كشف السياسي والإعلامي اليمني البارز نبيل الصوفي، السكرتير الصحفي للرئيس السابق علي عبدالله صالح، عن تفاصيل مهمة من حياته، وتحولاته من حزب الاصلاح إلى المؤتمر ثم إلى المقاومة الوطنية، وعن خفايا علاقة صالح بالحوثيين، وعن الأيام الأخيرة لعلي عبدالله صالح قبل مقتله، ولماذا فضّل الذهاب الى أبو ظبي، ولم يذهب إلى السعودية أو سلطنة عمان بعد مغادرته صنعاء.
وتحدث نبيل الصوفي، في لقاء تلفزيوني مع قناة "يمن شباب" - في برنامج الرواية الأولى الذي بث مساء الأربعاء، عن أسباب مغادرته حزب الإصلاح، وعن موقفه الرافض لثورة فبراير، وعن أول لقاء بين علي عبدالله صالح والحوثي، وأين قتل صالح، وأين كان متواجدًا حينها.
نبيل الصوفي والاصلاح
اعتبر نبيل الصوفي، والذي كان عضوًا في مجلس شورى الاصلاح قبل استقالته منه، اعتبر انتماؤه للإصلاح بأنها "مرحلة مهمة من مراحل تكوينه كإنسان، وتكوين هويته الوطنية بشكل عام، باعتباره من الجيل الجديد، وليس من جيل الصراعات الايديولوجية القديمة، التي كانت قبل الوحدة، وأن جيل الوحدة وما بعدها كان الانتماء لهذه المشاريع انتماء سياسي وليس ايديولوجي".
وأكد الصوفي، أن "التجمع اليمني للإصلاح أو الحركة الاسلامية كانت بالنسبة له مرحلة مهمة"، واصفا الإصلاح بأنه "بيته الأول الذي صقل فيه موهبته للخوض في معترك الحياة العامة، الفكرية والسياسية، وهي لحظة تحوّل مهمة للشباب بشكل عام".
وعن أسباب مغادرته صحيفة الصحوة الناطقة باسم الاصلاح، والتي كان مديرا لتحريرها، قبل مغادرته الحزب نهائيا في 2009، أوضح الصوفي أن معركة الصحوة، "كانت معركة داخلية في الحزب، بين الجيل القديم، والجيل الجديد".
وقال الصوفي، "نحن جيل جديد لم نعاني، أو لم نخض المعارك التي خاضها الجيل الأول، الجيل المؤسس بالنسبة للحركة الاسلامية أو غيرها، نحن جئنا على بيئة جديدة ومعطيات جديدة، وتعاملنا معها على هذا الأساس، واستطعنا أن ننجز تجربة إعلامية في تلك الفترة تقاطعت مع مفهوم الجيل القديم..".
وأضاف، "للأسف الأطراف السياسية اليمنية لا تزال رهينة للجيل القديم، والجيل ليس بالعمر ولكن بالمفاهيم، ولذا حصل صراع بين المفاهيم التي انتمينا بسببها للحركة الاسلامية، وبين المفاهيم للجيل القديم، فنتج عنه صراع..".
ووصف نبيل الصوفي تفاصيل خلافه مع الاصلاح، "بالصراع بين الإعلام المستقل، والاعلام المرتبط بالحزب، باعتبار أنها تجربة إنسانية، كون الاعلام في التاريخ بدأ بمكونات سياسية ثم استقال الاعلام وأصبح دوره مستقل، كذلك التجارب الحزبية لم تترك الاعلام يستقل، ولا استطاعت أن تساير قفزات الاعلام؛ ولذا كانت المعركة داخلية بين الاصلاح والاعلام". حسب وصفه.
حركة الاخوان المسلمين
واستعرض نبيل الصوفي، حيثيات مغادرته من الاصلاح، وقال: "كنت اعتقد أن مشروع الحركة الاسلامية انتهى، باعتبار أن هذا الأمر ليس دينًا، وأن هذه مشكلة كبيرة، وكنا ندرس هذا الأمر داخل حركة الاخوان، بأن هذا مشروع سياسي، وليس دين، وبالتالي الحركة البشرية قابلة للتطور، وهي قادرة أن تنشئ حركة بديلة، وقابلة لأن تنتهي هذه الحركة".
وأضاف، "أنا افترضت حينها أن الظروف التي أنشأت لأجلها حركة الإخوان المسلمين كانت مواتية، وأدت دورًا فعالا، حتى الشخصيات التي كانت مثار جدل حولها، مثل حسن البناء وسيد قطب، أو حتى على مستوى الأقطار في اليمن وتونس والجزائر في تلك الفترة قدموا تجارب ممتازة جدًا، بناء على الظروف التي عاشوا فيها".
وتابع نبيل الصوفي حديثه قائلا: في السابق "كان هناك صراع هويات مختلفة، كان هناك أزمة بناء دولة وطنية؛ باعتبار الدولة الوطنية تعتبر دولة حديثة في مجتمعاتنا، ونشأت على إثرها صراع بين الشرعية والمشروعية، وحول الحاكمية وغيرها، فالحركة الاسلامية ومنها على سبيل المثال الأصول العشرين قدمت نماذج فقهية في غاية الأهمية، هذه انتهت اليوم..".
عداء شخصي أم ماذا؟
وعن أسباب استمرار الحملات الإعلامية التي يقودها نبيل الصوفي ضد الإصلاح، أكد أن "معارك اليوم هي نقاشات مختلفة، في المشاريع العامة، وليست أحقاد شخصية، لأننا لم نختلف على إرث، وحين أقيّم الإخوان أقيّمهم كحركة وفكرة، وهذه الفكرة قد تكون الاصلاح أو الاشتراكي..".
ودعا الصوفي، حركة الاخوان المسلمين للمكاشفة، وإغلاق فكرة الإخوان كمشروع، وعدم التنكر من عدم انتماءهم للإخوان، وإنما للتأكيد على اعتبار أن هذه المرحلة انتهت أن يكونوا فيها إخوان؛ لان نجاحاتها السابقة تحولت الى عبئ، سواء على افرادها أو كوادرها، مؤكدًا أن "لدى الاخوان كوادر في مختلف المجالات يدفعون اليوم ثمن بقاء حركة غير طبيعية في وضع كهذا". حسب قوله.
التجربة السياسية في اليمن
وأشار نبيل الصوفي إلى علاقته بالرئيس السابق علي عبدالله صالح، وقال: "ليست لدي وظيفة عامة، وكان ولائي للرئيس صالح بعد خروجه من السلطة، ولائي كان لمشروعه السياسي، ولم انتمِ للمؤتمر الشعبي العام، منذ غادرت الاصلاح".
ولفت إلى مبررات خروجه من الإصلاح وقال: "كان فيه انتخابات نيابية، وافترضت أنا ومجموعة من الشباب في عشية انتخابات 2009 أننا قادرين على إحداث تحريك للركود في العمل التنظيمي، ودار بيني وبين مجموعة من الزملاء نقاش أننا نستطيع أن نعمل قائمة جديدة من الشباب، ولو سبعة أفراد للدخول الى البرلمان، ليس المهم أن نفوز، ولكن المهم أن نقدم خطابًا مختلفًا، ولا زلت أؤكد أن الشباب قادرين على أن يقولوا للقيادات العتيقة تنحّوا قليلا؛ لدينا ما نقدمه؛ ليس لأننا أفضل منهم، ولكن لأننا جيل تربينا بعده، صحيح لهم الفضل في تربيتنا؛ لكن هذا يكفي، يجب أن يجدد الناس افكارهم وعطاءاتهم".
وأكد السياسي والإعلامي نبيل الصوفي، في هذا الصدد، أن "التجربة السياسية في اليمن عقيمة، حيث أنشأت حزبية تنافسية لأحزاب لا تقر بالمرجعية الشعبية" حسب وصفه.
نبيل الصوفي وثورة فبراير
وعن أسباب وقوفه ضد ثورة فبراير، أكد نبيل الصوفي، أن "لديه موقف ضد الثورة كمبدأ، وليس ضد فبراير بحد ذاتها"، مبررا ذلك أننا "مجتمعات تقليدية، مجتمعات تريد أن تتنافس على الرئاسة، والديمقراطية ليست مسألة سياسية فقط، وإنما مسألة اجتماعية، وهذا لسنا قادرين عليه".
وأضاف، "2011 جمعت أفضل نخب اليمن، وكانوا يحلمون بالتغيير، وأحلام التغيير لا يمكن إدانتها، ولكن القوى انقلبت عليها واجهضتها" حسب وصفه.
وأشار في هذا السياق، إلى أنه "في 2008 كتبت مقالا عن تقشير ثورة 26سبتمبر، باعتبار أننا كنا ننظر لثورة سبتمبر نظرة خاطئة، حيث تحولت إلى مجرد قرارات جمهورية، وحفل يحضر فيها السلطة، أما الشعب ليس له دخل فيها".
وأضاف، "ثورة سبتمبر انتهت للأسف إلى مجرد قرارات جمهورية، وحفلة في يوم 26 سبتمبر، رغم أنها ثورة عظيمة أسقطت المشروعية الكهنوتية للحكم، وحولته الى حكم شعبي، ونزعت عن الحكم الكهنوتي الحكم بالفتوى".
وتابع نبيل الصوفي، "كل إخواني وأخواتي كانوا في ثورة فبراير، وبعد جمعة الكرامة أنا سافرت خارج اليمن، لأني شعرت حينها بانسداد أفق النقاش بين المكونات السياسية".
علاقة نبيل الصوفي بعلي عبدالله صالح
واستعرض نبيل الصوفي علاقته بعلي عبدالله صالح، وكيف تحول من مناهض له إلى أحد المقربين منه. وقال الصوفي، "كنت ضد أخطاء صالح وهو في السلطة، وضدها وقد خرج من السلطة، وضدها اليوم وقد انتقل الى رحمة الله، هناك أخطاء لماذا نحسر في الدفاع عنها؟ هناك أخطاء لطرف سياسي ارتكبها، ويجب التعامل معها".
وأضاف، "في 2011 الأمور تغيرت تمامًا، في 2011 و 2012 كان علي عبدالله صالح هو الصوت المختلف في الساحة اليمنية، والثورة تقول لا صوت يعلو فوق صوت الثورة"، مؤكدا أنه "لم ينتقل من طرف إلى طرف، (في اشارة للانتقال من مناهضة صالح الى مساندته) ولكن الظروف التي كانت موجودة هي تحولات عاملة، وليس تنقلات، علي عبدالله صالح كان في الحكم كان مسؤول عن البلاد، والاخرين هم الطرف الاخر..".
وأردف قائلا: "التحولات ليس شخصية في كل الأحوال، وإنما ظرف عام للبلد، فالظرف العام لعلي عبدالله صالح وهو حاكم البلاد، غير الظرف العام لعلي عبدالله صالح وقد غادر الحكم، نفس الموضوع في قضية الحوثي هل تقديراتنا صحيحة أم خاطئة، المسألة فيها نسبية وليست قطعية".
دور "صالح" بعد ثورة فبراير
ونفى نبيل الصوفي أن يكون لعلي عبدالله صالح أي دور في اعاقة انتقال السلطة بعد 2012، وقال: "لم أرَ علي عبدالله صالح معيقا، بالعكس كان تعامل الثورة هو المعيق، دولة الثورة كانت هي الجزء السيئ الذي كنا نراه في النظام، ولكنها انتقلت إلى النظام الجديد، يعني حصل هناك تحولات وتغييرات، والشيء الوحيد والثابت هو السوء الذي استمر يراوح مكانه، وحتى اليوم". حسب وصفه.
وزعم نبيل الصوفي، أن ثورة فبراير تم خطفها أو إجهاضها مبكرًا، مشيرا إلى أن "هناك مراكز قوى في اليمن رأت السلطة، ولم ترى الثورة، مجتمع اليمن مجتمع براغماتي يرى السلطة، ولا يهتم بالفكرة، حتى موقفه من الديانات، يبدأ يفكر بالمصلحة أين، السلطة أين، لكي يذهب مع هذا الطرف أو ذاك، وهذا لا يعني أن اليمني سيئ ولكن هذه نظرته".
تحالف صالح مع الحوثي
كما نفى نبيل الصوفي أي تحالف للحوثي مع علي عبدالله صالح، وقال: "لو عدنا للخطاب الاعلامي بعد 2012 كانوا يقولوا أن علي عبدالله صالح هو السبب، وأن الحوثي مجرد طرف صغير، وأنه طيب، وصالح فقط هو السيئ، يعني كانت معركة الأحزاب والقوى السياسية قوى الثورة مع علي عبدالله صالح، الذي لم يعد بيده أي شيء، ولم تقر الأطراف الأخرى أن علي عبدالله صالح لم يعد بيده شيء، ولكن ظلوا يروا أن الحوثي مجرد شيء صغير، وأن علي عبدالله صالح هو الذي يتحكم به".
واعتبر نبيل الصوفي، أن ما حصل كان نتيجة ما أسماه بـ"ضعف التواصل"، لافتا إلى "أن علي عبدالله صالح وأطراف المعارضة ظلوا ثلاثين سنة يحكموا البلد، ولما جاءت 2011 انقطع التواصل، واستمرت هذه القطيعة، وهذه مشكلة كبيرة جدًا؛ لأن قادة الاحزاب السياسية لم تعد لديها القدرة على التواصل معه؛ لأنها كانت تعتبر التواصل معه سيحول بينها وبين الخطاب الاعلامي العالي أو خطاب المقاطعة وغيرها، باختصار كان هناك عجز في التواصل الشخصي مع علي عبدالله صالح، إذ كان علي صالح يحاسب على أنه الطرف الرئيسي، فيما بقية الاطراف كانت ضد علي عبدالله صالح نفسه".
أول لقاء بين صالح والحوثي
وجدد الصوفي تأكيده عدم وجود أي تحالف إطلاقا بين صالح والحوثي، مبينًا أن "أول لقاء بين علي عبدالله صالح وعبدالملك الحوثي كان عند تقديم الرئيس هادي استقالته، وكان رأي صالح حينها هو قبول استقالة هادي، والبرلمان ينعقد ويختاروا رئيس جديد؛ ولكن الحوثي رفض، وذهب حينها واغلق البرلمان، ولم يحدث بينهما أي تحالف اطلاقا".
وأشار إلى مقابلة له مع قناة الجزيرة عشية دخول الحوثي صنعاء في 21 سبتمبر 2014، لافتا إلى أنه ذكر حينها "أن النظام الجديد في الثورة أسقط مصالح شمال الشمال؛ باعتبار أن الاخوان وعلي محسن لا يمثلون مصالح شمال الشمال، لأنه بعد ثورة فبراير أقصيت هذه القوى، ليس علي عبدالله صالح كشخص، وإنما مراكز قوى في صنعاء وحجة وعمران تم اقصاؤها لصالح مشروع جديد".
وقال الصوفي، "الشباب في الساحات لم يكونوا يروا هذه الأمور، وكان يعتقدون أن المعركة معركة حرية وديمقراطية، ولكن المعطيات على الواقع غير التي تراها مراكز القوى، هذه القوى تم اقصاؤها بدولة الثورة، حيث تم إقصاء تلك المجاميع، ومن ضمنها علي عبدالله صالح الذي تحرك ولم يكن بيده أي شيء حتى يتحكم بهذا أو بذاك". حسب تعبيره.
دخول الحوثي صنعاء
وعن لحظة دخول الحوثي صنعاء، قال نبيل الصوفي، "حين دخل الحوثي صنعاء كان مدركًا لنقطتين: الأولى، إملاء الفراغ الذي تركه علي عبدالله صالح، والثانية عدم الصدام مع علي عبدالله صالح، ليس لأن صالح قوي؛ ولكنه ليس محتاجًا لهذه المعركة؛ باعتبار أنه يريد أن يظهر أنه ممثل مناطق شمال الشمال".
وأضاف: "لم يحدث بين علي عبدالله صالح والحوثي أي اتفاق أو مشروع، وإنما كان علي عبدالله صالح ينّبه الشخصيات التي كانت تزوره، وبينها تواصل مع الحوثي، وكان صالح يحثهم على عدم الذهاب الى عدن".
وأردف قائلا: "الحوثي لم يكن لديه مشروع الخروج من صنعاء، وكذا إيران لم يكن لديها مشروع الخروج من صنعاء، حيث كانت تريد طرفًا يسيطر على العاصمة صنعاء من دون أن يدفع ثمن وتكاليف لحمل عب صراعات مع اليمنيين جميعهم؛ لكن قادتها الظروف بطريقة أو بأخرى لذلك..".
وأوضح أن "هناك مجتمع فاعل في الصراع في اليمن، الأطراف الفاعلة في الصراع في اليمن تكثر بشكل غير عادي على عكس المجتمعات الأخرى؛ لأن هناك من كان يريد أن يتحرك، فقاد الحوثي هذا كله، فالحوثي لم يكن من مشاريعه إثارة الصراع مع هذا كله في عدن ومارب وتعز وشبوة".
وتساءل نبيل الصوفي، هل علي عبدالله صالح هو الذي نصح الحوثي بهذا؟ بالعكس لا لم ينصحه ابدا.
وأكد أن صالح حذر الحوثي من دخول عدن، وكان يقول لهم المجتمع الدولي لن يسمح لكم بذلك، وأشار إلى أن هادي اشتكى بصالح إلى عند العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وأن صالح أبلغ السفير السعودي السابق في اليمن "الحمدان" وأكد له "أن هادي أسقط الجيش الذي بيدهما جميعًا أي بيد هادي وصالح".
وأضاف، "السفير أحمد علي عبدالله صالح، ذهب الى السعودية، وطلب منه بشكل مباشر بأنه ممنوع دخول الحوثي صنعاء، وأن الحرس الجمهوري يعود، وستموله السعودية، فقال له علي عبدالله صالح قلت لكم الحرس الجمهوري ليس بيدي، لم يعد لدينا قوات جيش، وأن الحوثي بيده كل شيء".
وأكد أن "علي عبدالله صالح طلب من السعودية تجديد المبادرة الخليجية مرة أخرى لاحتواء التطورات الحاصلة، ودعوة الأطراف السياسية بما فيها الحوثي للتوقيع على المبادرة كطرف سياسي، ويمكن حينها احتواءه؛ لكن القوى السياسية ظلت تردد أن الحوثي ضعيف وبسيط، وأن صالح هو الخصم، وأنه بيده كل شيء، وأن القضاء على صالح هو المخرج للبلاد".
انتفاضة ديسمبر ومقتل صالح
وأكد نبيل الصوفي، أنه "حينما تحررت عدن، ذهب الحوثي إلى عند علي عبدالله صالح لأول مرة، وطلب منه التحالف، فقال له علي عبدالله صالح كما كان يقول له من قبل؛ باعتباره رجل دولة، يعرف تعقيدات المجتمع الدولي، فقال لهم لا نحتاج للتحالف، نريد تفعيل وزارة الدفاع، واستدعاء الجيش، وترك الجيش يدير البلاد، ولكن الحوثي كان رافض، وكذا إيران؛ لأن مشروعهم مختلف فرفضوا هذا الأمر..".
وأضاف، "بعد ذلك حين تم الاتفاق السياسي بين المؤتمر والحوثي (في اشارة الى تشكيل المجلس السياسي بين الجانبين في 2016) كان الاتفاق على هذا الأساس، أن يُعاد تفعيل وزارة الدفاع، واستدعاء الجيش والقوات العسكرية بشكل رسمي، ولكن الحوثي عطل الاتفاق مرة أخرى".
وفيما يتعلق بانتفاضة ديسمبر، وهل كانت فكرة المؤتمر الشعبي العام أم فكرة صالح نفسه أم فكرة خارجية من قبل التحالف، أكد نبيل الصوفي، أن "علي عبدالله صالح كان يعرف أن هذه هي النهاية، ولكنه نوع من المغامرة، بدعوى ممكن أنه يستطيع أن يعمل شيء، ولكن للأسف حدث ما حدث".
وأضاف، "علي عبدالله صالح حينما خرج، قال للناس هذه ثورتكم، كانت الفكرة عنده واضحة، وليست الفكرة أن الدولة التي سقطت في 2011 انه سيعيدها في 2017؛ ولكن باعتبار صالح جزء من التركيبة الاجتماعية للبلد، كون الحوثي قد أسقط الجميع ولم يتبقى الا هو، والان بات على مشارف النهاية، والشعب عليه أن يعرف طريقه".
وبين الصوفي، "ولهذا وجّه صالح الدعوة لقيادات البلاد أن تأتي، ولم يقل إنه رئيس البلاد، بمعنى أن المسألة تفاعلية، ولم تكن مسألة قرار بتلك الانتفاضة، ومن السباق بين الحوثي وعلي عبدالله صالح أن يستعيد هو أو طارق أو أبنائه الموجودين في صنعاء أن يستعيدوا العلاقة بالجيش فقط؛ لكي يكونوا طرف سياسي في الداخل، ولم تكن الفكرة حتى تواصل مع التحالف، لأنه لم يحصل أي تواصل مع التحالف حتى أخر يوم".
دور التحالف في انتفاضة ديسمبر
وفيما يتعلق بانتفاضة ديسمبر، وحصول صالح على ضمانات من التحالف ثم خذلانهم له، أكد نبيل الصوفي، أن صالح "لم يتلقى ضمانات، ولكنه تعرض للخذلان؛ لأن هذا الأمر لم يناقش بهذه الطريقة، كونه تصاعد صراع طبيعي؛ لأنه كان يدرك النهاية حتى قيادات حزب المؤتمر أنفسهم".
وقال الصوفي، "إنه طلب من صالح الاتصال بقيادات المؤتمر في وقتها، فغضب حينها صالح، وقال: هل يأتوا لكي يدافعوا عن بيتي؟ لأن المشكلة كانت في نظره أن هذه أزمة وطنية، وسيقاتل هو وأولاده؛ لكنه تعرض للخذلان كمشروع؛ لأنه لو استمر علي عبدالله صالح في الثورة لثلاثة أو أربعة أيام كان التحالف سيطر على المحافظات، وتراجع الحوثي بطريقة غير عادية".
وأضاف، أيضا "لو استمر هذا الأمر هناك أطراف داخل الشرعية والتحالف (لم يسمهم) كانوا سيقصفون صالح مع الحوثي لأنهم يقولوا إن صالح كان مخزّن قواته في صنعاء من 2011"، مؤكدا في هذا السياق، "أننا دفعنا ثمن ضبابية الرؤية، ويقينيات فاسدة تشكلت بعد استقرار الحكم مدة 30 سنة ونحن دفعناها مرة واحدة". حسب قوله.
نبيل الصوفي لحظة مقتل علي صالح
وعن تواجد نبيل الصوفي لحظة مقتل علي صالح، بين أنه قبل مقتله بثلاثة أيام خرج في عمل محدد ولم يستطع العودة، مشيرا إلى انه مكث في بيته لمدة ثلاثة أيام ولم يلتقي به خلال الثلاثة الأيام الأخيرة.
ونفى نبيل الصوفي أن تكون حراسة علي عبدالله قد خذلت صالح، مؤكدا أنهم قاتلوا قتال الأبطال، قتال بطولي ورجولي، وحتى الأن المؤتمر الشعبي العام ومن بقي منه، مش مهتمين لإظهار بطولات الناس، المؤتمر حزب غير الأحزاب الأخرى، فمثلا، لو كان 2 ديسمبر يومًا إصلاحيًا لخُلد في التاريخ، بالكتابات عنه؛ ولكن المؤتمر لا يعرفون ذلك؛ لأن كل واحد يعيش في قوقعته الشخصية". حسب وصفه.
وأكد أن "القتال الاسطوري لأبطال 2 ديسمبر حتى الأن لم يصور، لم يظهر للناس، حتى المدنيين العاديين الذين ساندوا والذين خبأوا هذا وهذا كان لهم دور بطولي عجيب تمثلت حينها لحظة مقاومة وطنية عارمة للحوثي في عقر داره، كانوا ابطالا؛ لكن كانوا قلة، وبإمكانيات أقل".
أين قتل صالح؟
وفيما يتعلق بكيف وأين قتل صالح، قال نبيل الصوفي، إن "الحديث عن مقتل علي عبدالله صالح وهو يقاتل نعم، ولكن أين بالضبط هذه ستبقى للتاريخ للبحث عنها".
وأضاف، "كنت مقرب من صالح؛ لكني عرفت علي عبدالله كمواطن، ولم أعرفه كرئيس، وكانت علاقتي به مميزة جدًا، وربما نظرتي له غير نظرة الأخرين له، لأني رأيته بعد مغادرته هيلمان السلطة ومعاركها، فهو قتل في لحظة مواجهة مع الحوثي في مكان ما من المواجهة".
وقال نبيل الصوفي، إنه لم يخف على حياته بعد مقتل صالح، ولكنه كان يفكر أولا في البقاء والاستقرار في صنعاء، ولكنه لم يضمن أن الحوثي سيتركه ليروي الأحداث كما هو، بعيدًا عن الضغوط لتزوير رواية كما يريدها هو".
وأكد أن هذه النقطة هي الأهم التي حددت السبب في مغادرته صنعاء، وقال: "أنا لا أتكلم عن العمل السياسي أو شيء، أو الشخصي، ولكن الحوثي يريد أن يضغط عليك لكي تصبح أنت جزء من مشروعه الذي أنت لست مؤمن به، وليس صادقا".
وأضاف، ولهذا السبب "فكرت في الخروج والمغادرة من صنعاء، وأول ما فكرت فيه الخروج إلى عدن لأسباب عدة، ولأسباب منها أن أتوارى، وحين خرجت واعتقلت في أول نقطة في الضالع، فكان الخبر الذي تداولته وسائل الاعلام هو الخبر الذي أثار الأمر، مع أن فكرتي كانت التواري، وأن أصبح مواطنًا عاديًا أو حتى افتح لي دكان". حسب قوله.
وتابع نبيل الصوفي، "يدفع الواحد ثمن مواقفه ليس هناك مشكلة، لو كنت أضمن أن لدي مساحة للنضال في صنعاء لفعلت ولكن لست قادر".
عروض مسقط والرياض وأبو ظبي
وعن سؤاله عن الأسباب التي جعلته يفضل الذهاب إلى أبو ظبي رغم العروض التي وصلت اليه من قبل سلطنة عمان والسعودية قال نبيل الصوفي، "أول ما وصلت عدن، رفضت أروح حتى قصر معاشيق، في اليوم الأول كنت كأنك كرتون بيض يتبايع الناس فيك، كانوا يقولوا لي تعال سنعطيك طائرة خاصة، كنت أقول لهم لماذا؟ أنا مواطن عادي، وليس لدي شيء، وكنت أحرص على عدم تكرار الأخطاء؛ فعند الانتقال من موقف إلى موقف تحتاج الهدوء".
وأضاف، "كان السؤال الذي أوجهه للمتواصلين معي: ما هو المشروع؟، إذا كانت لأجل وظيفة أنا مش قادر، والفكرة ليست وظيفة، ولكن ممكن يكون حولي هالة لمدة ثلاثة أربعة خمسة أيام عن ظروف خروجي وغيرها، ثم تنتهي هذه الهالة، يعني المسألة لم يعد هناك ما تتواصل به، وتريد أن تتوارى". حسب وصفه.
وأكد، أن عدم ذهابه لسلطنة عمان، باعتبار أن مسقط "ليست منطقة محايدة، فهي محايدة لنفسها، ولكن لنا كيمنيين ليست محايدة، هذه المسألة واضحة، ليس بالضرورة أن تدعم الحوثي، ولكن تريد أن تبقي نفسها وسيلة دورية للتفاوض مع الحوثي، والتواصل معه لأي سبب كان، المهم عمان ليست محايدة ولكنها ميدان للحوثي". وفق تعبيره.
وأضاف، "بالنسبة للسعودية، لم أرفض الذهاب إليها، لأني لست ضد السعودية كسعودية، ولكن ما الذي سأضيفه لو ذهبت إليهم، قلت لهم إذا لديكم عمل أخبروني وانا اشتغله، بعدين ترتّب الموضوع بشكل مختلف، وكانت الامارات أكثر فاعلية على الأرض، وترتب مشروع المقاومة الوطنية فكنت أنا جزء من هذا المشروع".
المقاومة الوطنية.. لماذا المخا تحديدا؟
وعن سؤاله لماذا اختار طارق صالح المخا لمكان تواجده قواته فيها، وعلاقة ذلك بالسيطرة على السواحل، قال الصوفي، إن "السواحل اليمنية لا يسيطر عليها الا الفراغ والفقر والضعف، باب المندب لا يوجد لديه فندق أو بوفية، باب المندب لا نعرف عنه شيء".
وأضاف، "بالنسبة لطارق وتواجده في المخا جاء في إطار مشروعه المرتبط بالحديدة وفي تعز، ولا يزال، وإن شاء الله اذا تقابلنا بعد عام، نكون في محافظة إب، يعني المسألة ليست فصل المخا عن تعز، وإنما وصل الساحل بتعز واب..". حسب قوله.
اتفاق ستوكهولم وتحرير الحديدة
وفيما يتعلق بالمقاومة الوطنية والذهاب لتحرير الحديدة بعد تشكيل مجلس القيادة، الذي أصبح طارق صالح عضوا فيه، تساؤل نبيل الصوفي قائلا: "هل مجلس القيادة يفكر في الحرب ليس فقط في استكهولوم؟ طارق فرد في المجلس، نحن نريد أن يعلن المجلس الحرب، ولكن قبل إعلان الحرب نريده أن يعود إلى الداخل، وأن يخفف خطابه العالي عن الدولة اليمنية، والسيادة اليمنية والرئاسة".
وطالب نبيل الصوفي، "من مجلس القيادة أن يتعاملوا كقادة مقاومة في المجتمع اليمني، وليس كقادة دولة". وقال: "لدينا شرعية جوفاء، تتعامل مع الدولة كوظائف، وهذا قد يكون مطلوب لدول الخارج والتعامل مع المجتمع الدولي، ولكنهم لا يعرفون شيء عن الداخل".
وأعرب عن أمنيته، أن يبقى اعضاء مجلس القيادة في المناطق المحررة، وليس محاربة الحوثي، وأن يتم إعادة النقاش بينهم حول مشروع الدولة.. متسائلا: "لماذا لا يعتبر تشكيل مجلس القيادة يومًا فاصلا ويعود اليمنيون بعضهم البعض، وكلا يراجع نفسه ومشاريعه، ويعودوا للقاء مع بعضهم البعض للحديث حول هوية الدولة التي نريد، لأن الدولة الحالية عبارة عن قرارات جمهورية تصدر من الخارج، ومالية موجودة كذلك في الخارج، أما على أرض الواقع فليست موجودة".
وقال الصوفي، "نأمل من مجلس القيادة العودة للبلاد لمناقشة بعضه البعض من أجل مشروع وطني 5 الى 10 % ثم العودة الى الحرب مع الحوثي".
طارق صالح وأحمد علي عبدالله صالح
وفيما يتعلق بترشح طارق صالح بدلا عن أحمد علي عبدالله صالح، بعد بروز الأول كقائد للمقاومة الوطنية، وعضوًا في مجلس القيادة، أكد نبيل الصوفي، أن "كل القيادات التي في الخارج ترى نفسها الأنسب للرئاسة، وهذه ليست مشكلة عائلية، من يحكم اليمن من العائلة، نحن نتحدث عن مشروع وطني، كم سيصمد طارق صالح؟ وكم سينتج من مشروع سواء المتعلق بالشمال أو الجنوب أو ما يتعلق بتهامة أو بتعز، وما الذي سيستطيع أحمد علي عبدالله صالح فعله في الخارج لهذا المشروع الوطني، وما الذي يستطيع أن تفعله الاطراف السياسية الأخرى مثل العليمي والعرادة والبحسني وغيرهم لكي يصبغوا حركة نضال وطني".
وأكد أن "اليمنيين يخادعون أنفسهم بالحديث عن الدولة، بينما المطلوب منهم حركة نضال وطني لاستعادة الوطن أولا". وخاطب الصوفي مجلس القيادة قائلا: "استعيدوا ثقة الناس أولا"، معربا عن اسفه أن "الحديث عن الدولة اليمنية اليوم ليس الا كمرتب أو وظيفة فقط، وليس كمشروع". وقال: "اليوم نحن أقل من غيرنا، حتى الفلسطينيين اليوم لديهم مشروع يعملوا لاستعادته" ولكن نحن ما هو مشروعنا؟".
دور الاعلاميين في معركة استعادة الدولة
وفيما يتعلق بدور الاعلاميين في معركة استعادة الدولة، أكد نبيل الصوفي، أنه "معتز بدور الاعلام، باعتبار الاعلام كان قائد التحولات على المدى الطويل، صحيح هذا الدور اليوم ضعف؛ لأن الاعلاميين لم يراعوا بعض، وكانوا أكثر قسوة في معاركهم ضد بعضهم، وكانوا يتحدثوا مندفعين وكأن لديهم يقينيات".
وأضاف، "اليوم نحن موزعين على أطراف، سواء ممولة أو إدارية أو عسكرية لا تؤمن أصلا بدور الاعلام؛ لكن الاعلاميين مطالبين بفتح ثغرة لبناء حركة وطنية".
وقال نبيل الصوفي، "أتمنى أن الاعلاميين يتصدروا لكي يعيدوا تعريف بعضهم بعض، ويحدثوا قدرتهم على التواصل وقضايا النقاش، اليمنيين اليوم، إما أن يعيدوا بناء حركة وطنية تخصهم، أو لن يكون لهم وطن وليس دولة".
وأضاف، "أتمنى أن يعود الإعلام إلى ذلك الدور الذي كان يقوم به قبل، الاعلام هي الفكرة التي يقودها، وأي حركة وطنية تحتاج فكرة يلتزم بها الناس قبل موضوع الدعم، الدعم مهم لكن الفكرة هي الاساس". حسب قوله.