قالت صحيفة "نانشينال إنتيريست"، إن صناع القرار الروس يرون أن اليمن وجهة جذابة للتدخل الدبلوماسي؛ لأنهم يعتقدون أن السعودية مستعدة لإنهاء الأعمال القتالية في اليمن، إذا ما كان هناك توافق بشأن الشروط التي يقدمها كلا الطرفين.
وفي مقال للكاتب صاموئيل راماني، نشرته الصحيفة في عددها الصادر، الأربعاء، قال: إن "الرياض ستحتاج إلى التنسيق مع وسيط خارجي قوي من أجل التوصل إلى تسوية سياسية دائمة في اليمن، حيث استنفدت الجهات الإقليمية الفاعلة مثل الكويت وعمان خياراتها الدبلوماسية، الأمر الذي ولّد فراغاً يمثل فرصة مثالية لروسيا لإظهار براعتها السياسية في تسوية الصراع باليمن".
ويرى الكاتب أن موسكو من الممكن أن تكون وسيطاً فعالاً في إنهاء الحرب باليمن؛ "نتيجة لخبرتها في هذا المجال وما دأبت عليه منذ زمن من إمساك العصا من المنتصف" فيما يتعلق بالأزمة اليمنية.
وقد أكد وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، هذا التقييم خلال زيارته الأخيرة لموسكو، حيث أصر على أن المملكة تريد تسوية دبلوماسية في اليمن، تجبر جميع الأطراف المتحاربة على الامتثال لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، وهو قرار صدر في أبريل عام 2015 يدعو إلى إنهاء الحرب في اليمن.
ويمكن تفسير "المشاعر المتصاعدة" ضد الحرب داخل المؤسسة السياسية السعودية بتدهور الأوضاع على الأرض في اليمن، بحسب الكاتب، وقد أدى غياب الانتصار الاستراتيجي السعودي الرئيس باليمن، منذ الاستيلاء على عدن في خريف عام 2015، إلى إقناع صنّاع السياسة السعودية بأن الصراع في اليمن قد انحدر إلى مأزق مستعصٍ.
ومما زاد من حدة الأزمة السعودية في اليمن، انسحاب قطر من التحالف العسكري الخليجي في يونيو الماضي، إضافة إلى شروع الإمارات العربية المتحدة في شن ضربات على حزب الإصلاح الإسلامي اليمني.
ويشير الكاتب إلى أن روسيا حافظت على العلاقات الإيجابية مع قادة الحرب في جانبي الصراع القائم باليمن رغم أن التدخل السعودي قد انتقل إلى صراع مطول. ولإثبات التزامها بالحوار الدبلوماسي الشامل، تحتفظ روسيا بسفارة في العاصمة صنعاء التي تقع تحت سيطرة الحوثيين، كما تحتفظ في الوقت نفسه بقنصلية في عدن، عاصمة حكومة عبد ربه منصور هادي المدعومة من السعودية.
ومن خلال هذه القنوات الدبلوماسية، تشاورت موسكو مع الفصائل المؤيدة للسعودية والمؤيدة لإيران بشأن تدابير مكافحة الإرهاب، وأجرت مفاوضات غير رسمية بشأن حل الأعمال القتالية في اليمن.
ومن أجل استرضاء القوات الشيعية في اليمن، دأبت موسكو على دحض انتقادات الأمم المتحدة للعدوان الحوثي على المملكة العربية السعودية، وأرسلت مساعدات إنسانية إلى المناطق اليمنية التي دمرتها الضربات الجوية السعودية.
هذا النهج "المتوازن" للنزاع في اليمن عزز علاقات روسيا مع الفصائل السياسية اليمنية من جميع الانتماءات الأيديولوجية، وضمِن أن روسيا يمكن أن تكون وسيطاً فعالاً في الصراع، بحسب الكاتب.