أكد الرئيس عبد ربه منصور هادي، رئيس الجمهورية، أن المعركة التي نخوضها اليوم هي في الأساس، معركة مع الجهل، سواء المعركة مع القوى المتخلفة التي انقلبت على الدولة، وسببت كل هذا الخراب، أو مع تلك القوى المتخبطة التي تسعى لتعيق عمل الدولة، أو حتى مع الجماعات المتطرفة والإرهابية.
جاء ذلك خلال حضوره، اليوم، الإحتفال التكريمي لأوائل طلاب وطالبات جامعة عدن، للعامين الجامعيين 2014-2015 و 2015-2016، والذي اقيم بقاعة الاتحاد بالعاصمة المؤقتة عدن، حيث وجه الرئيس هادي، باستيعاب أوائل الخريجين في الجامعة وكذلك في الجهاز الاداري للدولة.
وشدد رئيس الجمهورية على الحكومة ورئاسة الجامعات الاهتمام البالغ بالتعليم والبحث العلمي.. مشيراً الى انه سيوجه الحكومة باعتماد نسبة مخصصة و كافية من الدخل القومي للبحث العلمي، الذي ينبغي ان يلامس مشكلات المجتمع، ويقدم الدراسات والأبحاث للدولة، لتنعكس في خطط للتنمية والبناء.
داعيا في ذات السياق على ضرورة الحفاظ على مستوى الجامعات التعليمي، والتميز العلمي، والاهتمام بالمعامل العلمية، خاصة بعد أن تعرضت بعض الكليات للتدمير والنهب بسبب الحرب.
وقال: "إن توجيه البحث العلمي في خدمة المجتمع وحل مشاكله وفق المنهج العلمي مسألة ضرورية، فالبحوث الطبية يجب ان تقوم بدراسة ظواهر بعض الأمراض المنتشرة في المجتمع وأسبابها والحلول لها وفق الامكانيات والظروف المتاحة، والأبحاث الاقتصادية يجب أن تناقش الأوضاع الاقتصادية، وتبحث في تفاصيلها، وتضع لها الحلول وفقا للإمكانيات والواقع أيضا، وكذلك الأمر في بقية التخصصات بحيث تساهم الجامعة في ترشيد الوعي الاجتماعي، وتعزيز مسيرة التنمية، ووضع الحلول للمشكلات".
وأكد رئيس الجمهورية، أن المعرفة قوة، والعلم سلطان، والثقافة سلاح، قائلاً: "انا هنا أخاطبكم وأخاطب من خلالكم كل ابنائي الطلاب في كل انحاء الوطن بأن يكثفوا من اهتمامهم بالعلم والمعرفة فهي سلاح الحياة وعنوان المستقبل، ولاتنخدعوا بالاوضاع اليوم حيث يصبح الجهل هو المسيطر، ومن امتلك البندقية امتلك القوة، هذا واقع مغلوط وسينتهي بدون شك، مهما تطاول، وسيبقى العلم هو الحاكم لمستقبل اليمن ان شاء الله".
ولفت الرئيس هادي، إلى أن الأفواج البشرية التي تلقي بها الميليشيا إلى المحرقة كل يوم لديها مشكلة في المعرفة والوعي، ولو أنها تلقت تعليما مناسبا، وتشكل لديها وعياً كافيا ً، لما ألقت بنفسها في الهلاك بلا غاية ولا قضية.
وأكد في هذا الإطار، أن المليشيا الانقلابية هي أساساً قائمة على تجهيل المجتمع، ولا تريد له ان يتعلم ويتنور، يريدون الشباب أن يحفظوا ملازمهم، ويرددوا صرختهم، ولعلكم تتابعوا اعتداءاتهم المستمرة على المدارس والمدرسين وعلى الجامعات وطلابها ومدرسيها. يريدون تجريف هذا الجيل والعودة الى الوهم والحق الالهي الحصري وجعلهم وقوداً لأطماعهم".
وأضاف رئيس الجمهورية: "لعلكم تعلمون كيف رمت هذه المليشيا العابثة بأهم وثيقة يمنية صاغها اليمنيون بحكمتهم وتجاربهم عرض الحائط ، تلك الوثيقة الأهم في التاريخ اليمني المعاصر، وثيقة مخرجات مؤتمر الحوارالوطني الشامل ، فبعد عامين من التحضير والحوار، ومشاركة كل فئات المجتمع، وبدعم إقليمي ودولي، أنتج اليمنيون وثيقة تعالج مشكلاتهم طيلة الفترة الماضية وترسم مستقبلهم، وترجم محتواها في مشروع دستور جديد، بعد كل ذلك الجهد والحلم، انقلبت تلك المليشيات على كل شي انتقاماً من جيل اليمن الجديد، انتقاماً من جيل الحوار الوطني والتغيير، انتقاماً من امل اليمنيين في العيش بسلام وآمن واستقرار ودولة اتحادية قائمة على مبادئ الشراكة والتعايش والعدل والحريّة والكرامة".
وأردف قائلا: "إنني وأنا التقي هذه النخبة سواء من اساتذة الجامعة، أو من الطلبة المتميزين أطمأن على مستقبل عدن، وعلى مستقبل البلاد، خاصة وأن الجامعات والمدارس ظلت تعمل في اصعب الظروف، وبأقل الامكانيات، اطمأن على العاصمة المؤقتة عدن التي تتطلع الى العيش بكرامة، والحياة بأمان، في ظل الدولة التي هي مطلب الجميع".
وأضاف: "هذه المدينة دفعت الكثير من التضحيات، وعاشت الكثير من الآلام، ولقد آن الأوان ان يعيش ابناؤها في أحضانها آمنين، لقد آن الأوان أن تكون عدن هي أم الجميع، وحاضنة الجميع، فمدينة عدن لاتستحق منا غير الوفاء و الحفاظ على آمنها واستقرارها وخدماتها".
وحيا رئيس الجمهورية اساتذة الجامعات، ومدرسي المدارس الذين تحدوا الواقع الصعب، وفتحوا أبواب الجامعات والمدارس، وتحملوا كل الظروف الصعبة، حافظوا على الكليات، وحافظوا على الممتلكات والوثائق ، وتحملوا المتاعب من اجل العلم.
واكد الرئيس هادي، أن اولوية التنمية تبدأ من الاهتمام بمحاضن المعرفة، وقال: "لقد وجهنا الأخوة في الحكومة لبذل المزيد من الجهد والعمل حتى تظل عجلة التعليم في الدوران دون توقف".
وقال هادي "ونحن اليوم على أبواب تدشين خدمة الانترنت الجديدة من العاصمة المؤقتة عدن (عدن نت)، والتي يجب ان تعطي الأولوية للجامعات لربطها بالسرعات المناسبة لتسهيل خدمات البحث العلمي، ويجب ان ترتبط الجامعات ببعضها وتستفيد من امكانيات بعضها وان تستفيد من الربط الشبكي والموارد المشتركة، والمراجع العلمية، وأن تعمل على الربط مع الجامعات في البلدان الاخرى ومراكز الأبحاث".
وشدد على ضبط السياسات التعليمية، وسياسات قبول الطلاب وفقا للمعايير العلمية الصحيحة، والصارمة على أساس من التنافس الحقيقي والعادل بين الطلاب، ومحاربة أي اختراقات سواء عبر الوساطات أو التساهل في تقييم الطلاب أو أي وسيلة خارج المنهج العلمي، وذلك من أجل الحفاظ على المستوى العلمي، ومكانة التعليم الجامعي وهيبة البحث العلمي.
واكد رئيس الجمهورية، على أهمية العمل على إحياء دور الجامعات في التنمية والتوعية والترشيد، حتى تعود الجامعة الى موقعها الطبيعي كمنارة المستقبل التي يهتدي المجمتع بأنوارها، وعليها يقع دور كبير تجاه المجتمع، والإسهام في تنميته، والمساعدة في ضبط أمنه واستقراره.
وأضاف: "ندرك حجم التحديات التي يواجهها ابناؤنا الطلاب والمدرسين، وأساتذة الجامعات وطلابها التي تقع تحت سيطرة الميليشيا الانقلابية، ونحن نؤكد لأبنائنا بأننا نبذل جهودنا، وبكل السُبُل الممكنة لتعود الجامعات والمدارس الى وضعها الطبيعي، ويعلم الجميع أن الميليشيا الانقلابية هي التي تصادر حقوقهم ومستحقاتهم لتحويلها الى مجهودات حربية".