لم تؤثر الحرب في اليمن، كثيرا على الاعراس المستمرة يوميا للبحث عن فرحة وحياة جديدة وسط الاوضاع الصعبة.
يروي الشاب صدام امين 23 عاما، لـ"الشرق"، ما حدث له من موقف اثناء زفافه نهاية العام الماضي في صنعاء، "كنا في مراسم الزفة في جوار منزلنا، الذي يقع على بعد حوالي 1000 متر من احد المعسكرات، والزفة لأنها في الشارع فقد كنا اقرب من المعسكر، ولسوء الحظ حدث انفجار في المعسكر وتطاير الناس من جنبي بعد الانفجار بغمضة عين، وانا هربت مع الهاربين ورجمت بالسيف (احد التقاليد في الاعراس اليمنية مسك العريس لسيف على كتفه)، والقبعة (لبس تقليدي كوفيه وعمامة على رأس العريس)، وتطاير الفل والورود ودعست الشمع اللي قدامي وما عرفتش اين انا".
"لم اشعر بنفسي إلا وانا في الشارع الثاني وجلست على هذا الحال تقريبا ساعة ولا ادري من حملني للبيت، واخبروني بعدها ان الحاضرين في الزفة الهاربين رجعوا يبحثوا عن العريس بعد ما هدأت الامور".
ويعتقد الشاب صدام، مع ان الموقف محزن لكن عندما يتذكر تفاصيله الآن يضحك منه، وسيظل راسخا في ذاكرته، وذكرى لا تنسى كما يقول، وهو يسترجع تصرفات الفرقة الفنية للزفة والمدعوين واقاربه وكيف انشغل كل واحد بنفسه ونسوا العريس وهم لم يفارقوه قبلها لحظة في فرحته الكبرى.
عرس داخل سيارة
أما الشاب هارون الحجافي 25 عاما، فقد حدث معه موقف اخر يوم زفافه، ويقول لـ"الشرق": "انا اسكن في محافظة إب وتزوجت من ابنة عمي الذين يسكنون في محافظة تعز (المجاور وسط اليمن)، وذهبنا يوم العرس كالعادة إلى بيت العروس في تعز لنعود بها إلى منزلنا".
وأضاف "كنا حريصين على ان يكون سفرنا في النهار نظرا لظروف الحرب وليس بعد المغرب كما هو المعتاد، وانطلقنا بالفعل قبل صلاة العصر في اربع سيارات تحمل العريس والعروس ومرافقيها من الاهل، وفي طريق العودة حدثت اشتباكات بين فصيلين مسلحين، فلم نستطع لا العودة إلى تعز او مواصلة الطريق إلى إب ووقعنا في المنتصف بين المتحاربين نحن وسيارات اخرى كثيرة".
وأشار إلى انهم ظلوا في السيارات حتى اليوم الثاني صباحا بعدما هدأت الامور، وعاشوا ساعات، وذكر الحجافي، انه رغم مرور اكثر من عام منذ زواجه إلا ان عروسه لم تتعافى حتى الآن من الخوف، وتنتابها كوابيس دائما اثناء الليل.
هروب المعازيم
ساد عرس يعقوب السيف، امتزاج للرصاص الذي يطلقه الحاضرون ابتهاجا بزفافه كعادة اهل اليمن، بقذائف متطايرة من احد مخازن الاسلحة بصنعاء بعد صلاة العصر.
ويوضح انهم في غمرة الابتهاج وانفجارات الالعاب النارية والرصاص الحي واصوات موسيقى الزفاف الصاخبة، فوجئوا بسقوط اثنين من الحاضرين ودماء تنزف منهم، وعندما اسكتوا موسيقى الزفة واطلاق النار، عرفوا ان قذائف تتطاير من مخزن اسلحة، لتتحول زغاريد الفرح إلى صراخ للنساء وهروب الحاضرين من خيمة العرس.. لافتا إلى انه هرب معهم إلى منزله بعد ان ألغوا بقية مراسم الزفاف والفنان وفرقته هربوا ولم يتم احياء زفة الليل عند دخول العروسة او المشي بموكب سيارات في الشوارع ضمن الزفة.