أسهمت السياسات السعودية الأخيرة في توفير المقاتلين لجماعة الحوثي الانقلابية في اليمن، التي تعاني من نقص حاد في المقاتلين في الجبهات، من خلال استيعاب المغتربين اليمنيين المرحّلين من السعودية، وتجنيدهم للقتال ضد السعودية وضد قوات الحكومة الشرعية.
وقالت مصادر سياسية يمنية، ن «جماعة الحوثي فتحت مؤخرا معســكرات لتجـــنيد اليمنــيـــين المرحّـــلين من الســـعـودية والذين أصبحوا لقمة سائغة وهدفا سهلا للاستقطاب من قبل جماعة الحوثي».
ونقلت صحيفة "القدس العربي" الصادرة من لندن، أن «جماعة الحوثي استغلت حالة السخط والاستياء لدى هؤلاء المرحلّين من السياسات السعودية بعد أن فقدوا أعمالهم ومصادر رزقهم ولم يجدوا لهم ملاذا للعمل في اليمن غير جبهات القتال مع جماعة الحوثي لممارسة حالة الانتقام من السياسات السعودية رغم الاختلاف العقائدي بينهم».
وقدّرت عدد اليمنيين المرحّلين أو الذين سيطالهم الترحيل خلال الفترة المقبلة جراء تطبيق القوانين الجديدة لنظام سعودة الوظائف والأعمال، بأكثر من 400 ألف يمني، من مختلف الأعمار، وأن الكثير من هؤلاء قضوا أغلب حياتهم في السعودية وينفقون على أسر كبيرة، وكانوا المصدر الرئيسي لإعالة الكثير من الأسر التي تعاني الأمرين جراء الحرب الدائرة في اليمن منذ العام 2014 وفقدان مصادر الدخل إثر توقف الأعمال والوظائف وانقطاع الرواتب عن الموظفين.
وتعتقد أن ترحيل هؤلاء العمال اليمنيين من السعودية سيفاقم من سوء الوضع الإنساني في اليمن إثر توقف الإعالة عن مئات الآلاف، وأنه سيضاعف من حالة السخط ضد السياسات السعودية لدى الشارع اليمني كما هي في أوساط هؤلاء الذين فقدوا أعمالهم وممتلكاتهم في السعودية، جراء الترحيل القسري الذي طالهم أو سيطالهم قريبا.
وأشارت هذه المصادر إلى ان هذه السياسات السعودية كانت على حساب اليمنيين بدرجة أساسية وجاءت في الوقت الغلط، حيث اليمن يعاني حالة الحرب التي تعد السعودية أحد أطرافها، بقيادتها للتحالف العربي لدعم الحكومة الشرعية، خاصة أن الحوثيين يعتبرون السعودية مصدر (العدوان) وكانوا يجدوا صعوبة في اقناع الشارع اليمني بهذا التوصيف، غير أن السياسات السعودية الأخيرة جعلت الناس يندفعون بقوة نحن أحضان الحوثيين وبدون تردد، لحجم المعاناة وقسوة الترحيل وفقدان مصادر المعيشة.
واعتبر مراقبون سياسيون أن الخطوة السعودية جاءت بمثابة (سياسة إنقاذ) للحوثيين الذين كانوا وصلوا إلى مرحلة صعبة وحرجة في استقطاب مجندين جدد إلى صفوفهم للقتال ضد القوات الحكومية إثر تململ وإحجام الموالين لهم برفدهم بالمقاتلين لفقدانهم عشرات الآلاف من أبنائهم خلال الثلاث السنوات الماضية من الحرب الدائرة في البلاد.
وكان الحوثيون استخدموا خلال الفترة الماضية كافة الطرق والوسائل لإقناع أتباعهم وأنصارهم برفد جبهاتهم بالمقاتلين، غير أنهم لم يجدوا الاستجابة الكافية لذلك، بعد أن طالت المآتم كل بيت في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي في شمال اليمن.
ونتيجة للنقص الحاد في عدد المقاتلين الحوثيين والعجز في استقطاب مقاتلين جدد في صفوفها اضطرت الجماعة إلى الإعلان عن (التجنيد الإجباري) لكافة الشباب حتى من غير أنصارها وأتباعها وهو ما سبب صدمة للآخرين من غير الموالين لها في المناطق الواقعة تحت سيطرتها والتي تم فيها اختطاف الشباب بالقوة من المدارس والأحياء والشوارع والزج بهم في جبهات القتال.
وعلمت «القدس العربي» أن الكثير من الأسر المقيمة في العاصمة صنعاء والمدن الأخرى الواقعة تحت سيطرة الحوثيين اضطرت إلى ترحيل أبناءها إلى المحافظات الأخرى، الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، لتفادي التجنيد الإجباري من قبل الحوثي.
وكانت العديد من الشخصيات القيادية العليا في جماعة الحوثي مهّدت خلال الفترة الماضية بدعوتها إلى ضرورة تطبيق التجنيد الإجباري نظرا للظروف التي يمر بها البلد واعتبروه (ضرورة وطنية) وبدأت فعليا مؤخرا بالتطبيق الفعلي لذلك عبر اختطاف الشباب والأطفال من المدارس والأحياء والشوارع دون رضى أهلهم والزج بهم في جبهات القتال بالقوة.
واتهمت منظمات حقوقية دولية جماعة الحوثي بممارسة تجنيد الأطفال على نطاق واسع خلال الحرب الراهنة في اليمن وأنها لا تطبق المعايير الدولية في التجنيد ولا تلتزم بالقانون الدولي الإنساني خلال خوضها للمواجهات المسلحة مع القوات الحكومية أو المناهضة لها.