تشهد العاصمة اليمنية صنعاء، صراعاً على الموارد بين طرفي تحالف الانقلاب من جماعة المتمردين الحوثيين وأنصار الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، بعد أن اتسع الخلاف مؤخرا بشأن أموال هيئة التأمينات الحكومية، بعد قرار من الحوثيين بتعيين رئيس جديد للهيئة من الموالين لهم بديلاً عن رئيسها الموالي لصالح.
ونقلت صحيفة "العربي الجديد" أمس السبت، عن مصادر في هيئة التأمينات تأكيدها، "أن مسلحين حوثيين اقتحموا، صباح أمس السبت، مبنى الهيئة العامة للتأمينات في صنعاء، لفرض رئيس لها بالقوة، هو القيادي الحوثي عبد السلام المحطوري.
وقالت المصادر، إن الحوثيين طردوا رئيس الهيئة السابق وفرضوا تعيين أحد الموالين لهم بالقوة مع انتشار عسكري كثيف حول مبنى الهيئة.
واتهمت الحكومة اليمنية الشرعية طرفي الانقلاب من الحوثيين وأنصار الرئيس المخلوع، بالسعي لنهب أموال التأمينات، ومنها 200 مليون دولار أرصدة نقدية في حسابات الهيئة بفرع البنك المركزي اليمني في العاصمة اليمنية.
وقالت الحكومة، في بيان: "نهبت مليشيا الحوثي إبان انقلابها على الشرعية الدستورية أكثر من 750 مليار ريال يمني (2.99 مليار دولار) من أرصدة الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات في البنك المركزي عبر صرفها من دون إذن الهيئة، فيما تسعى إلى نهب ما تبقى من رصيد يقدر بحوالي 200 مليون دولار وتسخيرها لمصلحة ما يسمى المجهود الحربي".
وأكد البيان الذي نشرته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية مساء الجمعة، أن استيلاء مليشيا الحوثي على الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات عبر قرار تكليف عبدالسلام المحطوري ليس خطراً على مرتبات المتقاعدين وأرصدة وموارد الهيئة فقط، وإنما على ما تم تحصيله خلال الخمسين عاماً الماضية، والذي من خلاله يتم صرف مرتبات أكثر من مليون مواطن يمني من مدنيين وعسكريين.
وأرجعت الحكومة الصراع بين مليشيا الحوثيين وأنصار الرئيس المخلوع على هيئة التأمينات والمعاشات إلى رغبة كل طرف في سرقة أموال التأمينات والمعاشات المتراكمة.
وكانت لجنة نقابية يمنية كشفت، منتصف فبراير/ شباط الماضي، عن اختفاء 300 مليار ريال يمني (1.2 مليار دولار)، من أموال المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للقطاع الخاص التجاري والصناعي والخدمي والشركات النفطية والاتصالات والبنوك في عموم البلاد.
وتسيطر جماعة الحوثيين على صنعاء ومؤسسات الدولة منذ سبتمبر/أيلول 2014، ومنها هيئة ومؤسسة التأمينات الحكومية، وعملت على استنزاف أموال الدولة لصالح ما يسمى "المجهود الحربي".
وقالت اللجنة المكلفة بمتابعة ملف التأمينات الاجتماعية، إن "ما يزيد على 11.093 مؤمّن عليه لم يحصلوا على رواتبهم التأمينية منذ ثلاثة أشهر على التوالي، الأمر الذي يزيد من الريبة حول مصير الأموال التأمينية المفترض وجودها سيولة في الأرصدة المخصصة لها".
وحسب تقارير رسمية، يبلغ عدد المتقاعدين من موظفي الحكومة باليمن 140 ألف متقاعد في القطاع المدني و70 ألفا من القطاع العسكري، ويحصلون على معاشات شهرية عبر هيئة التأمينات والمعاشات الحكومية.
وكانت مصادر مسؤولة في الحكومة اليمنية كشفت في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، أن جماعة الحوثي التي تسيطر على المؤسسات الحكومية بصنعاء بدأت سحب مبالغ مالية طائلة من أموال التأمينات والمعاشات المودعة لدى البنك المركزي، في إطار تحركاتها لتغطية العجز وصرف رواتب أفرادها وتمويل حروبها الداخلية.
وحسب المصادر، تقدر إجمالي أموال مؤسسات التأمينات الحكومية اليمنية بمبلغ 1.28 ترليون ريال (6 مليارات دولار) يتم استثمارها في أذون الخزانة والصكوك والسندات الحكومية وفي مشاريع متعثرة.
ويعاني المتقاعدون في اليمن من ظروف معيشية صعبة، بسبب توقف صرف معاشاتهم منذ خمسة أشهر، حيث يترددون كل يوم على مكاتب البريد في العاصمة المؤقتة عدن، حيث مقر الحكومة، وكذلك في صنعاء الخاضعة للحوثيين على أمل صرف الرواتب. ويبلغ راتب المتقاعد 21 ألف ريال بالشهر ( 84 دولاراً)
وأعلنت الحكومة الشرعية، منتصف فبراير/شباط الماضي، انها تحاول تدبير معاشات للمتقاعدين المدنيين والعسكريين بعد قيام الحوثيين بنهب أموال هيئة التأمينات الحكومية.
وقال راجح بادي، المتحدث باسم الحكومة في تصريحات صحافية، إن الحكومة تبذل كل الجهود لإعادة بناء المؤسسات الإدارية والمالية التي تدمرت جراء الحرب وإعادة دعم صندوق التقاعد، بعد أن استخدمت المليشيات الحوثية كل مدخراته.