قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير جديد اليوم الاثنين إن مليشيات الحوثي الانقلابي انتهكت قوانين الحرب بإطلاقها صواريخ بالستية عشوائيا على مناطق مأهولة بالسكان بالسعودية، في 25 مارس الجاري، قتلت الهجمات عاملا مصريا وافدا وأصابت آخريْن في العاصمة الرياض، حسبما ذكرت "وكالة الأنباء السعودية" الرسمية.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "على الحوثيين أن يوقفوا فورا هجماتهم الصاروخية العشوائية على المناطق المأهولة بالسعودية. لكن مثلما لا تبرر الغارات الجوية غير القانونية التي قام بها التحالف هجمات الحوثيين العشوائية، لا يمكن للسعوديين استخدام صواريخ الحوثي لتبرير إعاقة وصول البضائع الضرورية للسكان المدنيين".
يعاني اليمن من أكبر أزمة إنسانية في العالم، وفقا للأمم المتحدة، مع وجود أكثر من 8 ملايين شخص على حافة المجاعة، وأكثر من مليون شخص يشتبه في إصابتهم بالكوليرا.
ذكرت وكالة الأنباء السعودية في 26 مارس أن قوات الحوثي أطلقت 7 صواريخ بالستية على السعودية من اليمن "اعترضتها" الدفاعات الجوية السعودية. أكدت وسائل إعلام داعمة للحوثيين الهجمات، معلنة أن الحوثيين استهدفوا مطار الملك خالد الدولي بالرياض بصاروخ "بركان إتش 2"، ومطار أبها الإقليمي جنوب السعودية بصاروخ "قاهر م 2"، وأهداف متعددة في محافظات جازان ونجران الجنوبية بصواريخ "بدر 1" البالستية.
يبعد مطار الملك خالد حوالي 35 كيلومترا شمال شرق مناطق الرياض ذات الكثافة السكانية العالية. المطار مدني رغم أنه يحوي شركة تقدم خدمات وصيانة للطائرات العسكرية. في حين أن الموقع الذي أطلقت عليه قوات الحوثي الصاروخ غير واضح، فإن المطار يبعد 850 كيلومترا عن الحدود اليمنية، وهو أبعد من المدى الذي يمكن فيه لصاروخ بركان إتش 2 أن يستهدف الأهداف العسكرية بدقة. مطار أبها الإقليمي هو مطار مدني على بعد 110 كيلومترات من الحدود و15 كيلومترا غرب قاعدة الملك خالد الجوية، إحدى أكبر القواعد العسكرية في السعودية.
غالبا ما تكون هجمات الصواريخ البالستية غير الموجهة مثل بركان إتش 2 أو قاهر إم 2 عشوائية، خاصة في المدى البعيد، حيث لا يمكنها استهداف الأهداف العسكرية بدقة. عندما تُوجّه هذه الهجمات عمدا أو عشوائيا نحو مناطق مأهولة بالسكان أو أهداف مدنية، فإنها تنتهك قوانين الحرب. قد يكون الذين أمروا بمثل هذه الهجمات مسؤولين عن جرائم الحرب، بحسب المنظمة.
عندما تستخدم الصواريخ البالستية ذات الحمولات الضخمة من المواد شديدة الانفجار في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، فإن لها تأثير مدمر واسع النطاق لا يمكن أن يميز بشكل كاف بين المدنيين والأهداف العسكرية، مما يؤدي في الغالب إلى خسائر مدنية. قالت هيومن رايتس ووتش إن على القادة العسكريين الالتزام بسياسة عدم استخدام الصواريخ البالستية ذات التأثيرات الواسعة في المناطق المأهولة بالسكان.
في مؤتمر صحفي في 26 مارس، أعلن المتحدث باسم التحالف، العقيد تركي المالكي، أن "شظايا الصواريخ المتفرقة" سقطت في أحياء مختلفة من الرياض، مما أسفر عن مقتل وجرح عمال وافدين. كما اتهم إيران بتصدير الصواريخ إلى الحوثيين في اليمن. في نفس اليوم، نفى مسؤول في "الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني أن تكون إيران أرسلت أي صواريخ بالستية إلى اليمن، قائلا إن "اليمنيين وصلوا إلى القدرة على إنتاج أسلحتهم الدفاعية الخاصة بهم بما فيه الصواريخ. إنجاز لا يمكن للسعوديين تصوره".
في يناير الماضي، ذكر "فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن" أنه "حدد مؤشرات قوية لتوريد المواد ذات الصلة بالأسلحة مصنعة في جمهورية إيران الإسلامية، أو قادمة منها، بعد فرض حظر الأسلحة في 14 أبريل/نيسان 2015، لا سيما في مجال تكنولوجيا الصواريخ البالستية قصيرة المدى".
في 26 مارس/آذار، صرّح المتحدث باسم قوات التحالف بأن مليشيات الحوثي أطلقت 104 صاروخا بالستيا على السعودية منذ بداية النزاع، وهو رقم لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيده. في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، أطلقت قوات الحوثي صاروخا بالستيا على مطار الرياض الدولي، و سقطت بعض شظايا الصواريخ داخل منطقة المطار. وثّقت هيومن رايتس ووتش إطلاق قوات الحوثي العشوائي لصواريخ مدفعية قصيرة المدى غير موجهة، من شمال اليمن إلى مناطق مأهولة بالسكان جنوب السعودية منذ مايو/أيار 2015. تسببت بعض هذه الهجمات بمقتل وجرح مدنيين.
كثيرا ما قصف الحوثيون مناطق ذات كثافة سكانية عالية بشكل عشوائي في اليمن في انتهاك لقوانين الحرب وقتلوا وجرحوا المدنيين. قالت هيومن رايتس ووتش إن هذه الهجمات تسببت بخسائر فادحة في تعز ثالث أكبر مدينة في اليمن.
بعد الهجوم الصاروخي للحوثيين بتاريخ 4 نوفمبر/تشرين الثاني على مطار الرياض، أعلن التحالف أنه سيغلق جميع الموانئ البحرية والبرية والجوية لليمن بشكل مؤقت، قائلاً إن المساعدات ستستمر تحت تدقيق صارم.
قالت هيومن رايتس ووتش إن إغلاق الموانئ في نوفمبر/تشرين الثاني زاد من تفاقم الحالة الإنسانية الرهيبة للمدنيين اليمنيين، والتي تفاقمت مسبقا بسبب القيود المفروضة على الواردات التي فرضها التحالف قبل إغلاق نوفمبر/تشرين الثاني. كما انتهكت قوات الحوثي الالتزامات القانونية الدولية بتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين.
خفف التحالف من بعض هذه القيود أواخر عام 2017 وأعلن عن حزمة مساعدات إنسانية كبيرة وخطة ادعى من خلالها التحالف بضمان تلبية احتياجات اليمن من الواردات.
قالت هيومن رايتس ووتش إن التحالف سبق أن قطع وعوده بالالتزام بالقانون الدولي عند فرضه " الحصار". حيث أخر وغير مسار ناقلات الوقود، وأغلق ميناء هاما، وأوقف السلع الضرورية للحياة عن الوصول إلى السكان.
في فبراير/شباط، وصلت الواردات التجارية إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون "إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق"، وفقا للأمم المتحدة، مع وصول نصف الواردات الغذائية وأقل من ربع واردات الوقود للاحتياجات الشهرية للبلاد. لم تصل "البضائع المعبأة في حاويات"، التي يمكن أن تشمل البضائع العامة والأخشاب والبضائع الإنسانية والتجارية المختلطة، إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون في أعقاب إغلاق نوفمبر/تشرين الثاني. كما أغلق التحالف مطار اليمن الرئيسي في صنعاء لأكثر من عام، ومنع المجموعات الحقوقية من دخول المناطق الخاضعة للحوثيين، وتدخل مرارا وتكرارا في رحلات الأمم المتحدة التي تنقل عمال الإغاثة إلى اليمن.
في 15 مارس/آذار، دعا "مجلس الأمن الدولي" إلى "الانفتاح الكامل والمستدام لجميع الموانئ اليمنية" على جميع الواردات التجارية والإنسانية، وزيادة الوصول إلى مطار صنعاء من أجل المساعدات الضرورية للحياة، والحالات الإنسانية العاجلة، ورحلات الطيران التابعة للأمم المتحدة "للمضي قدما دون عوائق".
في مارس/آذار، أفاد "مكتب حقوق الإنسان" التابع للأمم المتحدة أن عدد الضحايا المدنيين "زاد بشكل كبير خلال الأشهر الستة الماضية"، وأنه خلال السنوات الثلاث السابقة، تحققت الأمم المتحدة من مقتل 6100 مدني، من بينهم 1491 طفل، و9683 إصابة. تسببت الغارات الجوية التي شنتها قوات التحالف بـ 61 بالمائة من الضحايا المدنيين المسجّلين، وقصف الحوثيين العشوائي ونيران القناصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية "تستحوذ على جزء كبير من البقية".
قالت ويتسن: "بعد 3 سنوات من حرب التحالف في اليمن، أصبح الوضع بالنسبة للمدنيين أسوأ من أي وقت مضى".