كشف تقرير، نشره موقع "المونيتور" الأمريكي، عن قيام إدارة دونالد ترامب بالضغط على الإمارات العربية المتحدة في قضايا انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن.
وجاء في التقرير، الذي أعده جاك ديستش، أن إدارة دونالد ترامب دعت الإمارات إلى السماح لمراقبين مستقلين كي يقوموا بالتحقيق في حوادث تعذيب في معسكرات اعتقال تديرها في اليمن، مع أن البنتاغون قال قبل أشهر ألا أدلة على تعذيب للمعتقلين.
وفي تقرير مشترك قدم للكونغرس عن الإستراتيجية الأمريكية في اليمن، قالت وزارتا الخارجية والدفاع، ووكالة التنمية الدولية، إن الولايات المتحدة "عبرت عن قلقها من الإمارات" بشأن مزاعم الانتهاكات و"حثتهم (الإماراتيون) على القيام بتحقيق عميق والسماح لمراقبين مستقلين" للتحقيق أيضا.
ونقل الكاتب ما قالته القائدة ربيكا ريباريتش، المتحدثة باسم البنتاغون، من أن المسؤولين البارزين، وقبل تقديمهم التقرير للكونغرس، أثاروا موضوع الانتهاكات مع نظرائهم الإماراتيين عن الانتهاكات المزعومة، والتي يقال إنها حدثت في شهر كانون الأول/ ديسمبر.
وجاء في التقرير أن البنتاغون لم تعثر "على معلومات موثوقة تشير إلى قيام حلفاء الولايات المتحدة وشركائها بانتهاك المعتقلين في اليمن". ويأتي الضغط الأمريكي بعد أدلة متزايدة من الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان عن التعذيب والانتهاكات في السجون التي تديرها الإمارات في اليمن.
وكان وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري، قد طلب في تموز/ يوليو، من الإمارات إغلاق السجون السرية في جنوب اليمن، وهي التي نشرت عنها وكالة أنباء "أسوشيتد برس" تقريرا قالت فيه إن مئات من السجناء عانوا من الانتهاكات.
وفي كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي، قالت مجموعة الخبراء في الأمم المتحدة إن مئات من الوحدات التي تدعمها الإمارات قامت بضرب واغتصاب وصعق المساجين وشبحهم من أرجلهم، ومنعت الإمارات الهيئات المستقلة من زيارة السجون.
ويقول الكاتب إن المشرعين الذين طالبوا الإدارة الأمريكية بوقف الدعم عن الحرب التي تقودها في اليمن، أثنوا على قيامها بطرح موضوع الانتهاكات.
وقال النائب الديمقراطي عن كاليفورنيا رو خانا: "لقد شجعتني التقارير عن قيام إدارة ترامب بالحديث عن قلقها فيما يتعلق بالتعذيب في السجون اليمنية وعن الإمارات". وطالب خانا، العام الماضي، البنتاغون التحقيق في المزاعم. حيث قال في بيان: "على الولايات المتحدة أن لا توافق، أو ترتبط بالتعذيب، وعليها دفع شركائنا للالتزام بالمعايير. وآمل أن توضح الإدارة للإماراتيين أن فعلهم غير مقبول ويجب وقفه حالا".
وفي الإستراتيجية، التي أطلعت الإدارة الكونغرس عليها في شهر آذار/ مارس، وصفت كلا من السعودية والإمارات بـ"الشريكين القويين في محاربة الإرهاب"، ومواجهة القاعدة وتنظيم الدولة في اليمن. وكشفت الوثيقة عن الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة للإمارات في "عدد من عمليات مكافحة الإرهاب الناجحة" في العامين الماضيين، خاصة في محافظتي شبوة وحضرموت.
إلا أن الداعين لخروج الولايات المتحدة من الحرب في اليمن، لا ثقة لديهم في إمكانية قيام الإدارة بممارسة الضغط الكافي على الإمارات كي توقف الانتهاكات.
وقال مسؤول سابق: "اغفر لي شكي في إمكانية قيام إدارة ترامب أو البنتاغون بممارسة الضغط الحقيقي على الإمارات، بشأن الانتهاكات في المعتقلات، كما تزعم أنها فعلته في هذا التقرير". وقال إن "الصمت الإماراتي لا يمنح أملا بأنها ستسمح لمحققين مستقلين، بمن فيهم مجموعة الخبراء في الأمم المتحدة، لكي يتم الكشف عن حقيقة هذه الانتهاكات، وما هو غائب هو الضغط الأمريكي الحقيقي".
ويأتي التقرير وسط رفض الإدارة الاستجابة لعدد من المطالب التي قدمها الكونغرس لها، ومنها توضيح فيما إن كان الدعم الأمريكي يؤدي لخسائر بين المدنيين. وقالت الإدارة في آذار/ مارس، إن زيادة الخسائر بين المدنيين تترك آثارا سلبية على حل النزاع.
ولكن الخبراء، الذين تحدثوا للموقع، انتقدوا أهدافه التي تقوم على حل الحرب الأهلية والأزمة الإنسانية وإضعاف الفاعلين الإرهابيين ومواجهة إيران. لكن التقرير لم يتحدث عن الطريقة التي يتم فيها تحقيق السلام.
ويقول أندرو ميللر، مدير مجلس الأمن القومي أثناء باراك أوباما: "ما هو مثير هو أن لا إستراتيجية لديهم"، و"هذا مثال آخر عن الطريقة التي تحاول فيها الإدارة الالتزام بالقانون ولكنها تجنبت روحيته من خلال عدم الحديث عن الطريقة لتحقيق الأهداف".
وتخشى الولايات المتحدة من انهيار اليمن بسبب الحرب، خاصة دعم الإمارات للحراك الجنوبي. وجاء في التقرير: "أي تشرذم للبلد إلى دول منفصلة، خاصة لحدود ما قبل عام 1990، سيحرم غالبية السكان من مصادر الطاقة بشكل سيفتح المجال أمام نزاع دائم".
ولن تؤدي الإستراتيجية الجديدة إلى وقف غضب الكونغرس من مشاركة أمريكا في حرب اليمن. ففي يوم الثلاثاء قال السناتور الديمقراطي البارز في لجنة الشؤون الخارجية عن نيوجرسي بوب ميننديز، والسناتور الجمهوري عن ساوث كارولينا ليندزي غراهام، إنهما سيتقدمان بـ22 قرارا تمنح المشرعين الفرصة لمراجعة صفقات سلاح بقيمة 8 مليارات دولارات أقرتها إدارة ترامب للسعودية والإمارات والأردن.
وبعد تقرير لشبكة "سي إن إن"، تحدثت فيه عن تقديم السعودية السلاح للقاعدة والجماعات الأخرى، أصبح المشرعون قلقين من إمكانية السعودية والإمارات لمحاربة الإرهاب. وقال مساعد في مجلس النواب: "هذا مثال آخر عن أنهم لا يشتركون معنا بحقوق الإنسان وهم شركاء لا يمكن الثقة بهم"، و"قيامهم بنشاط بدعم الإرهابيين الذين من المفترض أنهم يساعدون على هزيمتهم أمر لا يصدق".
وفي جلسة مغلقة مع وزير الخارجية مايك بومبيو وباتريك شانهان، القائم بأعمال وزير الدفاع، لم تقنع المشرعين بأهمية تقديم أسلحة جديدة للسعودية. وقال مساعد للمرشح المستقل بيرني ساندرز لانتخابات عام 2020: "لم يقولا شيئا يبرر الطوارئ وتقديم السلاح دون الرجوع للكونغرس".
- نقلا عن صحيفة "القدس العربي"