كشف قائد عسكري يمني، كواليس وتفاصيل إفلات الرئيس هادي من مطاردة القوات الموالية للحوثيين والمخلوع صالح، بعد خروجه من عدن متجهاً شرقاً إلى حضرموت والمهرة ومن ثم إلى سلطنة عمان، قبل أن يستقر به المآل في المملكة العربية السعودية، 2015.
العميد ذياب عبد الواحد القبلي نمران المرادي، كان له الدور الأبرز في عمل طويل وشاق ومكثف من التمويه والتعمية، والرصد والملاحقة والحماية لموكب هادي، الذي عبر الصحراء الشرقية في ممرات صعبة أثناء هروبه من مطاردة قوات الحوثيين وصالح المنتشرة بشكل كثيف في تلك المناطق.
روى المرادي لـصحيفة«القدس العربي» قصة خروج هادي عبر الصحراء، قائلاً: «قبل مغرب ذلك اليوم جاءنا تعميم من قائد المنطقة العسكرية الثانية في حضرموت محسن ناصر قاسم، وقضى التعميم بأن هناك موكبا لتنظيم القاعدة متجها إلى حضرموت عليكم أخذ الحيطة والحذر والتعامل معه بحزم». أعقب ذلك اتصال لقائد عسكري (موالٍ للرئيس هادي فيما يبدو) يقول «متجه إليك ضيف عليك ترتيب أمورهم وتلتقيهم في نقطة بروم وسيتواصل معك أحدهم بهذا الخصوص».
ويضيف «ثم تواصل معي د.علي الأحمدي رئيس جهاز الأمن القومي حينها، ليطلعني على أن الموكب يتبع رئاسة الجمهورية وأنه مع الموكب، ويطلب تأمين الموكب، وأن التقيهم في بروم بعد ساعتين تقريبا» من الاتصال.
وصرح المسؤول اليمني أنه كان موجوداً في مقره في قيادة المنطقة العسكرية الثانية كقائد للشرطة العسكرية في حضرموت، وكانت معهم كتيبة المهام الخاصة، بقيادة جمال الفقير من محافظة أبين، ورئيس عملياته محمد حطرم من صنعاء.
ويقول: «حينها أبلغنا ضابط الأمن أن كتيبة المهام الخاصة في حالة استنفار وقد جهزوا العربات والأسلحة. وذكر أنه استدعى قائد الكتيبة الذي قال: لدينا تعليمات من صنعاء أن موكب (الرئيس) جاي (قادم) اتصرفوا، حسب التعليمات».
وأكد المرادي أنه خوّف الضباط من مغبة الاشتراك في عمل كهذا، ومن العواقب المترتبة على اعتراض موكب رئيس الجمهورية. وقد شملت التوجيهات قوات الأمن الخاص والحرس وبعض الوحدات الأخرى وأقنعهم بعدم الخروج لتعقب الموكب، وأنه (المرادي) سوف يقوم بالمهمة والاستطلاع.
وفي المقابل قال «جهزنا الأطقم وخرجت استطلع قدوم الرئيس. وأعطيت الأوامر للشرطة العسكرية أنه في حال خروج أية عربة من قيادة المنطقة فإن عليهم أن يفجروها».
ويضيف: فعلت ذلك لأن عربات كتيبة المهام الخاصة لن تخرج إلا لتعقب موكب الرئيس.
وأضاف «خرجت مع مجموعة من أفرادي إلى نقطة بروم وقائدها محمد الفقير من بيحان – شبوة الذي كانت لديه تعليمات بتوقيف الموكب حال وصوله النقطة، وحاولت التواصل معه عدة مرات وتلفونه كان مشغولا ليلتها، وقبيل وصولي للنقطة التي كان من المقرر عدم السماح للموكب بالدخول منها أو التخلص منه فيها، تمكنت من التواصل مع قائد النقطة، فقلت له: الذي في الموكب هو قايد المنطقة الرابعة ومعه مشائخ شبوة».
وعند سؤال «القدس العربي» عن الهدف من ذلك، رد المرادي، «لكي أحذر قائد النقطة من المساس بالرئيس أو موكبه أو توقيف الموكب، واخترت أن أقول له إن الموكب لمشائخ من شبوة لأن قائد النقطة من المحافظة نفسها».
وذكر أن الفقير قال إن لديه «تعليمات» غير أن المرادي قال له: تجاهلها. فقال قائد النقطة: «على مسؤوليتك يا فندم»، فقلت نعم.
ويضيف المرادي: كان الأحمدي مع الرئيس هادي في رحلته إلى عُمان، وكنت أرافق الموكب، وأستعمل أساليب التمويه تارة، والترهيب تارة أخرى، خشية من تعقب الموكب أو التعرض له بسوء.
وذكر أن الأحمدي أثناء تواصله معه تلفونياً، وهو في موكب الرئيس عندما اقتربوا من المكلا، قال سنذهب إلى القصر الجمهوري في المكلا، ظناً بأن رجال الحوثي وصالح لم يصلوا بعد إلى القصر. وذكر أنه قال للأحمدي: لا يفضل الذهاب للقصر لأن رجال صالح بانتظار الموكب هناك بقوة من وحدات عسكرية وأمنية.
وأضاف: «عند دخول الموكب المكلا اتصلت بالعمليات في قيادة المنطقة العسكرية الثانية، وأبلغتهم أن الموكب يتبع قائد المنطقة العسكرية الرابعة ومشائخ شبوة». وأكد أنه طلب منهم التعميم بذلك لكل الوحدات العسكرية والأمنية، وأن الموكب متجه من المكلا الى مدينة الغيضة عاصمة محافظة المهرة لتسهيل مرورهم.
وذكر أن الوحدات العسكرية طلبت توجيها بذلك من قائد المنطقة العسكرية الثانية نفسه، وحاول المرادي الحصول على التوجيه بالتواصل مع القيادة لكن دون جدوى، الأمر الذي دفعه لإصدار التوجيه للوحدات على مسؤوليته الخاصة، وهو ما كان.
وذكر أنه اقنع الأحمدي تلفونياً أن يصرف النظر عن الذهاب للقصر الجمهوري، وعن الذهاب لفندق «رمادا» لبعض الراحة في المكلا، نظراً للوضع الأمني.
وذكر أن أحد مشائخ القبائل وهو مقرب من صالح اتصل به ليلتها من صنعاء محرضاً على الموكب، لكنه موَّه على الشيخ وقال نحاول أن نتعاطى مع موكب من تنظيم «القاعدة»، فقال له الشيخ بل هو موكب هادي. ثم بعدها ذكر المرادي أن الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح اتصل به بعد اتصال الشيخ المقرب منه، وقال له بكل وضوح «الموكب لهذا… تعاملوا معه، اضربوا القصر الجمهوري لو نزل فيه». وذكر انه رد على صالح بقوله: «التعليمات لدينا أن الموكب للقاعدة، ونحن سنتعاطى مع الأمر، لكن صالح قال بل هو هادي ومعه ملايين الدولارات والسيارات المدرعة، لا يدخل الموكب وتعاملوا معه وخذوا المال لكم».
وذكر أنه حاول تطمين صالح إلى أنه سيهتم بالموضوع وينفذ التعليمات حتى لا تصدر تعليمات أخرى بتعقب هادي.
وقال إنه رافق الموكب وموّه على كل من تواصل معه، حتى تمكن الموكب من تجاوز جميع النقاط العسكرية والوصول إلى الحدود العمانية، وعندها جاءت الأخبار أن طيران التحالف العربي بدأ عملياته في ضرب مواقع الحوثيين وصالح في صنعاء، وحينها قال المرادي: اتصلت بالأحمدي الذي كان مرافقاً للرئيس، وأبلغتهم تلفونياً أن الطيران يضرب المواقع العسكرية للانقلابيين في صنعاء. وكانت مفاجأة لهم.
ويضيف المرادي «بعد أن تأكدت أن الرئيس نجا من المتابعة عدت أدراجي لموقعي».