محافظة منكوبة، ومعونات إنسانية مجهولة المصير، وتشكل طبقة ثراء من القيادات المشرفة على توزيع المواد الإغاثية وسط غياب تام لمبدأ الشفافية .
مع بداية الأحداث الجارية في البلد واندلاع حرب شاملة في أكثر من محافظة يمنية تدفقت مئات الأسر في موجة نزوج جماعية نحو محافظة إب ـ وسط اليمن ـ التي سلمت إلى حدٍ ما من تلك المواجهات المسلحة المباشرة.
إحصائيات محلية غير رسمية سجلت توافد عشرات الآلاف من النازحين نحو المحافظة الأكبر كثافة سكانية في البلاد في الأشهر (مايو ويونيو ويوليو) من العام 2015،بناء على ذلك تم استحداث مخيمات طارئة لعدد منهم في مدارس حكومية فيما لجئ آخرون إلى الأرياف.
في تلك الأثناء نشطت مبادرات شبابية وجمعيات خيرية في عمليات الإيواء والإغاثة وهرعت منظمات دولية ومراكز إنسانية لتقديم المعونات للنازحين والمتضررين من الأحداث التي استمرت ولا تزال منذ عامين.
ولأن المحافظة تخضع تحت سلطة الانقلابيين، فإن كل عمليات الإيواء والمساعدات تتم بإشراف مباشر من قبلهم ما يعني عدم وجود رقابة مجتمعية وأهلية على ما يتم وصوله من مساعدات ،الأمر الذي ضاعف من عمليات الفساد المصاحبة لتلك الأعمال الإنسانية .
نهب مساعدات
أفاد مصدر محلي بمدينة جبلة جنوب غرب إب خلال الأيام الماضية عن قيام قيادات حوثية بمصادرة كميات كبيرة من المساعدات الغذائية والإغاثية المخصصة لأبناء المدينة.
المصدر كشف لمراسل "يمن شباب نت " قيام قيادات من مليشيات الحوثي وصالح في المديرية بمصادرة كميات كبيرة من المواد الغذائية المقدمة من لجان الإغاثة الأممية والمراكز والجمعيات الإنسانية .
وبحسب المصدر فإن قيادين حوثيين في المديرية قاما بمصادرة نحو (150)سلة غذائية لصالحهما على حساب عشرات الأسر المحتاجة والنازحة.
المصدر أكد قيام القيادي الحوثي ومشرف الحوثيين في المديرية (حميد المتوكل)،ورئيس المركز التعليمي بالمديرية المعين من الانقلابيين (عبد الملك لطف المتوكل)بمصادرة كميات كبيرة من المواد الغذائية لصالحهما دون وجه حق وبتواطؤ منسق برنامج الغذاء العالمي في المحافظة .
توظيف أقارب وتواطؤ قيادات محلية
الصحفي "نجيب الشعيبي" أكد في منشور له على صفحته في "الفيسبوك" وجود عمليات سرقة ونهب وتحايل على مخصصات المحتاجين والنازحين من أبناء المحافظة لصالح من أسماهم بعض المنتفعين .
وأضاف "الشعيبي" بأن منسق برنامج الغذاء العالمي بالمحافظة ونافذين في السلطة المحلية يمنعون أي رقابة على صرف هذه المعونات، مؤكداً بأن منسق المحافظة هدده بإلقاء القبض عليه لو تطرق لهذا الأمر، مستمداً تعليماته تلك من المجلس السياسي الأعلى واللجنة الصورية العليا حد قوله.
"الشعيبي" أضاف بان عمليات فساد ومخالفات كبيرة ارتكبها منسق البرنامج في المحافظة وبتعاون من السلطة المحلية مؤكداً بأن المنسق قام بتشغيل زوجته وعمه وصهره وبعض إخوانه في البرنامج .
ثقب أسود
من جهته علق الناشط السياسي وعضو مؤتمر الحوار "عادل عمر" على الموضوع بقوله" الثقب الأسود يلتهم المساعدات الاغاثية في اب ..ذات يوم طالب بعض من الشباب العاملين في الإغاثة ومخيمات النازحين بمدينة اب أن يشاركوا في عملية الإشراف على توزيع المساعدات التي تقدمها منظمة الغذاء العالمي فتم إدخالهم السجن وبعدها لم يتجرأ احد على السؤال".
وتصاحب عمليات توزيع المعونات الإنسانية والإغاثية التي تقدمها المنظمات الدولية والمراكز الإنسانية وتشرف على توزيعها سلطات الانقلابيين في المحافظة لعمليات فساد كبير ومخالفات كبيرة ،أدت في مجملها إلى اتساع رقعة الاحتياج الشديد للغذاء لدى النازحين والمواطنين داخل المحافظة ،الأمر الذي أدى إلى اتساع رقعة الفقر في المحافظة، فيما أدت في المقابل إلى تشكل طبقة ثراء جديدة في أوساط قيادات الانقلابيين.
وفي وقت سابق عُرضت كميات كبيرة من المواد الغذائية والإغاثية في مدينتي "يريم" "القاعدة" للبيع في الشارع العام لصالح قيادات حوثية، فيما سجلت تقارير حقوقية وإعلامية بيع قيادات حوثية لمواد إغاثية على تجار في إب ويريم والرضمة.
الإبقاء على النازحين لاستقطاب الدعم ولمآرب أخرى
تحرص سلطات الانقلاب في المحافظة الإبقاء على عدد يسير من النازحين في مخيماتها، وذلك من أجل استدرار الدعم الأممي والإنساني الذي لم ينقطع عن المحافظة منذ عامين وشكل مورد أساسي للانقلابيين .
تقارير إعلامية تحدثت عن عشرات الأفراد هم الرقم المتبقي في مخيمات النازحين في المحافظة بعد تحسن الأوضاع في عدن والضالع وإلى حدٍ ما في تعز، معتبرة بأن حرص الانقلابيين على الحديث عن مدينة النازحين والسلام يأتي من باب المحافظة على الدعم الذي يتدفق إلى المحافظة والمعونات الانسانية التي هي الأخرى مثلت مورد أساسي للانقلابيين في المحافظة في زمن الحرب.
تلك التقارير لم تغفل الأطماع السياسية في المحافظة ومكتسباتها لقوى الانقلاب، حيث تشير التقارير أن بقاء الوضع القائم في المحافظة على هذا الشكل تزيد فرصه مع حرص الانقلابيين تصوير المحافظة بأنها مأوى للنازحين عبر ضخ دعائي يشيطن كل رفض شعبي لتواجدهم .
معونات كبيرة ومحافظة منكوبة
منذ اليوم الأول لوصول الفوج الأول من النازحين نحو محافظة إب ،والمعونات الإنسانية تتوافد على محافظة إب من منظمات أممية ومراكز إنسانية، حتى إن بعضها جمدت أنشطتها في محافظات أخرى تشهد صراع مسلح وسلمت مخصصات تلك المحافظات لمحافظة إب .
ولا يكاد يمر شهر إلا ويلتقي فيه محافظ المحافظة المعين من الانقلابيين وفداً أممياً ويُكرس ذلك الاجتماع لمناقشة أوضاع النازحين والجوانب الإنسانية في المحافظة والمعونات التي تتحصلها المحافظة من تلك المنظمات كما تخرج بذلك وسائل إعلامهم .
اهتمام تلك المنظمات الأممية والمراكز الإنسانية ونشاط المؤسسات الخيرية في المحافظة ،انعكس ايجابياً على حجم المعونات والدعم الأممي الذي حظيت به المحافظة ،في الوقت الذي قل فيه عدد النازحين المقيمين في المحافظة إلى أرقام لا تكاد تذكر بعد تحسن الأوضاع في محافظتي عدن والضالع وبشكل نسبي في محافظة تعز ،وازدادت رقعة الجوع والاحتياج الشديد للغذاء في عدد من مديريات المحافظة وفق تقارير إعلامية قريبة من الانقلابيين، الأمر الذي أثار تساؤلات كثيرة حول مصير تلك المعونات الإنسانية وسط أحاديث عن عمليات نهب الانقلابيين لكميات كبيرة من تلك المعونات وتشكل طبقة ثراء في أوساط قيادات الانقلاب التي تشرف على الأعمال الإنسانية داخل المحافظة وهو الأمر الذي دعانا لتسليط الضوء على المشكلة في هذا التقرير.
والسؤال الذي يبقى دائماً يطرح نفسه أين تذهب كل هذه المعونات الانسانية التي تصل إلى المحافظة وسط ارتفاع معدلات الفقر في المحافظة؟
الإجابة على هذا السؤال تجيب عليه التغيرات الكلية التي طرأت على حياة وأشكال قيادات الانقلاب وخاصة تلك القادمة من خارج المحافظة ويجيب عليه أيضاً حجم التحويلات المالية التي ترسل نحو صنعاء وذمار وصعدة وعمران.