في يوم الأثنين 30 كانون الثاني/يناير، أفادت التقارير عن ضرب بارجة سعودية من خلال عملية انتحارية نفذها الحوثيون أثناء قيامهم بأعمال دورية في البحر الأحمر. ويشير تسجيل حادث الفيديو كما ادُعي، الذي اتُخذ من على متن زورقين صغيرين بأنه تم شن هجوم قوي ضد ما يظهر أنها فرقاطة فرنسية الصنع تابعة للبحرية السعودية. ويُظهر التسجيل الذي صُوِّر من مسافة بعيدة، اقتراب قارب ثالث صغير من البارجة، وضربه مؤخرتها، وانفجاره بصورة كرة نارية ضخمة، مما يناقض على ما يبدو التقارير الأولية عن وقوع هجوم صاروخي. وقد وقع الهجوم قبالة جزء الساحل اليمني الواقع تحت سيطرة الحوثيين، ويتضمن الفيديو صراخ يمكن سماعه بوضوح عن هتاف الحوثيين المعروف.
وقد أقر الجيش السعودي مقتل اثنين من جنود بحريته وإصابة ثلاثة آخرين بجروح، ولكنه ادّعى أيضاً أن السفينة واصلت عملياتها الدورية. وإذا كان الأمر كذلك، فقد كانت السفينة محظوظة بعدم إصابتها بأضرار جسيمة في أنظمة التوجيه والدفع.
وإذا وضعنا حسن الحظ جانباً، يشير الحادث إلى وجود نقاط ضعف مثيرة للقلق في البحرية السعودية. وتعتقد القوات الغربية في المنطقة أن [قابلية] أسطول المملكة تقتصر على القيام بعمليات أثناء النهار بسبب عدم قدرة أفراد الطاقم على استخدام التكنولوجيا المتطورة لأحدث معداتهم بشكل كامل. ومع ذلك وقع هذا الهجوم في وضح النهار، وكان ينبغي عدم السماح لقارب انتحاري محتمل بالاقتراب جداً من الفرقاطة نظراً لقدرات السفينة.
وعلى سبيل المثال، تستخدم القوات الأمريكية إجراءات المناورة والإنذار في مثل هذه الحالات لتحديد ما إذا كانت هناك نوايا عدوانية، بما في ذلك تبادل الاتصالات بين السفينة والقارب، والقيام بتغيير في السرعة والاتجاه، وإطلاق شعلات ضوئية، واتخاذ جراءات تحذيرية غير قاتلة، وإطلاق طلقات تحذيرية. إن ذلك يسمح لها تبرير استخدام القوة أو التخفيف من تصعيد الوضع. بيد، يُظهر فيديو الحادث السعودي عدم وجود أي دليل على القيام بمثل هذا العمل.
ويقيناً، تم تصميم السفينة إلى حد كبير من أجل الدفاع الجوي والأدوار المضادة للغواصات، لذلك قد تكون أكثر عرضة للهجوم البحري. وفي حين يمكن استخدام المدافع من عيار 70 مم و 40 مم ضد أهداف سطحية، إلا أنها مخصصة أساساً للدفاع الجوي، [وواقع] موقعها في مقدمة السفينة ووسطها قد يحد المجال الذي تتمتع به لإطلاق النار من مؤخرة السفينة واتخاذ الإجراءات الدفاعية المعقدة، عندما يقترب منها قارب أصغر حجماً وأكثر سرعة ويصبح داخل نطاق الضرب. وحتى مع ذلك، تم تصميم البارجة لحمل طائرة هليكوبتر، وليس هناك مؤشر بأنه كانت هناك مثل هذه المروحية أثناء وقوع الحادث. وإذا كانت سفينة تابعة للولايات المتحدة هدفاً [لمثل هذا الهجوم]، لكانت مروحيات البحرية الأمريكية قد حاولت في وقت مبكر منع القارب الصغير [من الاقتراب إليها]، وذلك باستخدام الشعلات الضوئية، والدخان العائم، والطلقات التحذيرية لإبقائه بعيداً عن السفينة.
ويعكس هجوم الثلاثين من كانون الثاني/يناير جوانب معينة من الهجمات البحرية الأخرى في مسرح العمليات العسكرية اليمني. ففي 1 تشرين الأول/أكتوبر، أُطلق صاروخ مضاد للسفن من مواقع صواريخ ساحلية تخضع لسيطرة الحوثيين وألحق أضراراً بسفينة "سويفت" العالية السرعة التي كانت تابعة للبحرية الأمريكية سابقاً وتم بيعها للإمارات العربية المتحدة وكانت تديرها قوات التحالف بقيادة السعودية كسفينة لإنزال القوات وتوفير الخدمات اللوجستية. وعلى غرار الفرقاطة السعودية، تم تعقب السفينة "سويفت" وتصويرها بفيلم من قبل سفينة أخرى قبل إطلاق النار عليها. وردّت الولايات المتحدة على تلك الحادثة بإرسالها ثلاث سفن حربية لحماية ممر الشحن الضيق في باب المندب من المزيد من الاضطرابات. وعلى مدى الأسبوعين التاليين، تفادت مدمرة الصواريخ "يو إس إس ميسون" هجومين صاروخين آخرين، مما دفع بواشنطن إلى شن ضربات صواريخ كروز - توماهوك ضد مواقع الرادار التي يديرها الحوثيون.
وبدا أن هذه الضربات قد أنهت تهديد الصواريخ المضادة للسفن في المنطقة، ولكن هجوم الثلاثين من كانون الثاني/يناير يُظهر أن هدير موجات الصراع لا تزال محسوسة في المياه قبالة ساحل اليمن. وعلى الرغم من أن المهمة العسكرية المفترضة للفرقاطة السعودية - أي فرض الحصار على ميناء الحديدة القريب الذي يسيطر عليه الحوثيون - يحتمل أن تكون قد تضررت، إلا أن للحادث تداعيات أوسع من إظهار الجمود في حملة التحالف. فمضيق باب المندب بين البحر الأحمر والمحيط الهندي هو ممر محتمل للسفن الدولية التي تستخدم قناة السويس إلى الشمال. وفي 21 كانون الأول/ديسمبر، زُعم أن سفينة شحن ترفع علماً إيرانياً قد هوجمت هناك، على الرغم من أن المصادر غير واضحة فيما إذا كانت قد تعرضت لغارة جوية سعودية أو لإطلاق صواريخ من قارب مجاور. ومن المرجح أن يؤدي المزيد من الهجمات على السفن التجارية إلى رد فعل فوري في سوق التأمين.
بالإضافة إلى ذلك، ووفقاً لبعض التقارير، من الضرورة أن يؤدي دعم إيران للمتمردين الحوثيين إلى إثارة مقارنات بين الوضع في باب المندب والممر الأكثر أهمية في مضيق هرمز في الخليج، الذي يتدفق من خلاله جزء كبير من إمدادات النفط في العالم. وتقوم القوارب السريعة الصغيرة التي نشرها «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني بمضايقة سفن البحرية الأمريكية وغيرها بانتظام، وهي السفن التي تعبر ذلك الممر المائي الضيق، باستخدامها أساليب مماثلة لتلك التي ظهرت في الفيلم عن الهجوم على البارجة السعودية.
توصيات للسياسة الأمريكية
ستكون السفن الحربية العاملة في باب المندب معرضة للخطر إلى أن يصبح الساحل اليمني الذي يبلغ طوله 1100 ميل آمناً. ووفقاً لذلك، يجب زيادة نقل التكتيكات والتقنيات والإجراءات التي تتخذها القوات الأمريكية لكل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات لكي تتمكنا من الدفاع عن نفسهما بشكل أفضل ضد الصواريخ المضادة للسفن والقوارب الصغيرة المعادية. ومثل هذه الجهود ستساعد بسرعة القوات البحرية التي تقودها السعودية وتعمل ضد الحوثيين، على حماية سفنها في حين تردع العدوان المستقبلي من خلال منع تأثيره. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الولايات المتحدة أن ترسل خبراء في الأدلة الجنائية لاكتشاف أصل الأسلحة المستخدمة ضد الفرقاطة، وبالتالي ستوفر معلومات إضافية للتحالف حول إحباط الهجمات المستقبلية. وعلى نطاق أوسع، قد ترغب واشنطن في التعامل مع الحادث باعتباره فرصة للضغط على الرياض لكي تسعى الى التوصل إلى حل دبلوماسي للصراع بدلاً من استمرارها في المسار الذي يظهر للكثيرين بأنه حرب لا يمكن الانتصار فيها.
من جانبها، ليس هناك شك بأن ايران ستراقب عن كثب لمعرفة الكيفية التي ترد بموجبها إدارة ترامب على حادث يوم الأثنين. ومن هذا المنطلق، قد تكون تكتيكات الحوثيين في ??منطقة باب المندب بمثابة إعادة للسلوك الإيراني في مضيق هرمز. وعلى الرغم من أن طهران ستشعر بغضاضة إذا قبلت منع تصدير نفطها الخاص عبر الممر المائي، إلا أنها تبقى حريصة على أن يُنظر إليها باعتبارها القوة المهيمنة في الخليج، لذلك فإن تصعيد الاستفزازات هو أمر محتمل.
****
سايمون هندرسون هو زميل "بيكر" ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.
كوماندر جيرمي فوغان هو ضابط في البحرية الأمريكية وزميل "الجهاز التنفيذي الاتحادي" في معهد واشنطن، وقد أكمل عمليات نشر متعددة في الخليج.
المصدر: معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى