وجه الرئيس عبدربه منصور هادي مساء اليوم خطاباً هاماً الى كافة ابناء الشعب اليمني في الداخل والخارج وذلك بمناسبة الذكرى الــ 53 لثورة الــ 14 من اكتوبر المجيدة.
واكد رئيس الجمهورية انه بصدد دعوة الهيئة الوطنية للرقابة على مخرجات الحوار الوطني للانعقاد في الفترة القريبة القادمة ، وممارسة مهامها المناطة بها لمراجعة مسودة الدستور ..مشيراً الى ان السلام سيبقى هدف لا مجال للحياد عنه ، اذا ما انصاعت تلك المليشيا للمرجعيات المتفق عليها والتي لا تراجع عنها مطلقا والممثلة بقرار مجلس الأمن الدولي 2216 والمبادرة الخليجية واليتها التنفيدية ومخرجات الحوار الوطني .
فيما يلي نص الخطاب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد الصادق الامين
ايها الشعب اليمني الكريم ...
ما بين الرابع عشر من اكتوبر 1963م و الثلاثين من نوفمبر 1967م ظلت انظار العالم تتجه نحو الجزء الجنوبي من الجزيرة العربية حيث الشعب الثائر والأمة الحرة التي تناضل بجسارة الفرسان ولا تقبل بدون الانتصار الكامل غير عابئة بقوة وجبروت الخصم الذي تقابله، وعلى تلك البقعة من الأرض كان الأبطال من أبناء الجنوب ومن خلفهم كل أحرار العالم يرسمون اقدارهم بسواعدهم ويختطون طريقا للحرية والاستقلال والكرامة لازالت تفاخر به الأجيال الى يومنا هذا .
وفي هذا اليوم العظيم الرابع عشر من أكتوبر تخطى شعبنا الحواجز وشب عن الطوق وكسر الأقفاص الحديدية التي أراد المستعمر أن يعيش فيها وجعل السماء سقفه الوحيد والحرية نشيده الخالد،تلك هي خلاصة الحديث عن ثورة اكتوبر الظافرة التي نحتفل اليوم بذكراها الثالثة والخمسين منذ اندلعت شرارتها في ردفان وصولا الى تحرير كل الجنوب اليمني واعلانه الاستقلال بعد رحيل اخر جنود الاحتلال الغاشم في نوفمبر 67م.
إنها إرادة الشعوب ، حين تقرر الانطلاق نحو الحرية وتعلن التمرد على الاذلال وتنتهج طريق الثورة فإنها لابد أن تنتصر.
ولقد اختار شعبنا شمالاً وجنوباً طريق الحرية ورفض الكهنوت وخلع عباءة الطغيان والاحتلال ولن تستطيع كل قوى الهيمنة أن تثنيه عن هذا المسار العظيم.
وخلال عامين اشعل شعبنا اليمني ثورتين من اعظم ثورات التاريخ ففي الشمال ثار الشعب معلنا في سبتمبر 62 ولادة الجمهورية على أنقاض اسوأ نظام حكم وإمامة رجعية متخلفة، ليذهل العالم بعد عام بإشعاله في جنوب الوطن ثورة اكتوبر ضد احتلال امبراطورية لا تغرب عنها الشمس وظل ثائرا حتى اعلان الاستقلال وقيام الجمهورية في 67م.
يدرك شعبنا ويعرف جيدا من واقع المعاناة والتجربة المريرة أنه لا فرق بين الاستبداد وبين الاستعباد ولا بين الإمامة العنصرية والاستعمار ، ولذا ثار عليهما في وقت واحد ورفع بيارق النصر والحرية .
اننا اليوم ونحن نحتفل بذكرى ثورة اكتوبر المجيدة لنتذكر الجهود الجبارة التي بذلها شعبنا في معركة التحرير وندرك جيدا انه لولا تكامل الجهود وتنظيم الطاقات واستيعاب القضية والالتفاف حول الغايات الكبيرة والسامية ما نجحت الثورة بإمكاناتها البسيطة في مواجهة دولة حكمت العالم وكهنوت مدجج بالخرافة والضلال والجهل .
ففي حين خاض الأحرار الافذاذ معركة السلاح كانت الجموع الشعبية والقبلية تقاتل معهم، وكانت جهود السياسة والفكر والحركة الطلابية والعمالية في مستوى متقدم من الوعي والمثابرة واستيعاب القضية الوطنية كما يجب، وكان التكامل والتنسيق طريق النصر الكبير.
اننا اذ نحتفل اليوم بالذكرى الغالية لثورتنا الأكتوبرية الظافرة ونحن نعيش فصلا جديدا من فصول النضال الثوري والتحرر الوطني لندرك جيدا ان الشهور والايام لا تنال من عزيمة الشعوب الحرة والمكافحة،وان ما يبديه شعبنا اليوم من بسالة وصمود واباء في مواجهة بقايا الامامة والمخلوع واذناب ايران لهو تأكيد قاطع على عظمة شعبنا وعزمه على المضي نحو الحياة الكريمة والغد المشرق والدولة العادلة ، التي تنتهي معها المركزية والى الابد ، ويمضي اليمنيون في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
ان ما أنجزته ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة من إنجازات هائلة و متميزة على مستوى الجنوب يستحق الوقوف عنده و الاستفادة منه و الرجوع إليه في لحظتنا المعاصرة ونحن ننطلق صوب استكمال مسيرتنا الوطنية النضالية لبناء يمن اتحادي جديد ، يمن مستقر وآمن ، و دولة نظام و قانون يتم فيها تذويب الكيانات والعصبيات التقليدية والمصالح الضيقة لصالح المشروع الوطني الكبير و لبناء الدولة الاتحادية القوية والعادلة ، التي تبسط سلطانها و نفوذها على حساب كل المشاريع الصغيرة .
هذا هو مشروعنا النبيل ، المشروع الذي يجد فيه كل اليمنيين أنفسهم ، المشروع الذي كتبه اليمنيون بأيديهم بأحرف من نور في مؤتمر حوار شهد له العالم اجمع ، الدولة المدنية الاتحادية الحديثة ، اليمن الجديد ، القائم على العدل والمساواة والحكم الرشيد ، المشروع الذي يعلو فيه شأن اليمني بوصفه يمنيا وليس بوصفه من جهة جغرافية أو سلالة أو حزب او قبيلة او مركز نفوذ ، مشروعنا الذي جاءت به الثورة التتويجية لسبتمبر وأكتوبر ، انها ثورة الحادي عشر من فبراير المجيدة ، التي أنتجت حواراً وطنياً شاملاً وضع أسس ومداميك اليمن الاتحادي الجديد ، اليمن الذي لا يوجد فيه ظالما ولا مظلوم ، واوجد ذلك الحوار معالجات مشاكل اليمن طيلة الخمسين سنة الماضية. واتمنى على جامعاتنا وأساتذتها ومراكز الثقافة القيام بواجبها في توعية كافة أبناء الشعب بمشروعنا العادل المتمثل في مخرجات الحوار الوطني.
فهو مشروع كل اليمنيين ، ماعدا أولئك النفر الذين تحركهم الاحقاد وتقودهم الضغائن والأوهام بعودة عهود الظلام ، ما عدا اولئك الذين يريدون الاستمرار في الاستئثار بالسلطة والثروة دون الشعب اليمني ، اولئك الذين جرعوا شعبنا الابي والكريم صنوف الذل والمهانة واستمتعوا على حساب معاناته والامه ، وتركوه بعيدا عن حقوقه ، فما نراه من مجاعة وفقر وعوز في كثير من مناطق اليمن وليس اخرها ما شاهده العالم في بعض مديريات الحديدة ، هذه المحافظة الغنية بخيراتها وثرواتها تركها النظام الفاسد تترنح تحت وطأة المجاعة ، وها هي تعز الصامدة والابية تعيش للشهر الثالث عشر حصارا ظالما وقاسيا ، وتتعرض معه للقصف المستمر من قبل مليشيات الحوثي وصالح ليخلف مزيدا من الدمار والقتل للأطفال والنساء ، فما الذي قدمه صالح في ايام حكمه وبعد خروجه للشعب اليمني غير تلكم الماسي والأوجاع وإنني ادعو كافة احرار العالم والمنظمات الحقوقية الى زيارة تلك الأماكن للاطلاع عن قرب على حجم الكارثة الانسانية.
ايها الشرفاء الاحرار :
انني اتقدم بصادق العزاء وعظيم المواساة لكافة اهالي وذوي ضحايا حادثة القاعة الكبرى وعلى وجه الخصوص القيادات وقبائل خولان ، واشكر قبائل خولان على موقفهم المتعقل ، وليس غريب عليهم هذا ، وانني ادعو الحكومة الى مواصلة عملها في معالجة الجرحى والاهتمام بهم .
اليوم يخوض الشعب اليمني معركته الأخيرة التي لن يتراجع عنها ، فهي ستكون آخر الحروب بإذن الله وفيها سيلفظ هذا الشعب كل القذارات الى مزابل التاريخ وسيمضي تضيئ دروبه دماء الشهداء وتضحيات الرجال ، فالتاريخ يمضي الى الأمام والشعب لايمكن أن يركع لنزوة فرد مريض أو جماعة بلا أخلاق أو ان يكون مرتهاً لإيران وأطماعها ونهجها ، فلا يمكن مطلقا ان يتقبل الشعب اليمني الحر والكريم التجربة الايرانية ، والتي يراد اليوم لها ولبعض مظاهرها النتنه ان تتواجد من خلال ما يقام من حسينيات وتطبير ما عرفه الشعب اليمني الاصيل ولا ثقافته الساميه وتاريخه المشرق ، تلك الافكار والممارسات الدخيلة على شعبنا وتقاليده.
الشعب اليمني سيمضي نحو مستقبله غير عابئ بأولئك ،وأننا بصدد دعوة الهيئة الوطنية للرقابة على مخرجات الحوار الوطني للانعقاد في الفترة القريبة القادمة ، وممارسة مهامها المناطة بها لمراجعة مسودة الدستور ، وسيبقى السلام هدف لا مجال للحياد عنه ، اذا ما انصاعت تلك المليشيات للمرجعيات المتفق عليها والتي لا تراجع عنها مطلقا والممثلة بقرار مجلس الأمن الدولي 2216 والمبادرة الخليجية واليتها التنفيدية ومخرجات الحوار الوطني .
التهاني والتبريكات الصادقة والحارة لأبناء شعبنا اليمني الكريم بعيد ثورة أكتوبر الظافرة وبكل اعياده وانتصاراته.
غداً سنحتفل معاً بإذن الله بيوم النصر الأكبر يوم أن ننهي الانقلاب الغاشم وتضع اليمن قدمها على مداميك الدولة الاتحادية القوية وتمضي اول خطواتها نحو النور والاستقرار ، مع ان هذه الذكرى تمر علينا ونحتفل بها والحكومة تُمارس أعمالها وتدير شؤونها من عدن وحضرموت ومأرب وأبطالنا الميامين مرابطين على مشارف صنعاء وصعدة.
الرحمة والمغفرة والخلود والإجلال لشهداء ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة وكل شهداء النضال اليمني في مختلف مراحله المتعددة والطويلة الذين سطروا بدمائهم الطاهرة انصع صفحات اليمن ، والشفا للجرحى الميامين.
المجد والنصر والسلامة للأبطال الذين يذودون اليوم عن شرف وكرامة اليمن والمنطقة العربية والسلام عليهم في كل الجبهات والميادين جيشا وطنيا ومقاومة باسلة.
الشكر والتقدير والوفاء لأهلنا واخوتنا في دول التحالف العربي وفي المقدمة المملكة العربية السعودية بقيادة اخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ودولة الامارات العربية المتحدة وبقية دول الخليج على ما بذلوه ويبذلونه دعما لعمقهم العربي والحضاري واسنادا له للخروج من محنته.
كل عام واليمن والامة بخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته