أثار تصريح نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية في الحكومة المعترف بها في اليمن، أحمد الميسري، عبر تسجيل مصور، بث الأحد، بعد يوم من انقلاب نفذته قوات انفصالية وموالية للإمارات، تساؤلات عدة حول دلالات ما ورد في التصريح، والدور السعودي في ما حصل ضد "الشرعية".
وكان الوزير الميسري، قد قال إن السعودية صمتت على ما جرى لنا لمدة أربعة أيام في عدن، معتبرا أن صمت الرئاسة اليمنية على ما جرى في عدن، كان "مريبا ولم يكن موفقا".
وأكد وزير الداخلية اليمني، مشاركة الإمارات في انقلاب عدن من خلال "400 عربة إماراتية شاركت في المعركة.. ونحن قاتلناهم بأسلحتنا البدائية".
تواطؤ سعودي
وفي السياق ذاته، قال الكاتب والمحلل السياسي، أحمد الزرقة، إن "تصريح المسيري إدانة واضحة للرئيس هادي والسعودية، وهو قال ما حدث بالضبط".
وتابع حديثه بأن "السعودية كانت متواطئة تماما مع الإمارات والانتقالي".
وأكد المحلل السياسي اليمني أن بيان التحالف جاء "لامتصاص غضب الشارع والحكومة ومراضاة لهادي لا أكثر وكجرعة تخديرية".
وشدد على أن "ما أعقب صدور البيان، دعوة الانتقالي للرياض لإجراء حوار مع الشرعية وهذا يعد اعترافا بالانقلاب وشرعنته".
شرعنة للانقلاب
من جهته، قال رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات السابق، أنور الخضري، إن "الوزير الميسري وضع النقاط على الحروف، كاشفا ما جرى من عدوان مبطن وتآمر قذر للانقلاب على الشرعية في عدن".
وأضاف " أن وزير الداخلية اليمني "تحدث بكل شفافية وشجاعة، عن الدور الذي لعبه التحالف بشكل عام، والإمارات خصوصا، التي وجهت طعنة غادرة للجيش وقادته الذين تصدوا للوجود الإيراني في اليمن كحاجز صد عن دول الخليج".
وبحسب الخضري، فإن "صمت السعودية كان بهدف مراقبة ردود الفعل اليمنية بشأن التمرد الذي جرى والانقلاب الذي تولى كبره المجلس الانتقالي الجنوبي".
وأشار إلى أن ردة الفعل الشعبية والسياسية، إزاء ما جرى في عدن، "دفعت المملكة لمحاولة تدارك ما حدث، بهدف امتصاص الصدمة، وشرعنة الانقلاب بصيغة دبلوماسية"، موضحا أن "التهديد بالقصف الذي تم في عدن على الانقلابيين من قبيل ذر الرماد في العيون".
وذكر الباحث السياسي اليمني أن السعودية بهذا الشكل "تحرق أوراقها في اليمن مع الجميع وتعرض علاقاتها مع اليمنيين للقطيعة، بل ربما العدوان إذا ظلت منقادة لنهج أبوظبي وسياسة الانتحار"، وفق تعبيره.
تنسيق سعودي إماراتي
من جانبه، رأى الصحفي والباحث السياسي، كمال السلامي، أن ما كشفه الوزير الميسري في تسجيله، "أماط اللثام عن حقيقة تجاهل مؤسسة الرئاسة، والمملكة، التي تقود التحالف العربي في اليمن".
وأضاف أن "الرئيس هادي حتى الآن لم يصدر عنه أي موقف، إنه الوحيد الذي بيده قرار استبعاد هذا الطرف أو ذاك، وتحديد الطرف المتمرد والداعم للتمرد، لكنه لم يقل شيئا، وكأن هناك من قام بالحيلولة دون صدور أي موقف منه، في إطار خطة احتواء ذكية لتبعات الموقف".
وأكد أن ملامح التحرك السعودي الأخير من خلال دعوته المجلس الانتقالي للاجتماع في جدة، ربما يشير إلى أن هناك "خارطة سلام، شبيهة بـ"اتفاق سلم وشراكة"، الذي أقروه وأيدوه في صنعاء عقب انقلاب الحوثيين في أيلول/ سبتمبر 2014".
ووفقا للسلامي، فإن ما حدث في عدن، وضع كل شيء قام به التحالف العربي بقيادة الرياض على المحك، كما أنه جعل من كل الإنجازات التي تم تحقيقها على الأرض، طيلة السنوات الخمس، كأنها لم تكن.
وقال: "على الرغم من التصريحات الصادرة عن مصدر في التحالف، وعن مسؤولين سعوديين، كانت قوية، وواضحة إلى حدٍ ما، إلا أنها جاءت متأخرة جدا، وكأنها مجرد إعلان إخلاء طرف ورفع الحرج".
وأشار إلى أن المجلس الانتقالي، فرض واقعا جديدا كليا، "وصار القطب الأقوى على الأرض جنوبا، إن لم يكن الطرف الوحيد، كما أن الحوثي هو الطرف الأقوى شمالا".
وأكد أن الاتهامات الصريحة والقوية لدولة الإمارات، من مسؤولين حكوميين بالوقوف وراء تحرك المجلس الانتقالي في عدن "ضاعفت من مأزق المملكة، كون الأولى شريكا أساسيا وهي التي تمسك بزمام الوضع في الجنوب".
واعتبر الصحفي اليمني أن تحرك السعودية كان "متأخرا"، لكن ثمة أنباء متواترة أن الرياض كان لها دور أيضا في إقناع الجانب الحكومي بإخلاء مواقعه وتسليمها، وفق قوله.
وقال: "لا ندري ما هي دوافع ذلك"، متسائلا: "هل هو الحرص على عدم سفك مزيد من الدماء، أم إنها تأتي في سياق رؤية سعودية مشتركة مع أبوظبي يجري تنفيذها؟".
ولفت إلى أن "أي اعتقاد بعدم وجود تنسيق بين أبو ظبي والرياض قاصر وفي غير محله، كما أن تصريحات المسؤولين الإماراتيين، تؤكد أن أبو ظبي نسقت مع الرياض في كل الخطوات الأخيرة التي اتخذتها".
المصدر: عربي 21