كشفت صحيفة الكترونية عربية بلندن، نقلا عن مصادر يمنية مطلعة قريبة من الدوائر الرسمية، عن تفاصيل وصفتها أنها "صادمة لأساليب وأشكال التعامل "السيئة" التي تقوم بها السعودية بحق مسؤولين يمنيين، وفي المقدمة الرئيس عبدربه منصور هادي". حسب الصحيفة.
وقالت المصادر اليمنية لـ"عربي21"، شريطة عدم الكشف عن أسمائها، إن السلطات السعودية، انتهجت في أحيان كثيرة، أساليب مهينة مع الرئيس اليمني وعدد من المسؤولين المقربين منه خلال الثلاث سنوات الماضية من الحرب، التي تقودها دعما لشرعيته.
وأضافت أن السعوديين دأبوا على التعامل بطريقة غير لائقة مع القيادة اليمنية المقيمة في أراضيها، وتتنوع بين إهانات مباشرة وغير مباشرة، وتطاول عليهم، بما فيهم الرئيس هادي دون الاكتراث لموقعه كـ"رئيس جمهورية".
وتابعت المصادر أن هادي المقيم في العاصمة السعودية الرياض، بات بين رحى "قرار منعه من العودة إلى مدينة عدن (جنوبا)، وأشكال غير منضبطة من التعامل من قبل الجهات المسؤولة عن إدارة ملف بلاده".
وأشارت الى أنه في أواخر نيسان/ إبريل 2017، طلب الرئيس هادي، لقاء الملك سلمان بن عبدالعزيز، حيث جاء طلبه بعد قرارين مثيرين للجدل أطاح بموجبهما بحليفي الإمارات في عدن من منصبيهما، وهما اللواء عيدروس الزبيدي، من منصبه كمحافظ مدينة عدن، وبالشخصية السلفية المثيرة للجدل، هاني بن بريك، من منصبه كوزير للدولة في الحكومة الشرعية.
إلا أن طلبه وفقا للمصادر، قوبل برفض من قبل مسؤولين سعوديين.
وأكدت المصادر المطلعة أن الرئيس هادي ألح وأصر على اللقاء بالملك.
وأمام هذا الإصرار، جاءه ضابط سعودي وأعطاه ورقة ليوقع عليها، لكن هادي اشترط مقابل التوقيع اللقاء بالملك سلمان، وتم قبول شرطه.
وأردفت المصادر بالقول إن الورقة التي وقع عليها هادي تضمنت "تشكيل لجنة ثلاثية ترأسها اليمن وعضوية كل من الإمارات والسعودية، للمشاركة في إدارة الأوضاع في بلاده"، بعد تدهور العلاقة مع أبوظبي على خلفية إقالته للواء الزبيدي وابن بريك.
في غضون ذلك، تم نقل الرئيس هادي إلى المقر الذي يقيم فيه الملك، تم إخباره بأن اللقاء سيستغرق 5 دقائق فقط، من أجل التقاط صور فقط، ومنعه من تجاوز هذا السقف الزمني، لأن الملك مشغول.
من جهته، وافق الرئيس هادي على سقف اللقاء الزمني، لكنه عندما وصل إلى الملك الذي يقيم في منتجع ملكي، فتح ملفات عدة، وأحاطه بما يجري، حتى استمر اللقاء بينهما نحو 55 دقيقة.
وذكرت المصادر اليمنية المطلعة أنه بعد الانتهاء من لقاء الرئيس اليمني بالملك السعودي، تم نقل الأول، إلى غرفة تقع ضمن نطاق مقر سلمان، لمدة 24ساعة كاملة، بلا فرش أو بطانيات، وكان برفقته، مدير مكتبه عبدالله العليمي.
وظل هادي كما تقول المصادر، في هذه الأجواء، بصحبة مدير مكتبه، العليمي، حتى جن عليهما الليل، وناما على كنبة سرير (أريكة مصممة للجلوس لها مسند للظهر ومسندان للذراعين) دون أن يمنحا أي غطاء إضافي.
وقالت المصادر إن هادي احتج من حجم الاهتمام به، من خلال إيفاد مسؤولين سعوديين صغار للتباحث معه، بدلا عن الملك أو ولي عهده أو ولي ولي العهد، عندما يطلب اللقاء معهم، ليتم تدارك الأمر، وإرسال الأمير، محمد بن نايف، ولي العهد السابق.
وأوضحت المصادر أن طريقة التعامل مع هادي، تدل على أن الملف اليمني موكول إلى مسؤولين برتبة وزير أو أقل.
كل هذه الوقائع، دفعت نائب رئيس الوزراء اليمني، وزير الخدمة المدنية المستقيل، عبدالعزيز جباري، في آذار/ مارس الماضي، إلى دعوة قيادة المملكة بالتعامل باحترام مع الرئيس هادي وبلاده.
وقال جباري في مقابلة أجراه مع التلفزيون الرسمي: لم نقبل الإهانة من الحوثي، ولا يمكن أن نقبلها من أي جهة أخرى، بأي حال من الأحوال".
أكثر صعوبة
وتشير المصادر إلى أن حكومة هادي تشعر أن العمل مع التحالف أصبح أكثر صعوبة، ذلك أن سياسته تعكس فشلا ذريعا، فالسعودية لا تعطي أولوية للتعامل مع خطر تقويضها، الذي تنتهجه الإمارات، وقيامها بإنشاء تشكيلات عسكرية وأمنية موازية لها في الأعوام الثالثة الماضية، دون أن تمارس الرياض أي ضغوطات عليها للكف عن خرقها لأهداف التحالف الذي تدخل لدعم الشرعية.
وبينت أن الحكومة أصيبت بخيبة أمل، بعدما أدركت أن الرياض تسير على خط قارب السياسات الإماراتية المعادي للشرعية. مؤكدة أن حكومة هادي راهنت كثيرا على تخطي قادة المملكة سياسة" غض الطرف" عن طموحات أبوظبي، ومواقفها المعلنة ضدها.
إهانات غير مباشرة
من جانبها، أفصحت المصادر المقربة من الدوائر الرسمية بالحكومة اليمنية عن "إهانات غير مباشرة للرئيس هادي"، تتجلى في إهمال توجيهات رئاسية للجهة المخولة بتنفيذ وتسهيل ما يتعلق بشؤون بلاده، وفي أحيان أخرى، وصلت بالمسؤولين عن اللجنة الخاصة التابعة لمجلس الوزراء، الجرأة، لرفضها مباشرة.
وحاليا، تقول المصادر لـ"عربي21" إن "من يتولى ملف اليمن مسؤول الاستخبارات العامة، الفريق، خالد الحميدان، ورئيس ما تسمى "اللجنة الخاصة التابعة لمجلس الوزراء بشأن اليمن، محمد القحطاني".
وتضيف أنه مع تأزم علاقة حكومة هادي مع الإمارات، أصبح رئيس الاستخبارات السعودية، الحميدان هو من يلتقي بالرئيس هادي، بعدما كانت هذه المهمة في السابق، من مسؤول "اللجنة الخاصة "والمعنية بشؤون اليمن، محمد القحطاني.
مسؤولون ووزراء
وفي سياق مواز، لفتت المصادر إلى أن هناك مراسيم سيئة طالت مسؤولين في الحكومة الشرعية بينهم وزراء، ولعل أبرزها "تحول بعض اللقاءات بينهم وبين المسؤولين السعوديين لجلسات تحقيق وتوبيخ، خصوصا الذين يبدون تذمرهم من مآلات الوضع في بلادهم".
ووفقا للمصادر، فإن هذا النهج يعتمد على تقارير يتم رفعها من بعض من تم تجنيدهم للتجسس والمتابعة على الشخصيات اليمنية الحكومية التي تتبنى معارضة ضد سياسات التحالف العسكري، الذي تقوده المملكة وخصوصا الإمارات.
وتشير الى أن كثيرا من الوزراء والوكلاء ونواب الوزراء وقيادات الدولة، في حال تقدموا بطلب الحصول على تأشيرة دخول للمملكة، لا يتم منحهم إياها بشكل سريع، وإنما ينتظر البعض شهورا ليحصلوا عليها.
كما أن عملية الدعم لقوات الجيش الوطني، خاضعة لمعايير الولاء والخضوع، فمن يتقرب ويتماهى مع سياسات المملكة والإمارات، من قادة الجبهات في الداخل، يتلقى دعما سخيا، على عكس من يقفون على الضفة الأخرى.
وتقود السعودية تحالفا عسكريا ينفذ، منذ 26 آذار/ مارس 2015، عمليات برية وجوية ضد جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) وحلفائهم، دعما لشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
- المصدر: عربي21