فقدت قرية صغيرة بمحافظة ذمار معظم أبنائها نتيجة التحاقهم ضمن صفوف مقاتلي مليشيات الحوثي، فلا يخلو بيت من بيوت القرية من صورة قتيل أو أكثر، ومع ذلك لازلت الأسر التي تسكن القرية تدفع بالمزيد من أبنائها نحو الجبهات القتالية كجزء من ثقافتها وعقائدها الدينية باعتبار أنهم من العائلات التي تنسب نفسها "للهاشمية"
وتبعد قرية "الوشل" التابعة لمديرية عنس عن مدينة ذمار جنوبا بنحو "37" كم، ويقطنها نحو "2000" نسمة، ذاع صيتها بعد مقتل العشرات من أبنائها في صفوف جماعة الحوثي المتمردة في مختلف الجبهات القتالية.
وطوال الأشهر الماضية قتل من أبناء قرية الوشل نحو 187 قتيل حتى شهر يناير الماضي، ضمن صفوف المليشيات الانقلابية وفي أماكن مختلفة.
ويروي أحد أبناء قرية "الوشل" لـ"يمن شباب نت" تفاصيل يوم مأساوي عاشته القرية الصغيرة، يوم تشييع ودفن "ستة" شباب مقاتلين من أبناء "الوشل" إلى المقبرة الجديدة الخاصة بأبناء القرية والتي افتتحت بعد اندلاع الحرب واشتراك أبناء الوشل في القتال باعتبارهم جزء من مشروع جماعة الحوثي المتمردة ولهم حق في يسمونه الولاية.
ويضيف "خيم الحزن على القرية بفقدانها ستة من شبابها في معارك عبثية خلال يوم واحد، وهو اليوم الأسود في تاريخ القرية، لكن لم يستطع أحد يقدم أي نصح لأهالي الضحايا كونهم متعصبين لفكرة القتال واستمروا في دفع أبنائهم إلى محارق الموت متوعدين بالثأر لأبنائهم، لكنهم ما يلبثوا أن يستقبلوا جثة جديدة لمقاتليهم دون الأخذ بالثأر كما توعدوا، أو الحفاظ على أبنائهم.
وتجد أغلب الأسر من آل الوشل لديهم قتيل واحد على الأقل، وهناك أسر لديها قتيلين، وهناك أكثر من عشر أسر لديهم من ثلاثة إلى أربعة قتلى في الأسرة الواحدة.
ويوضح أن هناك الكثير من أبناء الوشل المقاتلين الحوثيين لا يزالوا مفقودين في الجبهات القتالية أو أسرى حرب لدى القوات الحكومية الشرعية، إضافة إلى عشرات الجرحى، والمعاقين جسديا أو نفسيا ويعانون من أمراض مزمنة نتيجة اشتراكهم في الحرب.
ويخيم الحزن على أهالي قرية "الوشلي" طوال أيام السنة وصارت النساء ترتدي السواد كجزء من تعبيرهن على فقدان أقاربهن في الحرب، وتحولت المقايل العادية بين أهالي القرية إلى مجالس عزاء بين الحين والآخر.
ويقول أحد معلمي الثانوية من أبناء قرى مجاورة ويدرس في مدرسة قرية "الوشل" في حديثه مع مراسل "يمن شباب نت" أن دراجته النارية تدمرت إثر استخدامها في الذهاب إلى قرية الوشل لتقديم العزاء في قتلاهم الذين أصبح تشييعهم ودفنهم عادة يومية لأبناء القرية ومن يشاركهم من أبناء القرى المجاورة.
ويتابع المعلم "أصبح صوتي في فصل التدريس بالمدرسة أكثر ضجيجا من تكرار صداه، فالفصول الدراسية خاوية إلا من بعض الطلاب الذين لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد".
ويوضح أن الطلاب من أبناء قرية الوشل ليسوا وحدهم من اتجهوا نحو جبهات القتال، بل هناك بعض المعلمين تركوا القلم، وعوضوا عنه بالسلاح من أجل ما يسمونها "المسيرة القرآنية".