يعيش النازحون إلى محافظة الحديدة أوضاعاً مأساوية, جراء الإهمال والجوع والعراء, في وطن مزقته ميليشيات الحوثي والمخلوع "صالح".
في المخيمات الواقعة بمديريتي "الزيدية والقناوص" الواقعة شمال مدينة الحديدة, تتعدد معاناة النازحين القادمين من مدينة "حرض وميدي" الحدودية, فلا شيء يسمع في هذه المخيمات سوى صراخ الأطفال ووجوه شاحبة تخفي قدراً كبيراً من الوجع.
"من لم يمت بالحرب مات بالجوع والإهمال", فأكثر من 1000 أسرة شردتهم الحرب من مناطقهم المشتعلة بالصراع, فاضطروا لمغادرة مناطقهم هروباً من الرصاص والقذائف إلى مخيمات تفتقر للمقومات الأساسية .
وجه آخر للحرب التي دفعت بمئات الأسر إلى النزوح من مناطقهم, ثم ألقت بهم الظروف القاسية في العراء, حيث يحضر الوجع ببذخ لينال من اجساد هزيلة شديدة الضعف, لا تجد ما يسد حاجتها من متطلبات العيش ولو للبقاء على قيد الحياة.
تقول الحاجة "عائشة" بصوت مبحوح " نحن بدون أكل والاطفال بحاجة إلى الحليب ورعاية صحية. وتضيف اطفالنا بحاجة إلى ادوية وعلاج لكننا لا نقدر على تكاليف العلاج بعد ان تركنا كل شيء في منازلنا وخرجنا خشية الموت.
وتؤكد في حديثها أنها بحاجة ماسة إلى فرش وبطانيات حيث تنام هي وأطفالها على قطع الكراتين وبحاجة ايضاً إلى خيم تحميهم من حرارة الشمس في الظهر, وكذلك ناموسيات لتحميهم من البعوض "النامس" الذي ينتشر بكثرة.
لا شيء يحميهم من حرارة الشمس, فالستائر والطرابيل الممزقة التي وضعت على أعواد من الخشب لتكون عشهم وقت الظهيرة, فهي لا تسمن ولا تغني من جوع, فالمكان يضيق بأسرة يربو أفرادها على 5 أشخاص كمتوسط لبقية الأسر النازحة.
صور مأساوية في مخيمات "الزيدية والقناوص" تخفي قدراً كافياً من الوجع ورثاء الحياة بأكملها,, يتجرعون القساوة بصمت لأنهم تركوا منازلهم خوفاً من الرصاص والقذائف وأصبح هدفهم الرئيسي البقاء على قيد الحياة مهما تعددت المعاناة.
يحاصر الجوع الهاربون من الموت, فاضطر البعض منهم إلى إطعام ابنائهم من النفايات مخافة الموت رغم المخاطر المترتبة على ذلك, لكن هذا اصبح قدراً لا مفر منه, خصوصاً عندما يكون ذلك السبيل الوحيد والاخير للبقاء على قيد الحياة.
يقول "أحمد جبر 48 عاما" انه نزح مع اطفاله البالغ عددهم( 6) من منطقة "الخضراء غرب مدينة " حرض" إلى مدينة "القناوص" لكن وضعهم سيئ جداً, وتزداد معاناتهم باستمرار , حيث يلجئون احياناً الى النفايات لجمع بقايا الخبز النظيفة وتناولها, خصوصاً عندما تنقطع كافة السبل لسد الجوع, ويضيف "نحن بحاجة ماسة إلى تدخل من قبل المنظمات والجمعيات لدعمنا بالغذاء والمأوى, للتخفيف من معاناتنا.
مرً وقت طويل دون أن يرى النازحون الحياة كما يجب, تتنوع قصصهم لكنها في الأساس قصة واحدة, عنوانها فاجعة الهروب إلى المجهول, في ظل سيطرة ميليشيات هدفها البحث عن مصادر تمويل لجبهاتهم القتالية, دون النظر إلى المتضررين من حروبهم العبثية والتي حولت معظم المدن والقرى في تهامة إلى مناطق منكوبة.