ما إن تطل تباشير العيد في مختلف دول العالم الإسلامي، حتى يرتفع منسوب الحنين والشوق إلى الوطن لدى الجاليات اليمنية في تلك البقاع التي استقروا بها، إما بسبب الحرب أو البحث عن فرصة عمل أو مقعد دراسي.
وفي تركيا يختلف حال الجالية اليمنية عن باقي البلدان لعدة أسباب، أبرزها "طقوس العيد" المتشابهة بين البلدين نسبة للروابط المشتركة على خلفية الحكم العثماني لليمن.
وتقول شروق القاسمي، المذيعة في قناة "بلقيس" الفضائية، التي تبث من إسطنبول، إن "الحديث عن الحنين لليمن والطقوس التي اعتاد عليها اليمنيون أمر بديهي ولا يمكن تجاهله كحال كل المغتربين والمهاجرين".
وأضافت القاسمي، في حديثها للأناضول، أن "من الصعوبات التي تسببت بها الحرب على اليمنيين، فكرة زيارة الأهل في اليمن مثلًا، والتي أصبحت بالنسبة للبعض فكرة مستحيلة".
ورغم كل ذلك تعتبر القاسمي، نفسها "محظوظة في تركيا لعدة أسباب أهمها، تواجد الجالية اليمنية الكبيرة".
وبعد سنتين وأكثر من الغربة، تقول القاسمي، "لم يمر عيد لم ألتقِ فيه بمن أصبحوا أسرتي في الغربة، نتبادل التهاني والمواساة في آن واحد، في محاولة منا لخلق طقوس تشبه تلك التي اعتدنا عليها".
وأشارت إلى أن "الثقافة التركية القريبة جدًا من الثقافة اليمنية، أمر مهم جدًا خفف ولو بشكل بسيط شعور، الغربة والحنين".
ومن الثقافات المشتركة أنه "لا يكاد يخلو حي من جامع تُصلى فيه صلاة العيد، فضلًا عن أماكن مشهورة جدًا في إسطنبول كجامج السلطان أحمد، يتجمع فيها الكثير من الأتراك والأجانب للاحتفاء بأول ساعات العيد"، بحسب القاسمي.
وتعتبر الجالية اليمنية من الجاليات التي نشأت حديثاً في تركيا، وبلغ عدد أبناء الجالية أكثر من 7 آلاف شخص، بحسب إحصائيات رسمية لقيادة الجالية، والرقم مرشح للزيادة مع دخول عدد من اليمنيين إلى تركيا مؤخراً، وخصوصاً رجال الأعمال والتجار القادمين من دول الخليج".
ويجتمع اليمنيون أيام العيد في تركيا حيث يتبادلون التهاني ويعيشون أجواءً قريبة من بلدهم، وبعضهم يلبس الزي التقليدي (كل حسب منطقته)، ويقيمون بعض الفعاليات والرقصات الشعبية والأهازيج.
ويقول ياسر الشيخ، رئيس الجالية اليمنية، إن "العيد في تركيا ليس بغريب على اليمنيين، لأن عاداته وطقوسه تقترب من عادات اليمن".
وأضاف الشيخ، للأناضول، أن "اليمنيين ورثوا بعض العادات والتقاليد عن العثمانيين الذين حكموا اليمن في فترات سابقة".
وأشار الشيخ، الذي ينحدر من محافظة إب، وسط البلاد، إلى أن "الطقوس الدينية متشابهة، فالأتراك يقدسون المشاعر الدينية، ولديهم عادات شبيهة باليمنيين مثل التزيّن بملابس العيد التقليدية".
وأضاف، "من الطقوس المتشابهة أيضاً اجتماع الشباب في أماكن محددة للمعايدة (السلام على بعضهم)، وطريقة التكبير أيام العيد".
وفي حين أكد الشيخ، أنه "لا يشعر بالغربة بشكل كبير، لأن تركيا بلد مسلم، والناس كلهم يعيشون أجواء العيد".
لكنه عاد وقال إن "الحنين إلى اليمن لدى كثير من أبنائه يكون في أيام العيد، والشوق إلى الوطن يكون في أعلى درجاته".
ومن الطقوس المشتركة بين اليمن وتركيا بحسب من تحدثوا للأناضول، المعايدة والزيارات، وكذا ما يسمى بـ"العوادة"، وهي أن يمر الأطفال بالمنازل ويأخذون الهدايا والحلويات، ويكون كبار السن قد جهزوا الحلوى والهدايا للصغار حتى إذا مروا بهم قدموها لهم.
كما يخفف من وطأة الغربة والحنين إلى الوطن، أن كثيرًا من العرب واليمنيين يتوافدون إلى تركيا ليقضوا إجازة العيد فيها، فيشعر اليمنيون أن "إسطنبول" بلد عربي لكثرة توافد العرب إليها أيام العيد.
وحكم العثمانيون اليمن على فترتين، الأولى من 1539م وحتى 1634م، والثانية من 1872م إلى 1918م.