تعيش محافظة إب هذه الأيام موسمها السياحي الذي يأتي متزامناً مع عيد الفطر المبارك في ظل تردي كبير للخدمات السياحية فيها ومحدودية البنية التحتية للسياحة ،وخضوعها تحت سلطة الانقلابيين الذين احتلوا متنزهاتها وأماكنها العامة ما أدى إلى انزواء المواطنين في منازلهم بدل الذهاب إليها لقضاء إجازة العيد.
فما الذي فعلته السلطات في إب لهذه المناسبة وكيف عاش أبناء المحافظة والزائرين عطلة عيد الفطر المبارك؟
استطلاع صحفي أجريناه مع عدد من سكان المحافظة وخلصنا إلى كثير من القضايا التي نوردها تفصيلاً في هذه التناوله.
عاصمة سياحية من دون متنزهات ومرافق!
إب..العاصمة السياحية هكذا يُطلق عليها في وسال الإعلام في حين لا تجد متنزهاً واحداً فيها على أرض الواقع ،قُدّر لهذه المحافظة أن تُنعت بأجمل الأوصاف من مسؤوليها في وقت يأخذوا فيه كل استحقاقاتها.
حبى الله المدينة الخضراء بجو خيالي وطقس معتدل وطبيعة خلابة تجعلها من مصافي مدن العالم جمالاً من حيث الطبيعة،لكنها ابتليت بمسئولين لم يعطوها حقها ولم يكونوا بمستواها فتركوها كما هي قرية كبيرة تنام مع بدايات الليل.
لم تسلم متنزهاتها المحدودة من تداعيات الانقلاب فمنذ اليوم الأول لاحتلال المحافظة من مليشيات الحوثي وصالح هرعت المليشيا إلى السيطرة على متنزهات المدينة وتحويلها إلى ثكنة عسكرية ما أخرجها عن جاهزية استقبال المواطنين للسياحة او قضاء الإجازات.
المواطن (محمد منصور) قضى إجازته بين أولاده في منزلهم وحين سألناه عن السبب أوضح لنا بأن مليشيات الانقلاب التي تحتل المتنزهات في المدينة هي المسبب الأول لعزوفه عن الخروج إلى المتنزهات أثناء عطلة العيد.
مضيفاً بان متنزهات إب تحتلها مليشيات مسلحة ولا يمكن أن يذهب وأبنائه إلى أماكن لم تعد للسياحة بقدر ما أصبحت تجمعات مسلحة .
إلى ذلك يرى (علي محمد) بان متنزهات إب (مشورة ـ جبل ربي ـ حراثة) أصبحت ثكنات عسكرية وأماكن لإنتاج الموت والقتل وليس أماكن متنزهات.
مضيفاً بأنه ليس من الممكن أن تكون أماكن تفوح منها راحة البارود ملاذاً لتجمع الأطفال والأسر للاحتفاء بالعيد.
ويواجه عدد من زوار المحافظة مشاكل تتعلق بالمرافق السياحية أثناء قدومهم إلى إب للتنزه تتمثل في عدم وجود فنادق ملائمة وكافية ولا مطاعم سياحية ولا حدائق ولا بقع خضراء ولا مرشدين سياحيين ما يضطرهم إلى مغادرة المدينة في ذات اليوم الذي قدموا إليها فيه.
ومن المشاكل التي واجها الزوار أثناء إجازة العيد اكتظاظ الفنادق بالنزلاء والنازحين الأمر الذي يؤدي إلى عدم استقرار الزائرين في المدينة لأكثر من يوم أو استبدال وجهتهم إلى مكان آخر.
مدينة بلا حدائق
تفتقر محافظة إب إلى الحدائق العامة وحدائق الألعاب ما يدفع بأبنائها التوجه إلى محافظة تعز المجاورة لقضاء إجازة العيد وتفسيح الأطفال،لكن الحرب الدائرة في تعز أدت إلى توقفهم عن السفر إلى تعز والبقاء في محافظتهم على الرغم من انعدام الحدائق والملاهي فيها.
ففي إب المحافظة السياحية لا يوجد حدائق ألعاب نموذجية وإن وجدت فهي ملاهي بدائية وقديمة تكاد تخرج عن الخدمة كما هو حال حديقة خليج سرت ،وأخرى ترزح تحت سيطرة الانقلابين كحديقة الألعاب بمشورة.
وفيما يخص حديقة الحيوانات فلا يوجد في إب حديقة حيوان سوى حديقة المحمول التي لم تعد متاحة للزيارة بعد نفوق عدد من الحيوانات وهروب البقية منها.
(إبراهيم عبد الله) قال لـ"يمن شباب نت" بأنه عادة ما كان يقضي إجازة العيد مع أطفاله في حديقة دريم للألعاب بتعز لكن أجواء الحرب هذا العام اضطرته لقضاء عيده في منزله.
وعن أسباب ذلك قال لا يوجد في إب حديقة ألعاب واحدة فقد صادر ما اسماهم "لصوص الله" كل شيء حتى ألعاب الأطفال ومتنزهاتهم.
من جهته قال (محمود أحمد) حيوانات حديقة المحمول انقرضت بسبب موت بعضها وهروب البعض الآخر وبالتالي فإنه فضل أن يقضي إجازة العيد في قريته بأرياف العدين مع البقرة والماعز والدجاج .
كابوس القمع والاختطاف
كثير من المواطنين قضوا إجازتهم في منازلهم أو بعيداً عن أهاليهم نتيجة الهاجس الأمني المخيم عليهم بعد عمليات القمع الأمني الذي مارسته المليشيات وتمارسه بحق الكثير من أبناء المحافظة.
وبحسب (م،أ،ي) فإن هاجس البطش المليشاوي كان هو الماثل أمامه في أيام العيد ولذلك فضل أن يحتفي بالعيد وحيداً بعيداً عن أهله وأطفاله خوفاُ من أن تطاله آلة القمع وممارسات الانقلابيين التي باتت مسلطة على كل صوت معارض لهم.
ويضيف بأنه وغيره الكثير من الإعلاميين والناشطين يحتفون بالعيد بعيدين عن الأهل والأطفال خوفاً من ملاحقات المليشيات وحملات الاختطاف الأمر الذي يؤدى إلى معاناة نفسية كبيرة تلحق بهم وبأسرهم أثناء إجازة العيد التي كانت من المفترض أن تكون متنزهاً ومتنفساً للجميع.
ويقبع أكثر من 100 مواطن من أبناء المحافظة في معتقلات الانقلابين مر على بعضهم أكثر من عام بسبب معارضتهم للإنقلاب ويعايشون معاناة قاسية داخل المعتقلات أثناء العيد الذين حُرموا من فرحته في أو ساط اهاليهم أو من زيارة أهاليهم لهم .
أزمة مرور خانقة
ومن أسباب عزوف المواطنين عن الخروج من منازلهم إلى المتنوهات أثناء العيد أزمة المرور الخانقة التي تشهدها المحافظة نتيجة توافد آلاف النازحين من المحافظات المجاورة إضافة إلى زوار المدينة أثناء العيد وضيق شوارعها وكثرة الأسواق العشوائية التي تمتلئ بها الشوارع.
ويرى (محمد منصور) بان أزمة المرور وازدحام الشوارع سبب آخر لبقاء العوائل في المنازل أثناء إجازة العيد ويؤيده في ذلك (علي محمد )، منوهاً بأن المسافة التي تصلها في ربع ساعة في الوضع الطبيعي بحاجة إلى أكثر من ساعة ونصف خلال أيام العيد وهو ما اضطرهم للبقاء في المنزل.
وتشهد إب منذ أكثر من عام أزمة خانقة في السير نتيجة كثرة المركبات الوافدة إلى المحافظة مقارنة بطول خطوط شوارعها ،لم تستطع سلطات الأمر الواقع في المحافظة من تجاوزها أو إيجاد الحلول المناسبة لها.
تأخر صرف مرتبات موظفي الدولة عائق آخر
وجد كثير من الموظفين أنفسهم عاجزين عن الاحتفاء مع أطفالهم بفرحة العيد وقضاء إجازة ممتعة بعد أن أغلق البنك المركزي أبوابه أمامهم وعجز الانقلابيون من صرف مرتباتهم لعدم وجود سيولة نقدية في البنوك قبل حلول العيد ما جعلهم يمكثون في منازلهم يتبادلون نظرات الحسرة والأسى في ظل ارتفاع أسعار جنونية شهدتها المدينة المكتظة بالسكان في المواد الغذائية واللحوم أثناء إجازة عيد الفطر المبارك.