شدد عبد العزيز جباري، نائب رئيس الوزراء اليمني، وزير الخدمة المدنية، على ضرورة إعادة النظر في العلاقة بين الحكومة اليمنية والتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية. وفي حين نفى أن يكون الرئيس اليمني قيد الإقامة الجبرية في الرياض، إلا أنه أكد أنه "لا يستطيع العودة إلى عدن".
وكان جباري قد تحدث، مساء اليوم مع قناة "اليمن" الفضائية، في أول مقابلة خاصة تأتي في اليوم التالي مباشرة على تقديم استقالته من الحكومة إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي، خلال الاجتماع الذي عقده الرئيس أمس الإثنين مع مستشاريه وقيادة الحكومة بمقر إقامته في الرياض.
وحتى الأن، ما زال الرئيس هادي لم يقبل تلك الاستقالة، بحسب ما أكده جباري- ضمن مقابلته مع "قناة اليمن" الفضائية، مساء اليوم، التي ثمن فيها حرص الرئيس على إبقائه في الحكومة وعدم قبوله استقالته. إلا أنه أعرب عن عدم رغبته مواصلة العمل في إطار الحكومة.
وفي حال تم قبول تلك الاستقالة، نفى جباري أن ذلك قد يمثل هروبا من المسئولية، أو إنزواءً في ظل هذه الظروف المعقدة التي تمر بها البلاد، وقال: من قال إننا سننزوي، (...)، نحن سنواصل القيام بعملنا السياسي كمستشار لفخامة الرئيس، أو كأمين عام حزب سياسي، سنقوم بدورنا سواء داخل الحكومة أم من خارجها..
وعبد العزيز جباري، يتولى منصب أمين عام حزب العدالة والتنمية، إلى جانب كونه عضوا بارزا في مجلس النواب.
إعادة ضبط العلاقة مع التحالف
وعن الأسباب التي دعته إلى تقديم استقالته، أكد جباري على أن لديه وجهة نظر فيما يتعلق بطبيعة العلاقة القائمة حاليا مع التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية، وجاء إلى اليمن لإنهاء انقلاب الحوثيين على السلطة وإعادة الشرعية.
وجدد جباري، خلال المقابلة، تشديده على ضرورة إعادة النظر في تلك العلاقة بين اليمن والتحالف العربي. وقال: "يجب إعادة النظر في العلاقة القائمة بيننا وبين التحالف العربي"، مضيفا أن "هذه العلاقة يجب أن تصحح، ليس على أساس تابع ومتبوع".
وطالب بتقييم الحرب اليمنية بقيادة التحالف، بعد مرور ثلاث سنوات عليها، (...)، إلى أين وصلت؟ وما هي الأضرار والنتائج التي لحقت بالبلاد جرائها؟ وما هي العوائق؟ ومن الذي أوقفها في بعض الجبهات التي كانت تتقدم..؟! وما إذا كان الحل السياسي قد أصبح هو الأنسب.. وغيره. وعلى ضوئه، يؤكد: "يجب أن نتحدث حول ذلك بصراحة مع قيادة التحالف".
وأعاد جباري التأكيد مجددا على ضرورة التعامل مع اليمن وقيادته باحترام، قال: نحن لم نقبل الإهانة من أحد، في السابق، لا من الحوثي، ولا من الرئيس السابق علي صالح (...)، مستدركا: "ولن نقبلها من أحد"، ويجب أن يعلم الجميع ذلك. كما أكد: "لا بد أن نحترم كرامتنا، ولن نقبل من أحد إهانتنا".
وحول ما يتردد من أن الرئيس اليمني هادي "محتجز" أو "قيد الإقامة الجبرية" في الرياض، كما يشاع على نطاق واسع، رد جباري، طالما وأنك سألتني هذا السؤال وتريد مني الإجابة عليه بمصداقية، فإني أؤكد لك أن "الرئيس هادي ليس محتجزا في الرياض، لكنه لا يستطيع العودة إلى عدن..."...!! لكنه تهرب من الإجابة على سؤال القناة: "لماذا؟".
وبدلا من ذلك، ذهب للإعراب عن أمنيته بأن يتم "التعامل مع اليمن كبلد ذو حضارة عريقة" لألاف السنوات، وليس مجرد "بلد هامشي"..
وفي حين أعاد التذّكّير بأن التحالف جاء إلى اليمن لمساعدته في إزالة الانقلاب واستعادة الشرعية، فقد شدد مجددا على ضرورة أن يتم التعامل مع اليمن ورئيسه وشعبه باحترام، قال: "لا بد أن يكون التعامل مع اليمن، ومع الرئيس اليمني أيضا، ومع الشعب اليمني والمغتربين اليمنيين، باحترام...".
كما أضاف أيضا: "علاقتنا يجب أن تكون مبنية على تبادل الاحترام. وعلاقتنا مع السعودية يجب أن تكون علاقة مصالح متبادلة.."، مشيرا في هذا الصدد إلى أهمية استقرار اليمن وأمنه بالنسبة للسعودية وكافة دول الخليج والأقليم والمنطقة..
وقال: ليس لمصلحتنا، وليس لمصلحة البلاد مستقبلا، إلا أن تكون علاقتنا صحيحة تقوم على الاحترام بيننا وبين دول التحالف ودول الخليج..
الحوثي هو المشكلة الرئيسية
وفي سياق آخر، لكنه متصل بالحرب اليمنية، هاجم جباري، ميليشيات الحوثي بشدة. وأكد أن مشكلة اليمن أولا وأخيرا، تتمثل في هذه الميليشيات الانقلابية.
وعن الزيارة الأخيرة التي يقوم بها وفدا أوروبيا رفيع المستوى، إلى العاصمة اليمنية صنعاء، التي وصلها يوم أمس الإثنين بقيادة رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي "انتونيا كالفو-بيورتا"، بهدف الإلتقاء بقيادة الحوثي لحثهم على الانخراط في محادثات لإيجاد تسوية سياسية دائمة، أعتبر جباري أن هذه الزيارة لن تحقق أهدافها المرجوة، كون المشكلة الحقيقة تكمن في عدم رغبة هذه الميليشيات بالسلام، أو الانخراط في حوار جدي يوصل إلى سلام حقيقي ودائم، مؤكد أن "المشكلة كلها عند الحوثي".
وقال، متحدثا عن الوفد الدبلوماسي الأوروبي الذي وصل صنعاء: "دعهم يذهبون إلى صنعاء، فذلك سيجعلهم يقتنعون أن الحوثي هو من لا يريد السلام.."، مضيفا: أنا مطمئن وسعيد انهم ذهبوا إلى صنعاء، لانهم سيكتشفون هذه الحقيقة، أما إذا وصلوا إلى غيرها، واقتنعوا أن الحوثي يريد السلام والعودة إلى الحوار، فهذا أمر جيد وهذا ما نريده في نهاية المطاف..".
وأضاف: بعض السفراء يعتقدون أن الحوثي أصبح في حالة ضعف في كافة المجالات.. (...)، وأنه سيقبل الانخراط في الحوار والسلام، ومع أننا نؤمن أنهم سيصلون إلى طريق مسدود مع الحوثي... إلا أننا نتمنى أن ينجحوا في ذلك، فمصلحتنا الأساسية هي إيقاف هذه الحرب وحقن دماء اليمنيين..، مع إشارته إلى إنه متأكد من خلال تجربته (كعضو وفد الحكومة الشرعية في الحوارات السابقة)، بأن الحوثي لا يريد سلام حقيقي دائم لليمن، خشية منه أن ينهي ذلك مشروعه غير المتوافق مع القرن الواحد والعشرين.
وقال: نحن نريد استعادة دولة مدنية يحكمها الدستور والقانون، وحرية الرأي والتعبير والأختيار...، بينما الحوثي يريد أن يرجع بنا إلى ما قبل 1400 سنة"...!
ولفت إلى أن نقاشاتهم مع ممثلي الحوثي في الحوارات السابقة "كشفت لنا أن السلام في نظرهم أن تكون شريكا تابعا لهم"، ومشروعهم هو "مشروع موت ودمار.."
لذلك، يعتقد جباري أن هذه الحرب "لن تتوقف، إلا إذا عادت الدولة اليمنية والقانون والدستور وكافة مؤسسات الدولة والجيش اليمني وانتهت الميليشيات.."..
وفي حين أوضح أنه ليس مع إلغاء الأخر، فقد أكد على أن من مصلحة الحوثيين بأن تعود الدولة والعمل في إطارها ودستورها، فذلك ما سيحافظ على جماعتهم، كجماعة سياسية، لكن في إطار الدستور والقانون (...)، وعبر الانتخابات، تحترم فيها إرادة الجميع (...)
وقال أيضا: لا يمكن أن يتحقق السلام لجهة أو منطقة، بل أن يكون السلام للجميع، ولا يمكن أن يكون ذلك إلا عبر دولة قانونية مستقلة تضمن مصالح الجميع..