنهاء هذا الملف الإنساني الشائك الذي يؤرق المجتمع.
وجدد الإصلاح تأكيد موقفه الثابت الداعم للسلام الشامل والدائم المستندِ إلى المرجعياتِ الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجيةَ وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشاملِ والقرارات الدولية وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن 2216 معربا عن أسفه للدور السلبي للمجتمع الدولي إزاء تعنت المليشيات الحوثية التي اختارت الحرب وتصر على إستمرارها وبالتالي إستمرار معاناة الشعب.
وقال: "أن المعاناةُ أصبحت بضاعةً رائجةً يخدع الحوثي بها المجتمع الدولي الذي يتحدث عنها دون الوقوف على أسبابها، بل يتجاوزُها إلى تفاصيل تُعفي الحوثي الذي أشعل الحرب من أجل مشروعه القائم على مزاعم الحق الإلهي الذي تجاوزته البشرية، وهو في سبيل ذلك يعرقل أي عملية سلام".
وشدد على ضرورة توحيد الجبهة الوطنية وتمتين بنيتها بالقدر الذي يمكنها من تنفيذ مهامها التاريخية المتعلقة بفرض الإستقرار وبناء حالة سلام حقيقي ومستدام وإعادة بناء الدولة على أسس وطنية تمثل المواطن وتخدمه دون أن تسقط في المحاصصات على أسس مناطقية أو جهوية أو مذهبية.
وأكد الإصلاح، على ضرورة الإهتمام بالمرأة اليمنية، وإبراز دورها الإيجابي في كافة المجالات بإعتبار النساء شقائق الرجال وضرورة حمايتها من النـظرة الدونـية في مجتمعاتنا، والأفكار المنحرفة الوافـدة، كما يؤكـد على الإهتمام برعاية الشباب وإعداده وتربيته، وتنمية قدراته العقلية والبدنية ليتمكن من الإسهام في بناء اليمن ونهضته.
وفي ختام كلمته، خاطب اليدومي أعضاء حزبه بالقول: "وطننا يحتاج لجهودكم البناءة، وعلينا أن نسمو على الجراح ونضمدَها في سبيل الوطن، ونتمثل قيم التسامح وروح الحوار والإنفتاح على كافة شركاء العمل السياسي والوطني والنضالي، وعلينا تجاوز الماضي بكافة سلبياته، وإشاعة ثقافة التعاون والتكاتف والمحبة والتعايش السلمي والحفاظ على السلم الإجتماعي واللحمة الوطنية".
واكد على أهمية العمل المشترك من أجل تعزيز وتقوية مؤسسات الدولة في المناطق المحررة، وتجسيد قيم الشراكة وتمتين عرى الوحدةِ الوطنيةِ وتعزيز الإستقرار في البلاد.
ودعا جميع الإصلاحيين للإبتعاد عن المهاترات الإعلامية وتجاوز الإساءات والتعالي على الذات والدفع بالتي هي أحسن، والعمل بتجرد من أجل اليمن الكبير لأن كلَّ هذا سيكون سداً منيعاً أمام مشاريع التمزيق.