أكد سياسيون على أهمية الخطوة الحكومية بشأن تسلم رواتب الموظفين في المناطق الخاضعة لمليشيا الحوثي والمخلوع صالح. واعتبروها تجسيدا لسلطة الشرعية وإنهاء لأسباب استمرار المليشيا في الحياة السياسية اليمنية.
يأتي ذلك، تعليقا على بدء الحكومة الشرعية تنفيذ وعودها بصرف مرتبات الموظفين الحكوميين في كافة المحافظات، بما في ذلك المناطق التي ما تزال حتى الآن تحت سيطرة الميليشيات الانقلابية التابعة للحوثي والمخلوع صالح، وذلك بعد أن عجزت هذه الأخيرة عن صرف المرتبات منذ أربعة أشهر، على الرغم أنها ظلت طوال الفترة الماضية تسيطر وتدير البنك المركزي اليمني بالعاصمة صنعاء، الذي استمر باستقبال معظم إيرادات الدولة.
والأربعاء الماضي، وقعت الحكومة الشرعية في عدن اتفاقية مع شركة مصرف الكريمي للتمويل الأصغر، يجري بمقتضاه تسليم رواتب الموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي والمخلوع الانقلابية.
والخميس الماضي، شرعت مكاتب الشركة المصرفية الشهيرة بتسليم رواتب الموظفين بقطاع التعليم بصنعاء، بعد تأكيدها استلام المبالغ المالية اللازمة من الحكومة. في حين مازال يجرى حاليا الترتيب للبدء بصرف رواتب بقية القطاعات الأخرى في صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة للمليشيا خلال الأيام القليلة القادمة.
واستطلع "يمن شباب نت" أراء عدد من المحللين والمراقبين السياسيين، بشأن ما تمثله هذه الخطوة من أهمية؟ وما ستحققه من نتائج؟ وبشكل عام، توافقت أراء معظمهم على أن تسليم المرتبات للموظفين في المناطق الخاضعة للانقلابين سينعكس إيجابا، سواء على السلطة الشرعية أو في المعركة التي يخوضها اليمنيون مع مليشيا الانقلاب.
تساوي استعادة الجغرافيا
أعتبر الدكتور عبدالباقي شمسان، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، خطوة تسليم الرواتب من قبل السلطة الشرعية أنها "تساوي استعادة الجغرافيا بالفعل العسكري"، مضيفا: "وكلها ذات علاقة باستعادة الشرعية وممارستها عمليا من خلال إدارة الحياة اليومية للمواطنين".
وعليه، شدد الدكتور شمسان، ضمن حديثه مع "يمن شباب نت"، على الإسراع في صرف المرتبات للموظفين، لأن هذه الخطوة - بتأكيده - في غاية الاهمية "ليس من حيث سحب وتقويض سلطة الامر الواقع، بل أيضا ستعمل على تجميع فكرة الدولة والسلطة وتجسيدها في السلطة الشرعية".
وقال: "إن ممارسة السلطة لوظائفها مهما ومن شأن تلك الممارسة أن تحقق الاعتراف بها دستوريا وعمليا، إضافة إلى كونه صراع مواز للصراع العسكري".
فقدت أسباب استمرارها
وفي حين أن المحلل السياسي عبدالملك اليوسفي، بدأ بتأكيد ما أنتهى إليه الدكتور "شمسان"، من حيث أنه يصف قيام الحكومة الشرعية بتسليم رواتب الموظفين في المناطق الخاضعة للمليشيا، بكونه يعد "امتثالا لواجبها تجاه موظفيها"، إلا أن هذه الخطوة، في نظره هو الأخر: "تعني أن المليشيا فقدت كل أسباب استمرارها في الحياة السياسية اليمنية".
ويضيف، ردا على تساؤل "يمن شباب نت" بشأن ما تمثله خطوة كهذه، أن الحكومة تكون بهذا العمل قد "كشفت الوجه القبيح للمليشيا التي نهبت مقدرات الدولة ومواردها واستحوذت على المال العام واستنزفت إمكانات الدولة حتى أصبحت الاجهزة التي يسيطرون عليها غير قادرة على دفع رواتب موظفيها".
وبالمثل أيضا، يتفق الكاتب والمحلل السياسي "ياسين التميمي"، مع سابقيه بتأكيده على أن تسليم الحكومة الشرعية للمرتبات يأتي أولا في إطار "مسؤوليتها الدستورية"، إلا أنه يضيف إلى ذلك أيضا مسئولية أخرى: "وتنفيذا للالتزامات والتعهدات التي قطعتها للمجتمع الدولي، الذي دعم قرار الحكومة في نقل عمليات البنك المركزي إلى عدن".
إلا أن التميمي حذر، ضمن حديثه لـ"يمن شباب نت"، من وجود ما يقول أنها "إشكالية المنخرطين تحت مظلة الانقلابيين الذين يحاربون الدولة"، الأمر الذي جعله يوجه دعوة إلى الحكومة الشرعية "للبحث عن آلية للتعامل معهم بحزم إذا لم يتوقفوا عن مواصلة ارتكاب جرائمهم بحق الموظفين"، فهذه الميليشيات الانقلابية – حسب تأكيده - قد "أقدمت على فصل المئات ممن وقفوا إلى جانب الشرعية، وأوقفت المرتبات، واجبرت الكثيرين على البقاء في صفوف الانقلابيين بسبب حرصهم على أرزاقهم".
محاولات إفشال وإعاقة
ومنذ أن أعلنت شركة مصرف الكريمي للتمويل الأصغر الخميس بدأ عملية صرف مرتبات الموظفين في وزارة التربية والتعليم بصنعاء- الديوان العام، ووزارة التربية والتعليم بأمانة العاصمة، شهدت كافة فروع الشركة هناك ازدحاما كبيرا لم تشهد مثله من قبل.
وفي إثر ذلك، سيطرت ردود الفعل المؤيدة والداعمة للحكومة الشرعية على منصات التواصل الاجتماعي في الشبكة الإلكترونية العنكبوتية، والتي لم تخلو في معظمها من الطرفة السياسية، في حين انتشرت على معظم المواقع الإخبارية الالكترونية مقالات المديح للحكومة تأييدا وتشجيعا لهذه الخطوة التي طال انتظارها.
وطبقا لتصريحات رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر، المنشورة يوم أمس الجمعة، فمن المقرر أن تتواصل عملية صرف المرتبات خلال الأيام القادمة لتشمل بقية القطاعات الأخرى. حيث أكد بن دغر لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن الحكومة "ملتزمة بصرف مرتبات المدنيين العاملين في المؤسسات غير الإيرادية أياً كان عددهم، وأنها سترسل عبر شركة الكريمي وبنك التسليف الزراعي وربما مؤسسات مصرفية أخرى مرتبات فروع الوزارات في صنعاء".
يأتي ذلك، في حين مازال هناك معلومات تتحدث عن مواصلة ميليشيات الحوثي والمخلوع محاولاتها في إفشال أو إعاقة هذه العملية، وذلك من خلال تهديد وتحذير المؤسسات الحكومية في بعض المحافظات الواقعة تحت سيطرتها من إرسال كشوفات الموظفين حسب نسخة 2014، إلى وزارة المالية الشرعية بعدن.
للمزيد أطلع على: الحوثيون يهددون مدراء المكاتب الحكومية بذمار إذا سلموا كشوفات الرواتب
وتحرص الحكومة الحصول على كشوفات 2014، كون الميليشيات الانقلابية قامت عقب انقلابها على السلطة الشرعية مطلع 2014 بإيقاف وفصل الألاف من الموظفين المؤيدين للشرعية أو حتى الرافضين للتجاوب معها في انقلابها ومخالفاتها للقانون، في الوقت الذي أدرجت فيه الألاف من أنصارها ومؤيديها ضمن كشوفات الوظائف والمرتبات في مختلف أجهزة الدولة المدنية والعسكرية والقطاعين العام والمختلط.
وبهذا الصدد أوضح رئيس الوزراء بن دغر، ضمن تصريحاته أمس لوكالة سبأ أن "الحكومة ستقوم يوم الأحد القادم بإرسال مرتبات المرافق التي تجاوب مدراءها مع نداء الحكومة وقاموا بإرسال كشوفات الموظفين كما كانت عليه في نهاية ديسمبر 2014م بعيداً عن أي إضافات أو تجاوزات".
للمزيد أقرأ ايضا: بن دغر : سنرسل الأحد القادم مرتبات الجهات التي سلمت كشوفاتها بصنعاء
وأعرب رئيس الوزراء عن أسفه الشديد كون ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية لا يزالون يستولون على 300 مليار ريال تأتيهم من الجمارك والضرائب وفائض وأرباح قطاع الاتصالات والتبغ والسجاير ومصانع الإسمنت التي يخضع مدراءها لإرهاب شديد مرغمينهم على تسليم المليارات كل ما عنّ لهم ذلك.