كشف مستشار رئيس الجمهورية السابق ونائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة الدكتور عبد الملك المخلافي، عن خفايا وأسرار وزارة الخارجية اليمنية، وعن تفاصيل مهمة خلال فترة توليه الحقيبة عقب انقلاب مليشيات الحوثي المدعومة من إيران مطلع عام 2015.
وتحدث الوزير السابق في لقاء تلفزيوني مع قناة "يمن شباب" - في برنامج الرواية الأولى الذي بث مساء أمس الأربعاء، عن أسباب الحملة التي تعرض لها اثناء توليه منصب وزيرا الخارجية وكيف تمت عملية نقل قاعدة بيانات الجوازات من الانقلابين إلى سيطرة الحكومة الشرعية.
والمخلافي هو سياسي والأمين العام السابق للتنظيم الوحدوي الناصري، وتولى منصب وزير الخارجية من 1 ديسمبر 2015 في حكومة خالد بحاح وحكومة أحمد عبيد بن دغر حتى 23 مايو 2018، إلى جانب نائباُ لرئيس الوزراء في الفترة ذاتها.
نقل قاعدة الجوازات
للمرة الأولى يكشف المخلافي عن تفاصيل نقل قاعدة بيانات إصدار الجوازات اليمنية من صنعاء إلى القنصلية اليمنية في مدينة جدة السعودية، وعن موقف مليشيات الحوثي ودور السفير الأمريكي حينها.
وقال المخلافي، "عندما خرج الرئيس عبدربه منصور بعد حصاره فني منزله بصنعاء ثم محاولة اغتياله في عدن، ووصل لاحقا إلى العاصمة السعودية الرياض كان يستعد للذهاب لحضور القمة العربية في شرم الشيخ المصرية".
لكن الرئيس لم يستطيع أن يصدر جواز لان الجوازات كانت مرتبطة في صنعاء بيد الانقلابين، وتم إصدار جواز عادي للرئيس بخط اليد، وفق وزير الخارجية الأسبق.
وأوضح المخلافي أنه بعد ذلك جرى مناقشة كيفية استعادة الجوازات من الحوثيين، وإصدارها من قبل الحكومة الشرعية، كلفني الرئيس هادي برئاسة لجنة سميت باللجنة الاشرافية للجوزات.
وأشار إلى أن هذه اللجنة مكونة من كوادر من رئاسة الجمهورية وزاراتي الخارجية والداخلية ومصلحة الجمارك والأمن السياسي وعملت ليل نهار للتفكير في كيف يتم اصدار جوازات من قبل الحكومة الشرعية وبإجراءات صحيحة.
وأضاف: "بجهود كبيرة جدا وبسرية تم نقل الكادر الذي يقوم بإصدار الجوزات في صنعاء والداتا إلى القنصلية اليمنية وتم إنشاء مركزا للجوزات وأعيد ربط كل المراكز به".
وذكر أنه بعد ذلك تم التواصل مع الشركة الألمانية التي تم التعاقد معها قبل الانقلاب لطباعة الجوازات، واستلمتها منها الشرعية واستكملت كافة الاجراءات لإصدار الجوزات بنفس الألية والداتا التي كانت تصدر في صنعاء.
موقف الحوثيين ودور السفير الأمريكي
لم تكن مليشيات الحوثي تتوقع أن تقوم الحكومة الشرعية بهذه الخطوة، إذ كشف المخلافي أنه تلقى حينها رسالة نصية من وزير داخلية الانقلاب جلال الرويشان عبر تطبيق الواتس حيث كان لايزال يستخدم رقم الهاتف اليمني.
وذكر الوزير السابق أن رسالة الرويشان تقول إن اصدار الجواز خطير وأن هناك قضايا متصلة بالإرهاب (...) ولم يكن يعرف أننا قد أستكملنا كل الإجراءات للنقل، ولم أرد عليه".
واستدرك،" لكن جاء إلي السفير الأمريكي برسالة من الانقلابين الحوثيين يتحدثون بلغة مختلفة يقولون فيها إنهم على استعداد لاي طلب من قبلنا لإصدار جوزات في الخارج عبر السفارات ولديهم الاستعداد لإصدارها على أن نرسل لهم الجوازات التي استلمتها الحكومة من الشركة ليتم الإصدار عبرهم".
وقال المخلافي، "أبلغت السفير الأمريكي أن الرسالة جاءتني منهم ولم أرد ولكن يمكن أن يأتي الرد عبرك بأن تبلغهم أننا نعتبر الناس في صنعاء تحت مسؤوليتنا وهم أهلنا ونحن الحكومة الشرعية ولدينا استعداد أن نرسل لهم بمجموعة من الجوازات شرط أن يرتبطوا بنظام الحكومة الشرعية، لأنها هي من تصدر الجوزات وليس الانقلابين ولدينا نظام متكامل ونحن استكملنا هذا النظام، وليس لدينا مانع أن يرتبطوا بالنظام الذي لدينا وسنرسل جوزات بحيث لا نحرم المواطنين من الجوازات".
يضيف، "لم يكن السفير الأمريكي مصدقا بأننا استكملنا إجراءات الاصدار (...) وأبلغته بكل ما تم وحصلنا على ثقة كل المجتمع الدولي بصحة ما قامت به الحكومة الشرعية".
وكشف المخلافي أن مليشيات الحوثي تواصلت مع الشركة الألمانية التي طبعت الجوازات وشركات أخرى بهدف إصدار جوازات وتعاون معها بعض الدبلوماسيين ولكننا طاردناهم وأفشلنا محاولاتها.
وتابع،" في الاخير جاءتنا معلومات أنهم تواصلوا (الحوثيين) مع شركة اندونيسية لمحاولة الطباعة هناك وتواصلنا مع الحكومة الاندونيسية التي بدورها منعت الشركة التي كانوا اتفقوا معها".
لكنه أكد أن مليشيات الحوثي تمكنت من طباعة جوازات لدى شركة غير مختصة، و"أدخلوها عن الطريق التهريب عبر البحر وبعض الدول بكميات محدودة لكن من السهولة معرفة أنها جوازات مزورة مثلها مثل أي عملة مزورة".
ماحقيقة بيع الجوازات؟
خلال المقابلة التلفزيونية رد وزير الخارجية الأسبق على الاتهامات التي طالته خلال فترة توليه فيما يتعلق بإصدار جوازات لتصحيح أوضاع اليمنيين في السعودية، بالإضافة إلى ما أثير بشأن إصدار جوازات دبلوماسية لأشخاص عاديين.
وقال المخلافي إن "عملية تصحيح أوضاع اليمنيين في السعودية كانت استثنائية وطرحنا الموضوع على مجلس الوزراء والذي إصدار لائحة حدد فيها الرسوم بعد أن طرحنا الموضوع باعتبارنا لجنة إشرافية".
وأوضح أن اللجنة الإشرافية قدمت اقتراحات ومجلس الوزراء هو من أقر اللائحة، (...) وفتحنا مراكز إصدار في أكثر من مدينة سعودية لإنجاز تصحيح أوضاع نصف مليون شخص خلال فترة حددتها السعودية.
ولفت إلى أن حملة التشويه التي تعرض لها، كانت تقف خلفها مليشيات الحوثي، وبعض الشرعية لأسباب سياسية وأن جزء من الحملة لشخصه وانتمائه السياسي.
وبشأن الجوازات الدبلوماسية، أوضح المخلافي إن الحكومة كانت قد طبعت كمية من الجوزات قبل الانقلاب فاستولى عليها الحوثيين وقاموا بعملية بيعها على رجال أعمال وغيرهم والناس يعتقدون أن الحكومة الشرعية أصدرتها.
وأضاف، "الحقيقة ان الحوثيين أصدروا كمية كبيرة ونقلوها لأشخاص غير مستحقين بتسلسلها الطبيعي لأنها جوازات صحيحة كانت مطبوعة قبل أشهر من الانقلاب".
وتابع، "من كثر الحملة والإشاعات بشأن حدوث مخالفات أجريت تحقيق وطلبت كم عدد الجوازات الدبلوماسية التي صدرت وتبين أنه لم يتجاوز عدد التي تصدر في صنعاء بالظروف العادية وإلى الأن أقول إذا كان هناك أي شيء فأنا اتحمل المسؤولية".
وبشأن حصول صاحب مطعم في الرياض على جواز، قال إن "صاحب المطعم هو مستشار رئيس الوزراء ووفق القانون يحق له الحصول على جواز دبلوماسي".
تدخلات في مهامه
كما تحدث المخلافي عن تدخلات في عمله في مختلف المجالات في المنافع والجوازات والتعيينات ممن هو أعلى منه من الرئيس ونائب الرئيس ورئيس الوزراء، ولفت إلى أنه واجه مشكلات كثيرة في هذا الجانب وأنه كان يرفض أي توجيهات مخالف".
وقال إنه اعتمد في التعيينات الدبلوماسية على معيار 50 بالمئة للشمال ومثلها للجنوب وفقا لمخرجات الحوار الوطني، وأتينا بهم من كادر وزارة الخارجية، وقدمت استقالتي عندما تم رفض تعيين سفراء من الوزارة".
وبشأن قرار أزاحته من الوزارة وتعيينه مستشار للرئيس، قال المخلافي،" كنت قد تقدمت بطلب الاستقالة للرئيس بسبب التدخلات وانا كنت مع تجديد وزارة الخارجية من خلال شباب يتم ادخالهم في دورات لان هناك خلل في التوزان داخل الوزارة، وبسبب فرض تعيينات قلت للرئيس لم يعد بمقدوري مواصلة العمل".
وأضاف، "كان هناك سبب ثالث دفعني لتقديم الاستقالة هو حالة التشكيك وعدم الثقة التي بدأت تسود العلاقة وخاصة مع رئيس الجمهورية، وهناك تقليد أن وزارة الخارجية خاصة بالرئيس وكل شيء لازم يمر عبره وهذه غير صحيح لأن المسألة مؤسسية".