أوصت ندوة لأكاديميين يمنيين بماليزيا بتجريم ما يطلق عليها بـ"الهاشمية السياسية" دستوريا، وسحب الجنسية عن كل من يدعو بهذه الدعوة العنصرية، وإزالة كل رموزها العرقية، وإبراز فضائحها وما ارتكبته من مجازر بحق الشعب اليمني منذ قدوم "الرسي" حتى عبد الملك الحوثي، وفتح باب الملاحقات القضائية أمام كل من لديه الحق القانوني في ذلك.
وأوصت الندوة، التي أقامها مركز الدراسات اليمنية "يمينون" يوم أمس الثلاثاء في جامعة (يو بي ام) بماليزيا، تحت عنوان "الهاشمية السياسية وخطرها على الأمة اليمنية"، بتسمية مذهب للدولة اليمنية يسمى "مذهب الشوكاني"، واعتباره مرجعية شرعية للأمة اليمنية.
كما أوصت بالعمل على إحياء الهوية اليمنية، وتضمين مادة الهوية في المنهج المدرسي والجامعي، وبث مفردات الهوية عبر وسائل الإعلام لتحقيق تماسك الأمة اليمنية.
وتضمنت التوصيات الختامية أيضا، ضرورة إدراج مواد دستورية تُعنى بإنهاء الطبقية الاجتماعية والمساوة بين الناس، وتحويل ذلك لقوانين معمول بها في كل الدوائر الحكومية. وكذا العمل على جعل رباعية الإصلاح العام (الديني، والاجتماعي، والسياسي، والاقتصادي) أولوية لكل الحكومات القادمة وبرامج الترشح الرئاسية، ومنع عائلات الذين ثبت انتمائهم للهاشمية السياسية-خلال 1200 سنة الماضية- من الترشح لأي منصب سياسي أو قضائي أو شرعي أو عسكري أو أمني، لمدة تصل إلى عشرة قرون قادمة.
ونصت توصيات الندوة، التي حضرها العديد من الأكاديميين والشخصيات الاجتماعية والسياسية والمهتمين بالهوية اليمنية، على منع قيام المنظمات والأحزاب والجماعات العنصرية والمذهبية والطائفية البعيدة عن مشروع الأمة اليمنية.
أوراق الندوة وأبرز ما جاء فيها
وقدمت في الندوة عدد من الأوراق الاكاديمية، على رأسها ورقة رئيس مركز الدارسات اليمنية "يمنيون"، الدكتور "فيصل علي"، والتي عرف فيها الهاشمية السياسية بأنها "مصطلح جديد ويقصد به الهاشميين الذين يعتقدون أحقيتهم الدينية في الوصول إلى السلطة، بسبب نسبهم أو ما عرف بنظرية حصر الإمامة في البطنين، وهي النظرية السياسية للإمامة الهادوية في اليمن".
وفي حين شدد رئيس المركز على ضرورة استخدام مصطلح الهاشمية السياسية في التعامل الأكاديمي والإعلامي والسياسي والقانوني، فقد أكد على أهمية إحياء الهوية اليمنية بين كل أفرد وفئات الشعب، مشيراً إلى وحدة الأمة اليمنية وكينونتها وشخصيتها الاعتبارية بين مختلف الأمم، داعيا الأحزاب السياسية إلى إعادة بناء فكرها ووحداتها التنظيمية وفقاً للهوية ومشروع الأمة اليمنية، في الوقت الذي أكد فيه على إمكانية الأدب اليمني المشبع بالهوية والقضية اليمنية من هزيمة مشروع السلالة.
وتحدث الدكتور "فيصل علي" عن أهمية دعم الجيش الوطني والشرعية والحكومة اليمنية، باعتبارها موصلة الى المشروع اليمني الكبير، وإن شابها بعض الضعف في أدائها إلا أنها كل ما يستطيع الشعب اليمني حالياً الاعتماد عليه.
من جهته نوه الدكتور "محمد شداد" في ورقته المقدمة في الندوة، إلى ضرورة الفهم بأن المذهب الهادوي مذهباً سياسياً وليس مذهباً دينياً، لأن فقهاء المذهب الهادوي من أئمة الهاشمية السياسية استخدموا الدين معبراً للسياسة والحكم، والسيف والبندقية أداة للقتل وإرهاب الناس وإخضاعهم، ولم يتم اختيارهم حكاماًً يوماًً ما طواعية وعن طيب خاطر من قبل اليمنيين. كما يقول.
كما أن أئمة هذا المذهب- حسب الدكتور شداد- استخدموا سياسة الإفقار والتجهيل للشعب اليمني طوال فترة حكمهم، وقاموا بفرض ما يعتقدون على الناس بالقوة عن طريق الترغيب تارة والترهيب تارة أخرى، واتهام من يرفضون ويناهضون مشروعهم بأنهم "نواصب"، وحسب توصيفهم يظل محارب وفي دائرة الشبهة والشك ولا ينال أي حق من الحقوق السياسية والاجتماعية.
وقدم الدكتور "عبد القوي القدسي" ورقة، فند فيها مزاعم التفضيل التي يدعيها الهاشميون، مؤكدا تعارضها مع نصوص الشرع الواضحة، لافتا إلى أن الهدف من ادعاء الأفضلية في العرق والدم ينبني عليه التسليم بالحكم للهاشميين.
كما فند، أيضا، فكرة الخُمس، التي قال إنها لا تشير من قريب أو من بعيد الى منح من يدعون الأفضلية الحق في شيء من مال الدولة دون وجه حق، مشيراً إلى أن الأديان تضمن حرية التدين، كما أن كل المواثيق الدولية تؤكد على ذلك، لكن عندما يصبح التدين والاعتقاد خطراً على المجتمع ويسبب الصدام بين أبنائه بين الحين والآخر، فهنا يجب أن يقف الجميع صفاً واحداً ضد هذا التدين المغشوش. حسب وصفه.
وفي الندوة أيضا قدم الفنان الشعبي اليمني "فهد القرني"، ورقة، أكد فيها على أن الهوية اليمنية هي ملاذ الشعب، ولذا لابد من جمع الشعب عليها حفاظا على اليمن.
وتطرق القرني إلى أهمية تخليص اليمن من هذه الفكرة القائمة على التفضيل العرقي في زمن العولمة وأنسنة المجتمعات البشرية وتعايشها، معتبرا أن مشروع الهاشمية السياسية مهزوم لا محالة، وأن الإشكالية تكمن في ما بعد الانتصار على هذا المشروع السلالي، داعيا الأكاديميين في ماليزيا وبقية دول العالم الى ضرورة الاستعداد الى ما بعد النصر وتهيئة مشاريع وتجارب بناء وقيادة المؤسسات التي تحتاجها البلد.