بلغ التصعيد جبهات القتال اليمنية ذروته خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من العام الجاري، فبدا أن الحسم العسكري هو الخيار الأوفر حظاً، مع تضاؤل جهود المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ، سيما عقب إجتماعات بلا نتائج عقدها مع الجانب الحكومي في عدن، وتعثر وصوله إلى صنعاء بسبب اشتراط الحوثيين رفع الحصار عن مطار صنعاء أمام الطيران المدني قبل الحديث في أي رؤى .
وكما أعلنت قبل أساببع أن 2017 سيكون" عام النصر" في ما تبقى من جبهات القتال، استطاعت القوات الحكومية أن تحرز منذ مطلع هذا العام مكاسب نوعية على الأرض، وتتحول من موقع الدفاع وتبادل القصف المدفعي الذي كانت عليه خلال الأشهر الماضية من العام المنصرم، إلى موقع الهجوم والمبادرة.
نقلة نوعية للقوات الحكومية
تمكنت القوات الحكومية،خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من 2017، من تضييق الخناق على الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، وإحراز مكاسب على أكثر من جبهة، وخصوصا في جبهتي"تعز"، جنوب غربي البلاد، وفي جبهة"نهم"، شرقي العاصمة صنعاء.
وأرجع المتحدث الرسمي للقوات المسلحة الحكومية، العميد عبده مجلي، تحول الجيش والمقاومة من العمليات الدفاعية إلى الهجوم، إلى التقدم المحرز في الميدان بأكثر من جبهة، وخصوصا بالمواقع الحساسة في مشارف صنعاء، ومعاقل الحوثيين في محافظة صعدة، شمالي البلاد، وهي عوامل ساهمت في رفع معنويات الجيش، بالإضافة إلى الدعم اللوجيستي من قبل قوات التحالف العربي.
وقال مجلي في تصريحات للأناضول، عبر الهاتف، "فترة الإعداد السابقة في 2016 لا يمكن إغفالها، فالأشياء تراكمية والتغيرات الحاصلة تأتي بناء على ما تم تجهيزه خلال الأشهر الماضية، لكننا الأن أصبحنا أكثر قربا من معاقل هاما للمليشيات".
وأضاف" القوات المسلحة أصبحت الآن مهنية واحترافية مع التدريب وتولد لديها التدريب الاحترافي بعد ما يزيد من عام ونصف من المعارك، فضلا عن إعداد خطط جديدة وتطوير الحطط القديمة بما يتناسب مع متطلبات المعاركة".
وأعتبر متحدث الجيش الحكومي، أن خسارة الحوثيين وقوات صالح للكثير من قادتها في الجبهات وانهيار ما تبقى لديهم من الحاضنة الاجتماعية بسبب تزايد خسائرهم وفسادهم بعد إيقافهم لرواتب الموظفين لمدة 4 أشهر، تعد سببا آخر لتقهقرهم على الأرض.
وقال" في العام الماضي كنا نتحدث عن محافظات جنوبية، الأن نحن نتحدث عن معاقل الحوثيين، الجيش الوطني وصل إلى سوق البقع في مديرية البقع بمحافظة صعدة، وسيطر على جبال مندبة في مديرية باقم ولم يتبقى على مركز مديرية باقم سوى 7 كيلومترات.
جبهة"نهم"
طيلة النصف الأخير من العام 2016، شكلت "مديرية"نهم"، شرقي العاصمة صنعاء، أكثر الجبهات استنزافا للحوثيين وقوات صالح، ومع كل تقدم للقوات الحكومية، كان تحالف الحرب الداخلية يدفع بالمئات من المقاتلين، والذين يذهبون ضحايا للمعارك والغارات الجوية التي لم تتوقف.
وخلال اليومين الماضيين، أحزرت القوات الحكومية مكاسب نوعية تمثلت في تحرير عشرات من المواقع والتلال الجبلية الاستراتيجية، أبرزها، جبل"دوَه"و "جبل التوحيد" و"حيد الذهب"و"تلة الغفران"، و"جبل حلبان".
وحسب متحدث القوات المسلحة، عبده مجلي، فانه بالسيطرة على الهيئات الجبلية الحاكمة تم تحرير عدد من المواقع من جبهة الميمنة وقطع إمداد الحوثيين من محافظة الجوف إلى صنعاء ومن مديرية أرحب، وكذلك تحقيق السيطرة النارية على منطقة"ضبوعة" و"مفرق قطيين"، والتحكم في الطرقات الفرعية داخل مديرية نهم، وكذلك الاقتراب من "أرحب"، آخر المديريات التي تفصل الجيش الوطني عن مطار صنعاء الدولي، وتبعد نحو 30 كيلومترا.
وقال مجلي" سيتم فتح جبهات جديدة لدخول صنعاء من أماكن مختلفة لم يكن يتوقعها الحوثيون وذلك بما تتطلبه المعركة وبحسب الخطط المرسومة من قبل قيادة الجيش.
وأضاف" خلال العمليات الاخيرة في نهم، سنضمن الاقتراب الكبير من تخوم صنعاء، وفي سواحل تعز، سنقوم بتأمين الخط الملاحي الدولي في مضيق باب المندب وتقديم الدعم اللوجيستي لتحرير محافظتي تعز والحديدة.
جبهة تعز
في جبهة محافظة "تعز"، ومع نهاية الأسبوع الثاني من عمليات"الرمح الذهبي"، تمكنت القوات الحكومية الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي، من تحقيق مكاسب نوعية في الشريط الساحلي، حيث تمكنت القوات القادمة من محافظة عدن، من تحرير مديرية"ذوباب والتقدم إلى ما بعد بلدة" الجديد" في أطراف مديرية"ذوباب"، فيما تواصل قوات أخرى التضييق على الحوثيين في مركز مديرية الوازعية الساحلية.
وقال فدرين طه، الناطق بإسم مقاومة الصبيحة المشاركة في المعارك، للأناضول، إن المعارك وصلت مساء الخميس، إلى سواحل منطقة"واحجة"شمالي منطقة"الجديد" على مقربة من مدينة المخا وميناءها التاريخي.
وذكر طه، أن كتيبة "سلمان الحزم"(تأسست عقب تحرير عدن نسبة إلى العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز الذي أطلق عاصفة الحزم)، هي من وصلت إلى منطقة" واحجة"، وأن أقل من 10 كيلومترات تفصل القوات الحكومية عن مدينة المخا.
وأضاف" مديرية ذوباب تم تحريرها بالكامل، وستكون حاليا مؤخرة للجيش الوطني يضم معسكرات ومستشفى ميداني، وخلال الساعات القادمة سنكون في المخا.
وفيما كشف عن مشاركة لطائرات لااباتشي التابعة للتحالف في تمشيط السواحل وكذلك البوارج الحربية، قال"طه"، إنه لم يعد هناك تواجي للحوثيين وقوات صالح في ذوباب كجيش منظم، بل يخوضون حرب عصاب عبر عشرات القناصة المتمركزين في التلال الجبلية لمعسكر العُمري، شرقي ذوباب، بالإضافة إلى اعتمادهم على الألغام.
وفي مديرية "الوازعية"، قال أحد القادة الميدانيين للأناضول، إن التقدم العسكري يسير ببط تحسبا من ألغام زرعها الحوثيون وقوات صالح في المنطقة كونها صحراوية.
وفي مديرية" مقبنة"، غربي مدينة تعز، تتواصل المعارك بشدة بين القوات الحكومية والحوثيين والتي تهدف إلى قطع خط الإمداد الحوثي من مدينة تعز، باتجاه الساحل الغربي بالمخا، وسط استماته كبيرة من الحوثيين، ووفقا لمصادر عسكرية، فقد شكلت تلك الجبهة، بؤرة استنزاف واسعة لمسلحيهم.
اقتراب فك الحصار عن تعز
يفرض الحوثيون وقوات صالح حصارا خانقا على مدينة تعز منذ أكثر من 20 شهرا، باستثناء منفذ فرعي يربط المدينة بمحافظة عدن، جنوبي البلاد، لكن المعارك الأخيرة في طريقها لقشع الحصار وخصوصا من الساحل الغربي.
ويرى الكاتب الصحفي، رشاد الشرعبي، أن اشتعال 4 جبهات للمعارك غرب تعز وشريطها الساحلي، يهدف بدرجة رئيسية إلى فك الحصار عن مدينة تعز المستمر منذ عامين، وايقاف عمليات تهريب الاسلحة من خارج اليمن عبر منافذ التهريب التي لدى الحوثيين خبرة كبيرة فيها وتأمين الملاحة الدولية في باب المندب بعد الاعتداءات التي تعرضت لها العديد من السفن والبوارج في البحر الاحمر".
وقال الشرعبي في تصريحات للأناضول" بالسيطرة على ميناء المخاء سيكون من السهولة ايصال البضائع والسلع والمعونات الى تعز المحاصرة لعامين ومنها الى المحافظات المحيطة بها وربما الى العاصمة صنعاء في ظل اغلاق ميناء الحديدة.