كان لإضراب المعلمين بسبب انقطاع المرتبات للشهر السادس على التوالي تداعياته الخطيرة التي أدت إلى تعطيل العملية التعليمية بشكل شبه كامل وهو ما ألقى بظلاله على حياة ومستقبل الطلاب الذين يعدون الركيزة الاساسية لبناء مستقبل اليمن.
مئات الآلاف من طلاب المرحلة الاساسية والثانوية توقفوا عن الدراسة بسبب اضراب المعلمين والذي يعد في نظر الكثير من الحقوقيين اضرابا مشروعاً وقانونياً للحصول على كامل حقوقهم المصادرة.
وتفيد مصادر أن أكثر من 70% من مدرسي التربية والتعليم في أمانة العاصمة، مضربين عن التدريس احتجاجا على عدم صرف مرتباتهم.
وكشفت أخرى، قامت بزيارة عدد من المدارس بالعاصمة صنعاء، أثناء الإضراب أن "مدارس مديرية السبعين ذات الكثافة العددية للطلاب، لا يتجاوز عدد الحضور فيها نسبة 10%"، مرجعة السبب الى عدم حضور المدرسين التزاما بالدعوة إلى الإضراب، مشيرة إلى أنه يتم "جمع ثلاثة فصول في فصل واحد وإعطائهم حصة واحدة او حصتين في اليوم".
وكان مدراء مدارس في مديرية الصافية جنوب العاصمة صنعاء ابلغوا في منتصف فبراير الماضي مكتب التربية والتعليم في المديرية بالبدء بالاضطراب الكلي الذي بدؤه بالفعل في الـ 22 فبراير الماضي.
وقالت المصادر إن مليشيا الحوثي وصالح وجهت تهديدات بالسجن إلى عدد من المدرسين المضربين في بعض المدارس بالأمانة، في حال عدم رفع الإضراب واستئناف العمل.
وذكرت مصادر أخرى أن القيادي الحوثي المدعو "صالح الشعري" المعين من قبل مليشيا الحوثي نائبا لمدير الأمن السياسي، هدد معلمي مدرسة الشهيد علي عبد المغني بالسجن في حال عدم موافقتهم على طلبه بفرض 1000 ريال على الطلاب لتسليم رواتبهم وإيقاف الإضراب".
ويبلغ عدد طلاب التعليم الاساسي في مدارس امانة العاصمة بحسب مصادر تربوية اكثر من 450 الف طالب وطالبة في حين يبلغ عدد الطلاب في التعليم الثانوي اكثر من 90 الف طالب وطالبة.
وقالت مصادر في ادارة التربية والتعليم في مديرية السبعين انه من المقرر ان تبداء اختبارات النقل لطلاب المرحلة الاساسية والثانوية في الخامس عشر من ابريل القادم مالم يحدث تغير في الخطة من قبل قيادة الوزارة التي يسيطر عليها الحوثيون.
مضيفة انه لم يتم تحديد موعد امتحانات الشهادة الاساسية للطلاب الصف التاسع وامتحانات الشهادة الثانوية لطلاب الصف الثالث الثانوي.
ومن المؤكد ان عدم ذهاب الطلاب الى المدارس واخذهم المقررات الدراسية قد ادخلهم في صراع مبكر مع ظروف الحياة القاسية التي انتجتها الحرب التي تشنها مليشيا الحوثي وصالح على المواطن اليمني والتي لم تكتفي بتدمير حاضر اليمن فحسب بل تعدته الى تدمير المستقبل بتعطيل العملية التعليمية .
" يمن شباب نت" حاول الاقتراب من الطلاب وملامسة هموهم عن قرب في محاولة منه لإبراز معاناة الطلاب، والتقت بالطالبة آية الحيدري التي بدت في حيرة من أمرها إذ كيف لها أن تختبر ولم تدرس سوى نصف المنهج.
وتواصل الطالبة في الصف الثالث الاعدادي في مدرسة العلفي أنه تفكر في التوقف عن الدراسة ولا تستبعد أنها لن تخوض الامتحان هذا العام في ظل عدم اخذ المقررات الدراسية كاملة.
في حين ترى هناء احمد الطالبة في الصف الاول الثانوي التي اقتربت كثيرا في طرحها من زميلاتها الحيدري ان عدم اخذ المقررات الدراسية سينعكس سلبا على الطلاب في المراحل التعليمية الاخرى وخاصة في المواد العلمية التي تعتبر قاعدة معلومات للصف الثاني والثالث الثانوي مشيرة ان عدم اخذ المقررات الدراسية نتيجة الاضراب سيؤثر على معدلاتهم في الشهادة الثانوية.
بينما يقول محمد السلامي الطالب في الصف الثامن والذي ربما يجهل كثيرا مما يدور حولة من تعقيدات الوضع "نجلس لساعات في حوش المدرسة منتظرين مدرس يعطف علينا ويدخلنا حصة او حصتين" بهذه الكلمات البريئة لخص محمد الوضع التعليمي في مدارس العاصمة في ظل سيطرة المليشيات على البلاد.
من جانبه، قال رئيس مركز ابعاد للدراسات الاستراتيجية عبد السلام محمد ان إسقاط المليشيات الانقلابية للدولة ادى الى انهيار العملية التعليمية في اليمن خاصة مع انعدام رواتب المعلمين وتحولهم إلى نازحين وجوعى
واشار الى انه بعد عامين ونصف على انقلاب المليشيات تحولت المدارس بين ثكنات عسكرية ومخيمات نزوح وأماكن مهجورة من المعلمين والطلاب
واضاف يضاعف من ذلك انعدام مصادر الدخل للمعلمين وأسر الطلاب ومن الطبيعي أن هناك معلمين وطلاب يتسربون من التعليم للبحث عن مصدر دخل
وبالتالي فإن الإضراب من قبل المعلمين تعبيرا عن الجوع يعد أسلوبا حضاريا لا مكان له في ظل هذا الوضع الميلشاوي لأن المشكلة الرئيسية ليس تقصير الدولة وإنما إسقاط الدولة
واوضح ان الوضع الانقلابي برمته يهدف إلى تخريج جيل غير متعلم لا يعرف سوى العنف مصدرا للدخل وبالتالي تستفيد المليشيات في توسيع عصاباتها بشكل أكبر.