بعيون تملأها الدموع تنظر أم خالد إلى ولدها خالد المستلقي على سرير المرض بالمستشفى الجمهوري بتعز بعد إصابته بمرض الكوليرا.
بدت ملامح خالد شاحبه وجسمه نحيل هزيل ويديه مرتعشة ؛ مبللا بالعرق مع ازرقاق في الشفتين وأطراف الأصابع في صورة واضحة تجسد علامات الوباء الذي فتك بجسمه الذي لا يتجاوز عمره الخامسة بعد.
تقول أم خالد" أسعفناه إلى المستشفى بعد أن حدث له إسهال حاد و قيء شديد مصحوبا بتقلصات مؤلمة في البطن".
وتضيف وهي تكفف عبراتها "لولا أننا تداركنا أمره وإلا كان سيتوفى خصوصاً ونحن نعيش حالة اقتصادية متدهورة في ظل انقطاع الرواتب و غياب فرص العمل ".
وخالد واحد من 28 حالة إصابة مؤكدة بهذا الوباء، فضلا عن 62 حالة إصابة مشتبه بها، وثقها مركز مكافحة الوباء بحسب مصدر تحدث لـ" يمن شباب نت".
وأوضح المصدر أن الوباء لم يستهدف المدينة فحسب بل شمل القرى والعزل الريفية التابعة للمحافظة كمديريتي شرعب الرونة وماويه، التي سُجلت فيها وفاة 20 مصابا بالكوليرا وسط تفشي الوباء وانتشاره.
أعراض الوباء
ويقول رئيس المنظمة الوطنية للتنمية الصحية بتعز د. وليد الوتيري، إن الكوليرا من الأمراض التي تصيب الجهاز الهضمي، وبكتيريا تفرز سُما داخليا يؤدي إلى زيادة إفراز خلايا الأمعاء المؤدية إلى الجفاف و الهبوط في الدورة الدموية.
ويضيف لـ" يمن شباب نت" تتراوح مدة حضانة المرض من عدة ساعات إلى خمسة أيام وتتخلص أعراضه بالإسهال والقيء الشديدين مصحاباً لعطش شديد و حدوث جفاف الذي يؤدي إلى هبوط في الدورة الدموية بالإضافة إلى تقلصات مؤلمة في الأطراف أو البطن أو الصدر بسبب نقص أملاح الكلوريدات والكالسيوم ".
و أعلنت منظمة الصحة العالمية في وقت سابق تسجيل قرابة 14,000 حالة اشتباه بالكوليرا و 186 حالة وفاة منذ أواخر أبريل الماضي.
مواجهة مخاطر الوباء
ولمواجهة مخاطر وباء الكوليرا سعى مكتب الصحة العامة والسكان بتعز إلى انشاء خلية الطوارئ لمكافحة الكوليرا تعمل ميدانياً على تعقيم الآبار وفحص العينات المشتبه بها بالإضافة إلى فحص الخضروات.
وفيما يخص تفاصيل عملية التعقيم والكلورة قال مدير مكتب الصحة والسكان د.عبدالرحيم السامعي لـ"يمن شباب نت" : " تم تعقيم خمسة آبار مياه موزعة على العديد من مناطق مديريات المدينة بالإضافة إلى تعقيم وكلورة 4 خزانات مياه سعة 20 الف لتر ، و 15 خزان سعة 1000لتر و 10 خزانات سعة 200 لتر ، 25 خزان سعة 3000 لتر ".
و يتم أخذ عينات من مياه الآبار و التجمعات المائية و معاينتها قبل التعقيم والكلورة.
و بحسب السامعي فإن الأمر لا يقتصر على تعقيم المياه فحسب بل يقوم الفريق بأخذ عينات للخضروات مثل الكراث،البصل والكوبيش والجرجير وأوراق السلطة،والعمل على تزريع المكروبات العالقة عليها في المختبر المركزي لمعرفة ما إذا كانت تمثل أحد المصادر الناقلة للكوليرا.
وتعيش المدينة وضع صحي صعباً نتيجة الحرب والحصار المفروض عليها من قرابة عامين إلا أن مكتب الصحة يسعى بكل جهد و اقتدار لمواجهة هذه الكارثة.
من جهتها، اتفقت الحكومة الشرعية مع مركز الملك سلمان على تنفيذ خطة عاجلة لمواجهة وباء الكوليرا المتفشي في عموم محافظات البلاد.
وتشمل الخطة تنفيذ الإجراءات العلاجية العاجلة لحالات الإسهالات المائية الحادة والكوليرا، وإجراءات التحكم والسيطرة لمنع انتشار الوباء والحد من آثاره، والبدء بتنفيذ الإجراءات الوقائية اللازمة لمنع الظهور للمرض مرة أخرى.