في كل حرب تستخدم الجيوش والدول مليشيات وعناصر مسلحة لتنفيذ أهدافها دون الحاجة لقواتها بالتدخل أو المغامرة، وفي اليمن وظفت الإمارات التي تقود تحالفاً مع السعودية ضد هذه البلاد، كتائب من يعرف بـ"أبو العباس" لتنفيذ مخططاتها.
وتستخدم الإمارات "كتائب أبو العباس" التي يقودها السلفي عبده فارع المكني "أبو العباس"، من أجل السيطرة على عدد من المؤسسات الحكومية في محافظة تعز التي تقع جنوب العاصمة صنعاء.
وتنفذ هذه الكتائب مجموعة من الاغتيالات لعناصر من الجيش الوطني اليمني، وخطباء المساجد، وتفجيرات في عدد من المناطق، وهو ما يجعل المدينة تعيش حالة من الاستنزاف، والابتعاد عن أبرز أهدافها وهو التحرير.
وفي آخر نشاط يتوقع أن الكتائب قد تورطت فيه، نجا محافظ تعز، أمين أحمد محمود، الثلاثاء (14 أغسطس)، من عملية اغتيال إثر انفجار سيارة مفخخة قرب منزل أحد قيادات المقاومة الشعبية في محافظة عدن.
تهديد المشروع الوطني
المحلل السياسي ياسين التميمي أكد أن تعز تشهد الآن تحولاً نوعياً في مسار المواجهة مع "الانقلابيين والعناصر الإرهابية".
وقال التميمي في حديث لـ"الخليج أونلاين": إن "هناك قوى شكلت طيلة الفترة الماضية مصدر تهديد حقيقي للمقاومة والمشروع الوطني في محافظة تعز"، في إشارة إلى كتائب أبو العباس.
وأضاف: "كتائب أبو العباس استنفدت كل الحجج التي كانت تتذرع بها لاستمرار سيطرتها على أجزاء واسعة من مدينة تعز المحررة؛ بعد أن تحولت إلى مظلة للقتلة والإرهابيين الذين حصدوا أرواح مئتين من رجال الجيش الوطني والمقاومة والناشطين".
وهذه الأرقام تحدث عنها أيضاً بيان نُسب لمكتب قائد "كتائب العاصفة" باللواء 145 وهيب الهوري، أشار فيه إلى أن المرحلة التي خرجت فيها "أبو العباس" عن نهج المقاومة بل اتجهت نحو عرقلة تحرير المحافظة، جاءت بعد بدء تشكيل قيادة المحور والألوية العسكرية وانضمام المقاومة للجيش الوطني.
وبحسب التميمي فإن "الجيش الوطني في تعز يقوم هذه الأيام بما كان يجب أن يقوم به منذ فترة طويلة؛ لحماية ظهر المقاومة، وتطهير المدينة من العناصر الإرهابية التي تتلقى دعماً مباشراً من الإمارات".
وكانت قيادة محور تعز أطلقت عملية أمنية ضد كتائب أبو العباس، وذلك بعد تكرارها الاعتداءات، واستنزاف جنود المقاومة في عمليات إعدام واغتيال "بشعة"، أعاقت بناء الدولة، حسب بيان للقيادة.
وذكرت أن الهدف من العملية الأمنية ضد هذه الكتائب هو تطبيع الحياة العامة، وتفعيل المؤسسات وعودة النازحين إلى بيوتهم في الأماكن المحررة.
التميمي أشار إلى أن "الرعاية الكاملة من قبل قيادة الدولة، والحملة الأمنية، وقيادة المحور في المحافظة؛ جعلت من مهمة الجيش الوطني أكثر قوة بعد أن بات من الصعب الاستمرار في التغطية على جرائم يرتكبها إرهابيون مدانون دولياً".
ورأى التميمي أن وجود محافظ تعز أمين محمود في عدن هو إشارة إلى أن الرئيس عبد ربه منصور هادي "لم يعد مرتاحاً" لاستمرار الوضع على ما هو عليه في المحافظة.
خنجر في ظهر المقاومة
ولفت إلى أن الرأي العام المحلي في تعز ينظر إلى أن كتائب أبو العباس "خنجر يطعن ظهر المقاومة ويعرقل عملية تحرير المحافظة؛ وذلك يخدم الإمارات بالدرجة الأولى".
وبين أن تلك الكتائب نجحت أكثر من مرة في تشتيت انتباه الجيش الوطني لعملياته العسكرية الهادفة إلى تحرير تعز من الانقلاب.
الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان وصفت "أبو العباس" بـ"إرهابي يقود مجاميع إرهابية، والصراع معه هو صراع بين الجيش الوطني والإرهاب".
وقالت "كرمان" في منشور لها على حسابها في موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك): إن " أي توصيف آخر لا يجافي الحقيقة فحسب؛ بل يمثل تآمراً مع الإرهاب ضد مصالح الوطن العليا".
وأضافت في تغريدة عبر حسابها في "تويتر ": إنه "وفق بيان الخزانة الأمريكية فإن أبو العباس إرهابي حيث قام باحتضان عناصر من القاعدة وداعش في كتائبه، ورصدت الخزانة تحويلات مالية بينه وبين التنظيمين الإرهابيين. للعلم لايزال الارهابي ابو العباس هذا ومسلحيه يتلقون مختلف انواع الدعم من الامارات ليمارس ابشع الجرائم بحق تعز وابنائها".
كذلك، اعتبر ناشطون أن ما يقوم به أبو العباس في تعز "يوازي سياسة المجلس الانتقالي" في عدن، وفي مجملها أنشطة تخدم الانقلاب علىالشرعية وتقدمها كطرف ضعيف، مستدلّين بتغريدة للقيادي في "الانتقالي" هاني بن بريك، ألمح فيها إلى التحشيد لدعم كتائب أبو العباس.
الإمارات تهدف لإنهاء شرعية هادي
الصحافي والباحث في الشأن الخليجي عدنان هاشم، اعتبر أن الإمارات لم تعد مهتمة بنسج علاقتها بـ"هادي"، بعد وقائع كثيرة على الأرض استهدفته وحكومته.
وأكد هاشم في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن "هدف الإمارات أصبح يعني إنهاء شرعية الرئيس بأية طريقة من أجل إحلال حلفائها (المجلس الانتقالي/عائلة صالح) مكانه للتفاوض مع الحوثيين".
وأشار هاشم إلى أن الإمارات ستمضي بمخططاتها في تعز وعدن وحضرموت ولن تتراجع عنها؛ وما لم تتوحد القوى السياسية لمواجهة الفعل العبثي والتدميري لدولة الإمارات فإن الحرب لن تنتهي، وإنما سيتم تأجيلها فقط.
ومنذ سنوات عملت الإمارات على عزل مناطق مختلفة في اليمن عن سلطة الحكومة الشرعية، ودعمت فصائل مرتبطة بها في عدن وتعز وحضرموت وشبوة ومؤخراً في الحديدة.
ورأى هاشم أن السعودية "باتت تنجر وراء المستشارين الإماراتيين، وهو ما سيخلق مشاكل لأمنها القومي لاحقاً".
وتقود السعودية والإمارات، منذ 26 مارس 2015، حرباً لدعم الرئيس هادي في اليمن، قُتل من جرائها قرابة 10 آلاف من اليمنيين بينهم أطفال ونساء.
المصدر: الخليج أونلاين