على إحدى التلال المحيطة بمخيم للنازحين بمحافظة حجة قبيل المغرب من كل يوم يجلس "وليد" وأخته "أشجان" ميممين وجوههم شطر البعيد، ليس لمراقبة منظر الغروب وقرص الشمس القاني، بل يرقبون عودة أبيهم ببعض الطعام ليفطروا من صيام لم يُفرض عليهم شرعاً ولا من باب الحِميةِ الغِذائية.
ومع رحلة النزوح الناجمة عن الحرب بات الطفلين كحال بقية النازحين ينتظرون الحد الأدنى مما يسد رمقهم لكن المعاناة تزداد في مواجهة رحلة يبدو أنها ستطول ولا جهات محلية أو خارجية تهتم لمأساتهم وأوضاعهم الإنسانية.
قصة نازح
النازح "عبدالله صالح"(38) عام أب لثلاثة أطفال "وليد" و"أشجان" و "ومروان" الرضيع وأمهم أسرة ألقت بها الحرب والمواجهات بعيداً عن منزلهم وأصبحوا في أحد مخيمات النزوح بمديرية أسلم بمحافظة حجة, وهو حال بقية الاسر النازحة من مناطق المواجهات والتي اضطرت للخروج من مناطقها هرباً من جحيم الموت وشرر النار المتطاير من المواجهات بعد اتخاذ المليشيات لقراهم ومزارعهم ميدان للحرب ومنطلق للعمليات العسكرية.
وتوزعت الأسر النازحة التي بلغ عددها 80898 أسرة بحسب تقرير المفوضية السامية للاجئين ومنظمة الهجرة العالمية في اليمن في أكتوبر 2016م في مديريات محافظة حجة, منهم من يعيش في استضافة اقاربه في المحافظة ومنهم من يعيش في بيت مستأجر وهم قله.
والغالبية من هذه الأسر تعيش في تجمعات عشوائية في الجبال والأودية, يعيشون وسط معاناة متفاقمة يفتقرون لأسط مقومات الحياة من غذاء ودواء, أٌسر اتخذت مساكن من طين وقش واخرى تسكن في العراء او في خيام مهترئة او تحت الطرابيل مساكن لا تقي ساكنيها شمس النهار ولا زمهرير الليل.
تنوعت فصول معاناة هؤلاء وفي كل مرة كانوا يمنّون أنفسهم بأن يجدوا من يلتفت اليهم من المنظمات او الجهات المحلية غير انهم صدموا بتجاهل الجميع لمأساتهم, ولم يشفع لبعض تجمعات النزوح انهم سكنوا بجوار هذه المنظمات التي لم تكتفي بتجاهلهم وعدم الالتفات لمعاناتهم منذ اكثر من تسعة اشهر بل طلبت منهم النزوح الى اماكن اخرى .
اغلب النازحين لم تقدم لهم أي خدمات ايوائية أو غذائية، او طبية, فهم يعانون من نقص حاد في الغذاء والدواء ومياه الشرب النظيفة، وانتشار الكثير من الامراض والاوبئة ورغم كل مناشدات الناشطين وتقارير المنظمات المحلية والاممية عن الأوضاع المأساوية في اليمن كافه ناهيك عن النازحين, لم تتجاوب سوى بعض المنظمات المحلية والدولية وكان تجاوبها محدودا جدا.
غياب للمنظمات
آلاف من الاسر لم تحصل على اي شيء من اي منظمة او جهة حكومية منذ بداية الحرب رغم ان مخازن بعض المنظمات تمتلئ بأكياس القمح والمواد الغذائية الأساسية, هناك تلاعب واضح من الجهات القائمة على توزيع هذه المساعدات التي لاتسمن ولاتغني من جوع ولاتكفي الاسرة الا أيام, ومتاجرة بمعاناة هؤلاء النازحين من بعض ضعفاء النفوس, مما أثار استياء وسخط النازحين والذين لايخفون غضبهم ويتهمون الجهات القائمة على توزيع المساعدات بالتوزيع بانتقائية وفق معاييرهم الخاصه فيحرمون الاسر الاكثر احتياجا ويعطون من هم اقل حاجة ويستطيعون تدبر معيشتهم بدون هذه المساعدات.
وفي محاولة لعرض شكاوى النازحين على هذه المنظمات، اكتفى من يعملون فيها بالقول غير مخولين بالحديث واغلقوا ابوابهم امام الكاميرا بينما اعتذرت السلطات المحلية عن الحديث محتجين بأن اعداد النازحين تفوق الطاقة الاستيعابية لما يبذلونه من جهود .
ناشطون محليون حذروا من كارثة إنسانيه عقب ارتفاع اعداد المتوفين والمصابين بأمراض خطيرة, ويتوجب على المجتمع الدولي والجهات الرسمية والمنظمات والمؤسسات الإنسانية الخيرية المحلية والخارجية بذل المزيد من الجهد في مساعدة النازحين وانتشالهم من الوضع المأساوي الذي يمرون به’ وأن تكون الجهود الإنسانية للمنضمات الدولية بما يوازي حجم الكارثة الإنسانية التي لحقت بالمجتمع.
أطفال منسيون
اطفال نازحون اجبرهم فقرهم على نسيان الطفولة ودفن معالمها وحملتهم ظروفهم على الشقاء, عشرات الالاف من الاطفال في مخيمات النزوح لا يفهمون لم حرموا من دراستهم, من العابهم, من طفولتهم, لماذا في حين يحمل أطفال العالم حقائبهم الى المدارس يحمل هؤلاء الأطفال حُزماً من الخشب قضوا نهارهم في تحطيبها لبيعها كحطب, ليسدوا رمقهم ورمق اهاليهم.
وضع مأساوي يعيشه هؤلاء الاطفال بعد ان تركوا مقاعد الدراسة وتحمل بعضهم مسؤولية اسرته قبل اوانه, وعلى طول البلاد وعرضها يعيش الاطفال في ظروف متشابهة من القهر, بدرجات متفاوتة يحدوهم الأمل بغدٍ افضل يعيشون فيه طفولتهم ويعيد إليهم ما بقي من معنى الوطن.