قالت صحيفة لندنية، "إن عملية قتل الحوثيين للرئيس السابق علي عبدالله صالح، خلقت حالة إرباك كبيرة لدى جميع الأطراف وفي مقدمتهم حزب صالح المؤتمر الشعبي العام والتحالف العربي والحكومة اليمنية والحوثيين أنفسهم أيضا".
وأوضحت صحيفة القدس العربي، أن عملية مقتل صالح كانت مفاجأة وصدمة كبيرة لأتباع صالح وردة فعل غاضبة وغير مسبوقة في الشارع اليمني.
وأشارت إلى الحادثة تسببت في خلط كافة الأوراق وتعقيد مسار حل الأزمة اليمنية لما خلقته من واقع جديد، قد يكون له ما بعده، في ظل التداعيات المتسارعة التي أعقبت حادثة مقتل صالح وألقت بظلالها القاتمة على المشهد اليمني برمته، السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي والانساني،
وأدخلت البلاد في مأزق حاد، قد لا تخرج منه إلا بصدمة أخرى مماثلة وبالمستوى نفسه، تعيد لليمن عافيته وتزيح عنه هذا (الكابوس) الذي كتم على أنفاس اليمنيين فجأة دون سابق تهيئة نفسية لتقبّل مثل ذلك.
وقالت "كان الشارع اليمني والمجتمع الإقليمي والدولي يعوّلون كثيرا على أن يلعب الإرث السياسي والعسكري الكبير للرئيس السابق علي صالح دورا مهما في الإسهام في حل الأزمة اليمنية عبر خلق نوع من التوازن العسكري والسياسي بكبح جماح الحوثيين الذين كان صالح الساعد الأيمن لهم، من خلال تحالفه معهم في تحركاتهم العسكرية منذ خروجهم من معقلهم في محافظة صعدة، أقصى شمال اليمن، منتصف 2014، وكان حليفهم العسكري القوي الذي ابتلعوا به الدولة وأجهزوا عليها عبر انقلابهم على سلطة الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي".
وذكرت أن هذه التوقعات كانت غير مبنية على معطيات حقيقية من أرض الواقع، وانخدعوا بالخطابات السياسية القوية السحرية للرئيس السابق صالح، التي كانت توحي دوما أنه ما زال الرجل الأقوى في الساحة اليمنية عبر نخبة الوحدات العسكرية اليمنية من قوات الحرس الجمهوري السابق والقوات الخاصة التابعة له مباشرة".
وتابعت، "لم يدركوا جيدا متغيرات الواقع الجديد، الذي غيّرت معالمه 3 سنوات من الحرب الطاحنة والعمل الدؤوب والمتواصل من قبل جماعة الحوثي على شراء ذمم الموالين لصالح من القيادات العسكرية والسياسية وعمل (غسيل دماغ) لهم وتحويل ولاءهم للحوثيين عن عقيدة وقناعة راسخة وليس عن مصالح مادية كما كان صالح يتعامل معهم".
وأردفت الصحيفة "يبدو أن صالح نفسه كان غير مدرك كذلك لهذا التحوّل الجذري في ولاءات أتباعه وفي عقيدة قواته القتالية، حيث كان يعيش في «وهم كبير» مزيّف من صنع الدائرة الضيقة المحيطة به، على حد تعبير أحد المقربين منه، والتي لم يكتشف صالح خيانتها له إلا في اللحظات الأخيرة قبل مقتله عندما قال في رسالته الأخيرة قبيل إعدامه «لا أرى نفسي إلا بين الكثير من الخونة الذين باعوا اليمن بثمن بخس»".
وبينت أن المشهد العسكري في اليمن بعد مقتل صالح أصبح في غاية التعقيد، غير أن المواجهة العسكرية أصبحت حاليا واضحة المعالم بين طرفين لا ثالث لهما، الأول الميليشيا الحوثية مع كافة ما ورثته من قوات عسكرية ومقدرات الحرس الجمهوري السابق، والطرف الثاني القوات الحكومية المدعومة من قوات التحالف العربي بقيادة السعودية والتي تلعب فيها القوات الإماراتية دورا محوريا على الأرض.
وقدرت أن "حالة الإرباك السياسي والعسكري التي خلّفها مقتل علي صالح، قد تطول وتعقّد المشهد اليمني لفترة طويلة إذا استمر التحالف العربي يتعامل بالعقلية أو الآلية السابقة نفسها لمقتله والتي عطّلت عملية الحسم العسكري نحو ثلاث سنوات، وإذا لم يتم تدارك الأمر باستثمار عملية مقتل صالح والتداعيات والنتائج التي خلفتها أو أسفرت عنها لإنجاز خرق أو تحوّل نوعي في مسار المعركة فإن المشهد اليمني سيشهد تعقيدا أكثر وسيدخل البلد في أتون معركة مفتوحة يصعب التنبؤ بنهايتها.