لم يسمح سكان مدينة تعز وسط البلاد، لصوت الرصاص اليومي والحرب الدائرة أن تمنع عودة التلاميذ إلى الدراسة، كغيرهم من أطفال العالم، وذلك عزيمة وإصراراً على التمسك بقيمة العلم ودوره في بناء الوطن الذي تتلاعب به أيادي الجهل والتخلف.
للعام الثاني على التوالي تستقبل مدارس مدينة تعز عامها الدراسي رغم الحصار وآلة الدمار التي ألحقت الضرر بالمدارس والمؤسسات التعليمية ونزوح عدد كبير من التلاميذ، ناهيك عن الصعوبات والمشاكل التي يواجهها القطاع التعليمي.
أدّت الحرب إلى تدهور العملية التعليمية، بينما أصبح التلاميذ بحاجة ماسة للمساعدة بهدف الحصول على التعليم لكننا نحاول بكل عزيمة وإصرار أن استئناف العام الدراسي، هكذا تحدث نائب مدير مكتب التربية ،الاستاذ محمد الجلال.
ويتابع "المدارس التي تم استلامها من قيادة السلطة المحلية بالمحافظة والمقاومة وتم تفعيل دورها التعليمي والتربوي وبلغ عدد المدارس التي استقبلت بداية هذا العام قرابة أكثر من ثلاثون مدرسة في الثلاث المديريات ( المظفر بنسبة 97 % القاهرة بنسبة 85% صالة إضافة الى عمل مدارس مديريتي مشرعة وحدنان وصبر الموادم.
إصرار وتحدي!
استقبل هلال، ذو العشرة أعوام، السنة الدراسية بحالة التحدي والإصرار، بعد أن بتر ساقة الأيسر نتيجة تعرض منزلهم لقذيفة هاون أطلقتها مليشيا الحوثي وصالح على حي شعب سلمان جبل جرة.
لكنه يخشى القصف العشوائي الذي تشنه الميليشيات الانقلابية على الأحياء السكنية بما فيها المدارس واستهداف الطلاب، يقول هلال "فأنا أحاول أن اذهب الى المدرسة لكي أتعلم بالرغم انني أخشى القصف العشوائي لأنه سبق وأن ارتكب الحوثيين مجزرة بحق زملائي من الطلاب اثناء عودتهم من المدرسة" وتحرص والدة هلال على أن يستمر ابنها في الذهاب إلى المدرسة، بخلاف آخرين ممن لجأوا إلى التعليم المنزلي أو نزحوا بسبب الظروف الحالية.
تقول والدة هلال لـ " يمن شباب نت" رغم القصف والحصار الا اننا مازلنا صامدين وساكنين في منازلنا التي تعرضت للقصف، وتبعد المدرسة عن منزلنا لمدة ست دقائق، إلا أنني أصطحبه كل يوم إلى المدرسة؛ لأنه أصبح معاق، وبقدر الإمكان نحاول ان نتماشى مع الوضع والواقع الحالي، لكن نأمل أن تتحسن الأمور وتعود الى الأفضل
وتؤكد والدة هلال، على رغبتها في أن يستمر ابنها في الذهاب إلى المدرسة، وتقول "أريده أن يتعلم ويواصل دراسته لأنها سلاحه الوحيد في مواجهة الظلم والطغاة وبالأخص بعد أن فقد ساقه"
عودة الحياة!
ويقول محمد عبدالله ، استاذ لغة عربية ، لـ "يمن شباب نت " عودة المدارس يعني عودة الحياة؛ لأن الحياة تصبح بلا معنى بدون التعليم، فرغم الحرب الذي تشهده البلاد الا أن إصرار الآباء على إرسال أبناءهم يشكل علامة بارزة استكمال حياتهم الطبيعية وهذا يعني جزء من هذه الحياة.
صعوبات وتحديات!
وعن صعوبات وتحديات التي يواجهها القطاع التعليمي تحدث أحمد البحيري ،"رئيس مركز الدراسات والاعلام التربوي " لـ " يمن شباب نت " قائلا "يواجه القطاع التعليمي الكثير من التحديات والصعوبات من بينها تعرض البينة التحتية لآلة الحرب مما اصبحت مدمرة وخارجة عن نطاق الخدمة ويمثل ذلك بنسبة 20% من مدارس المحافظة ؛ كذلك غياب الكتاب المدرسي باعتبارها استنفدت خلال الأعوام الماضية وإن توفرت بشكل شحيح جداً فهي مقطعة وقديمة"
مشيراً بأن ايقاف رواتب المعلمين يعتبر كارثة تهدد النظام التعليمي بالانهيار خصوصا بعد توقف الحكومة عن دفع رواتب المعلمين في محافظات الجمهورية، يأتي ذلك بعد ان أقدمت جماعة الحوثي وصالح بمصادرة الميزانية المخصصة للتعليم بمختلف قطاعاته خلال العاميين الماضيين.
مضيفاً بأن آلة الحرب استهدفت القطاع التعليمي بأشكال وطرق مختلفة ومتعددة حيث بلغ مقتل 350 معلماً ومعلمة، ووفاة 8 معتقلين تحت التعذيب إضافة الى نزوح وتسريح الآف المعلمين و اعتقال 2800 معلماً.
ويقدر صندوق الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" أن أكثر من ألفي مدرسة في جميع أنحاء البلاد لم تعد صالحة للاستخدام نظراً لكونها باتت مدمرة أو متضررة أو أنها أصبحت مساكن لنازحين أو تستخدم لأغراض عسكرية إضافة إلى حرمان أكثر من 350 ألف طفل الالتحاق بالدراسة العام الدراسي الماضي.