بعد أيام قليلة من سحب الإمارات جزءا من قواتها المشاركة ضمن عمليات التحالف باليمن؛ سحبت السودان أيضا بعض قواتها من أربع مناطق في الساحل الغربي على البحر الأحمر، وحلت مكانها ألوية عسكرية تابعة للقوات المشتركة اليمنية، التي تدعمها الإمارات.
وبحسب إفادة مصدر مسؤول في وزارة الدفاع اليمنية للجزيرة نت، فإن هذه الخطوات تحدث دون أي تنسيق رسمي مع الحكومة الشرعية، وهو الأمر ذاته الذي حدث عند تقليص الإمارات قواتها في المنطقة خلال الأيام الماضية.
وتتزامن هذه الانسحابات المتتالية للقوات الإماراتية والسودانية مع وصول وانتشار قوات سعودية لليمن، وأحاديث وتصريحات متفرقة تتحدث عن فتح الإمارات قنوات تواصل مع إيران والحوثيين أيضا، وهو الأمر الذي يثير التساؤلات عن الدلالات الفعلية التي تقف خلف كل هذه التطورات، وما إن كان الانسحاب ممهدا لاتفاق سياسي وشيك بعد خمس سنوات من الحرب.
ضغوط دولية
ويرى الخبير العسكري اليمني علي الذهب أنه ووفقا لهذه المستجدات وانسحاب القوات السودانية؛ تكون معركة الحديدة والعمليات العسكرية فيها التي كانت تسعى للتغلب بالقوة على الحوثيين قد انتهت، وتراجع التحالف كليًّا عن خيار الحسم العسكري، وذلك نتيجة الضغوط الدولية التي تواجهه، خاصة الضغط البريطاني على الإمارات.
ووفقا لحديث الخبير العسكري للجزيرة نت، فإن انسحاب القوات الإماراتية والقوات السودانية بعدها بأيام من الساحل الغربي يمثل في الواقع جزءا من التنفيذ العملي وغير المباشر للانسحاب الذي نص عليه اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة، ووقف عمليات إطلاق النار.
وحول إن كانت هذه التطورات تمهد للذهاب نحو حل سياسي شامل، أوضح الذهب أن الترتيبات الأخيرة، التي تمثلت في دخول قوات سعودية خلال الأيام القليلة الماضية وانتشارها في مدينتي عدن وأبين ومناطق أخرى؛ تؤكد بالفعل أن هناك محاولات جدية تبذل أولا من أجل الاقتراب من الحل السياسي مع الحوثيين، وثانيا لمنع أي انزلاقات نحو أزمة عسكرية خشنة بين السلطة الشرعية والتشكيلات العسكرية التي شكلتها الإمارات جنوب البلاد.
وبحسب الذهب، فإن خطوة انسحاب القوات السودانية تمثل استكمالا لعملية انسحاب القوات الإماراتية من الساحل الغربي، التي لا يستبعد أنها جاءت نتيجة تفاهمات بين إيران والإمارات والحوثيين من أجل الضغط على السعودية.
وطبقاً للذهب، فإن أبرز ما يمكن قوله إزاء كل هذا التخبط إن التحالف السعودي الإماراتي خدع اليمنيين واستنزف قدراتهم البشرية من الشباب في معارك شتتت قواتهم وقسمت البلاد، وكانت غاية الإمارات تحديداً احتلال جنوب اليمن من خلال وضعها للمجلس الانتقالي الجنوبي في الواجهة، وهي الآن لا تزال باقية في الجنوب، ولم تنسحب، وتتقاسم النفوذ مع السعودية أيضا.
صفقة مع إيران
في المقابل، يرى المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي أنه من السابق لأوانه ربط انسحاب القوات السودانية بأي تحركات سياسية مؤثرة باتجاه إحلال السلام وانتهاء الحرب باليمن في المدى المنظور.
ووفقا لحديث التميمي للجزيرة نت، فإن القوات السودانية رغم أنها تعد جزءا من التزام السودان تجاه اليمن كما صرح بذلك الرئيس السوداني السابق عمر البشير، فإنها تظل ملحقة بالتحالف السعودي الإماراتي، ولا تمتلك إمكانية الاستمرار في المشاركة من دون دعم يغطي كلفة مشاركتها من ناحية الإمداد والتموين.
ويمثل انسحاب القوات السودانية -وفقا للتميمي- أحد التداعيات المتوقعة المرتبطة بالانسحاب الإماراتي من المنطقة ذاتها، خاصة إذا تم النظر بأن مهمة القوات السودانية كانت في معظمها لوجستية ومرتبطة بالعمليات العسكرية للقوات الإماراتية.
وبذلك، فإنه من الواضح أن انسحاب السودان يظهر الأثر الميداني المباشر للتحركات العسكرية الإماراتية في جبهة الساحل الغربي، والتي ترتكز حالياً على خليط من القوات التي أنشأتها الإمارات، ووصفها فريق خبراء مجلس الأمن بأنها قوات محلية تقاتل بالوكالة.
ويخلص التميمي إلى أن تراجع الدور العسكري للإمارات في اليمن له علاقة بالتحديات المحدقة بها، والتي دفعتها للتحرك باتجاه تقليص مشاركتها ضمن صفقة مع إيران، اقتضت تنسيقًا ميدانيا مع الحوثيين، كما كشفت عن ذلك قيادات بارزة في حزب الله اللبناني ومصادر إيرانية أيضاً مؤخرا.
الجزيرة نت