تقف مدينة تعز البالغ عدد سكانها أكثر من (2مليون نسمة)، على شفا وضع صحي كارثي، قد تسقط فيه في أقرب لحظة، حال توقف "مستشفى الثورة" عن تقديم خدماته الطبية للآلاف من الجرحى والمواطنين، جراء انعدام الأدوية، والمستلزمات الطبية، وتوقف رواتب الكادر الطبي، بسبب توقف الميزانية التشغيلية منذ أكثر من شهرين.
ويعد المستشفى من أكبر المستشفيات الحكومية بالمدينة، حيث يستقبل شهريا أكثر من (خمسة عشر ألف ) حالة، موزعة على عدد من أقسامه التي لا تزال تقدم خدماتها، في وقت أغلق فيه نحو 37 مستشفى ومرفقا صحيا أبوابه في وجوه المواطنين" جراء الحصار الذي تفرضه المليشيات على المدينة منذ أكثر من عامين، واستهدافها المتواصل للمستشفيات وكوادرها وطواقمها الطبية.
مستشفى مشلول
يقول رئيس قسم الطوارئ في مستشفى الثورة، د. أحمد الدميني، أن المستشفى أصبح شبه مشلول، ويوجه وضعا صحيا بالغ الصعوبة، تزداد يوما بعد آخر، بسبب توقف ميزانيته التشغيلية التي تقدر ب(مليار و200 مليون يمني)، والتي توقفت عقب نقل البنك المركزي إلى عدن، ما يهدد بتوقف المستشفى بشكل كامل، حال عدم تدخل عاجل من الجهات المعنية.
وأضاف الدميني، في حديث لـ" يمن شباب نت"، أن جميع أقسام المستشفى توقفت عن العمل، عدا قسم الطوارئ المدعوم من منظمة أطباء بلا حدود، وقسم العمليات، وأصبح لا يستقبل سوى الحالات الاسعافية، بعد أن كان يستقبل الآلاف من الجرحى والمواطنين، ويقدم خدماته دون أي رسوم، بسبب الوضع المتهالك الذي وصل إليه.
ويتابع " تزداد الأوضاع في الجوانب الإنسانية، وفي مقدّمتها الجانب الصحّي، أكثر تدهورًا، جراء عدم استجابة الجهات المعنية لمناشدات إنقاذ المستشفى من الانهيار، وكل ما يصلنا مجرد وعود من بعض المنظمات ذات الصلة، دون تحقق أيا منها، طوال الفترة الماضية.
واستدرك" تم توفير دعم بسيط من السلطة المحلية، ممثلة بوكلاء المحافظ، لدعم الكلية الصناعية، لإنقاذ حياة مرضى الفشل الكلوي، كحل مؤقت، لكنه دعم بسيط لا يرقى لحجم المشكلة، ولن يستمر طويلا.
وأضح الدميني أن الهلال القطري، توقف عن دعم المركز الجراحي منذ منتصف اكتوبر دون إيضاح الأسباب، محملا الحكومة الشرعية المسؤولية الكاملة حال توقف المستشفى، ومشددا على أن توفير الميزانية التشغيلية للمستشفى هي الحل الوحيد لإنهاء المشكلة.
وضع مأساوي
من جهته وصف مدير مكتب الصحة العامة والسكان بمحافظة تعز، د. فارس عبدالغني، الوضع الصحي في تعز بـ " المأساوي"، وإن كل يوم تمر ينتقل الوضع من سيئ الى اسواء، في ظل إغلاق اغلب المستشفيات، التي كانت تقدم خدماتها للآلاف بشكل يومي.
وأضاف عبدالغني في حديث لـ" يمن شباب نت" ، أن المستشفيات التي لا تزال تقدم خدماتها، تسير بوتيرة متسارعة نحو الاغلاق، إن لم يكن هناك وقفة جادة ومسؤولة للحكومة ووزارة الصحة على وجه الخصوص.
وتابع " كل ما يتم ادخاله للمدينة من أدوية ومستلزمات، يتم استهلاكه بشكل سريع جدا، بسبب استمرار الحصار، خصوصا أن المرضى والجرحى باجتياح متزايد لهذه العلاجات، في وقت تنعدم فيه ابسط المقاومات في المستشفيات، من ميزانيات تشغيلية، ورواتب الكوادر الطبية، وغيرها.
وكشف عبدالغني عن مغادرة أغلب الكوادر الطبية من مستشفيات تعز الى محافظات اخرى، بحثا عن توفير لقمة العيش، بسبب الأوضاع الصعبة، والكادر المتوفر حاليا أصبح يعمل بشكل طوعي.
وحذر مدير مكتب الصحة العامة والسكان من توقف الخدمات الطبية وانهيار ما تبقى من المستشفيات السبعة التي لا تزال بعض أقسامها تعمل، داعيا المنظمات الإنسانية والإغاثية سرعة تقديم الدعم الطبي اللازم.
وألقى باللائمة على الحكومة الشرعية ووزارة الصحة خصوصا، التي قال إنها لم تقم بأدوارها بالشكل المطلوب في ظل ازياد الحصار على المدينة، مبينا أن مناشداتهم التي أطلقوها لم تلق أي استجابة حتى الان، وكلما ما هو موجود بوادر استجابة من جمعيات خيرية، مشيرا إلى أن منظمات أطباء بلا حدود ومنظمة الصحة العالمية لا تزالان تقدمان بعض الدعم، لكنه غير كافي.
تحذير وتداعيات
بدوره حذر الأمين العام لنقابة الأطباء في تعز، عضو اللجنة الطبية العليا د. صادق الشجاع، من خطورة توقف مستشفى الثورة في المحافظة، لما لذلك من انعكاسات سلبية وكارثية على الوضع الصحي بالمدينة التي لا تزال تعاني الحصار منذ أكثر من سنتين.
وقال الشجاع في حديث لـ" يمن شباب نت"، إن " المستشفيات التي لا تزال مستمرة في تقديم خدماتها وتستقبل الجرحى أصبحت محدودة جدا، مما يعني أن إغلاق الثورة سيضاعف معاناة هؤلاء الجرحى ومرضى الفشل الكلوي، فضلا عن حرمان الآلاف من المواطنين من الخدمات العلاجية.
وأرجع تردي الوضع الصحي وشلل مستشفى الثورة عن تقديم خدماته بشكل يتناسب مع حجم المشكلة، إلى ما أسماه بـ" الخذلان" من قبل الشرعية ممثلة بوزارة الصحة والسلطة المحلية والجهات ذات العلاقة، فضلا عن انقطاع الرواتب، وتوقف ميزانية المستشفى، والتي كلها من تبعات الحرب العبثية التي تشنها المليشيات.
داعيا الحكومة والسلطة المحلية تحمل مسؤولياتهم تجاه آلاف المواطنين والجرحى، وانقاذ المستشفى من الانهيار قبل فوات الأوان.