تعود معركةُ الساحل الغربي في اليمن، مجدداً، مع دخول العميد طارق صالح، نجل شقيق الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، على خطّ المواجهة رسمياً ضد جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، وبدعمٍ إماراتي مباشر، في ظلّ موقف الشرعية الذي يتردد في دعم أيّ عملية من هذا النوع، مع التزام الصمت أحياناً، وسط جدلٍ يُثار عن حدود المعركة التي يُراد لها أن تتم، بأذرع صالح الناجية من أحداث ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وأكدت مصادر ميدانية مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن القوات التي يقودها طارق صالح تحت مسمى "المقاومة الوطنية" و"حراس الجمهورية"، واصلت اليوم الجمعة، مواجهاتها مع الحوثيين غرب تعز، بعد يومٍ من بدء عملياتها في المناطق المحيطة بمعسكر خالد بن الوليد، بمديرية موزع، والذي يحتل موقعاً استراتيجياً بالنسبة للساحل الغربي، وبات تحت سيطرة قوات الشرعية والقوات الإماراتية منذ شهور.
وفيما أعلنت مصادر قريبة من الموالين لصالح، أن عمليات الـ48 ساعة الماضية، نجحت بتأمين المرتفعات الجبلية القريبة من المعسكر وألحقت خسائر بشرية ومادية في صفوف الحوثيين، قالت مصادر الجماعة إن مسلحيها والقوات المتحالفة معهم، تمكنت من صدّ زحفٍ واسعٍ مسنودٍ بغطاء جوي، شرق وشمال معسكر خالد وقرب جسر الهاملي، بمديرية موزع، وأعلنوا تدمير ثلاث مدرعات عسكرية وإعطاب آلية عسكرية، بالإضافة إلى سقوط قتلى وجرحى.
وجاء تحرك القوات الموالية لطارق صالح بعدما وصلت مؤخراً من عدن، إلى مدينة المخا الساحلية، والتي باتت تحت سيطرة قوات الشرعية والقوات الإماراتية منذ أشهر، فيما أفادت مصادر قريبة من القوة لـ"العربي الجديد"، بأن الهدف من تحركها الذي بدأ الخميس، تأمين العديد من المناطق القريبة من السواحل تمهيداً للانتقال بالمعارك صوب مدينة الحديدة الساحلية، والتي لطالما أعلن "التحالف" أنها الهدف التالي للعمليات العسكرية منذ سيطرته على المخا، في النصف الأول من العام الماضي.
وأظهرت تحركات الأيام الأخيرة، أن الإمارات دفعت أخيراً بالقوة الجديدة التي دعمتها لوجستياً في الشهور الأولى بقيادة صالح، ليبدو في واجهة معركة الساحل الغربي، بعدما هزمت قواته أمام الحوثيين في صنعاء في ديسمبر/كانون الماضي، وفر إلى عدن، التي استطاع فيها وبدعم إماراتي قوي، أن يعيد تجميع جزء من قواته، قبل أن ينتقل رسمياً إلى واجهة المعركة الأهم، التي تكتسب أهمية استراتيجية باعتبارها في المناطق القريبة من المياه الدولية ومن مضيق باب المندب، كما أنها معركة ذات أولوية، في الطريق إلى الحديدة، إحدى أهم المدن اليمنية الحيوية، وهي المنفذ البحري الوحيد الخاضع لسيطرة الحوثيين.
وظهر الدعم الإماراتي جلياً لطارق صالح من خلال تسليح قواته ودعمها في عدن، مروراً بنقلها إلى المخا (حيث القرار الأول للتحالف بواجهة إماراتية)، وصولأً إلى التغطية الخبرية خلال اليومين الماضيين، لانطلاق العمليات العسكرية للموالين لطارق، حيث عرضت وكالة أنباء الإمارات (وام)، مقطع فيديو من اجتماع لطارق صالح مع عدد من معاونيه، وهو يشرح لهم وأمامه خارطة، الخطط العسكرية التي سيتم تنفيذها في المرحلة الحالية.
في المقابل، التزمت الحكومة الشرعية ووسائلها الإعلامية الصمت، وعدم تغطية المعارك في الساحل الغربي، في ظلّ علامات الاستفهام التي توضع حول الاهتمام والدعم الإماراتي لطارق صالح، على نحو دفع أوساط في الشرعية، لإبداء مخاوف من أن القوات التي يقودها، ستكون الذراع الإماراتية في الشمال، على غرار الأحزمة الأمنية والنخبة الحضرمية والشبوانية في الجنوب، والتي يتمُّ تصنيفها كقوات خارجة عن سلطة الشرعية.
من زاوية أخرى، يُثير تحرك قوات طارق صالح تساؤلات عدة في الأوساط اليمنية، حول مدى إمكانية أن يشكل ذلك فارقاً على صعيد المعركة مع الحوثيين والتقدم نحو مدينة الحديدة على نحو خاص، باعتبارها المدينة الأهم التي يسعى "التحالف" لانتزاع السيطرة عليها من الحوثيين، وتقول الحكومة الشرعية و"التحالف" إن الجماعة تستخدمها لتهريب الأسلحة، ولتهديد الملاحة الدولية، وذلك لتبرير التصعيد العسكري نحوها، بوجه الضغوط الدولية التي تشدد على أهمية أن يبقى الميناء مفتوحاً وعاملاً أمام الشحنات التجارية والإغاثية.