كثيراً ما أثار المحامي والناشط السياسي الكويتي، ناصر فهد الدويلة، الجدل حول أطروحاته السياسية والاجتماعية منذ صار عضو مجلس الأمة الكويتي في أيار/ مايو 2008.. ورغم مغادرته مقعده البرلماني واشتغاله بالمحاماة، إلا أنه لا يزال حاضراً بقوة في واجهة المشهد السياسي الكويتي والعربي، خاصة في مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي. ويعمل الدويلة مستشارا في وزارة الدفاع الكويتية برتبة عميد، نظرا لخبرته الطويلة في سلاح الدروع وقوات الحرس الوطني. وأجرى الزميل عارف أبو حاتم لقاء خاصا مع دويلة لموقع "عربي21"، يعيد موقع "يمن شباب" نشره كما هو، لأهميته: * هل يمكن القول اليوم إن هناك صحوة خليجية ولو متأخرة فيما يتعلق بخطر المشروع الإيراني في المنطقة؟ - هناك صحوة خليجية خجولة، ليست بحجم التحدي. * ما الذي جعلها خجولة؟ - دول الخليج لم تتعود أن تكون منفردة في قرارها عن الرغبة الأمريكية، والآن هي مضطرة لأن تكون منفردة، لكنها غير متعودة وتعتقد أنها لا تستطيع الابتعاد عن الرغبة الأمريكية. "عاصفة الحزم" هي الظاهرة الوحيدة التي فيها شكل من أشكال الاستقلال، ومع ذلك لا زلنا نتحسس طريقنا إلى استقلال القرار. * حتى في عاصفة الحزم دول الخليج احاجت لأمريكا كثيراً في بنك الأهداف وفي السلاح النوعي وفي طائرات صهاريج الوقود وفي شرعية الفعل وعدم اعتراضه وفي القرار الأممي 2216! - يجب أن تستمر دول الخليج في تحسس طريقها، وإلى الآن لا تملك هذا القرار، ما عدا السعودية التي تملك هامشا من حرية القرار.. ولا يزال بعض العرب يعتقدون أن أمريكا لا تتآمر عليهم. * يقال أن اللوبي الإيراني في الداخل الأمريكي هو الثاني بعد اللوبي الصهيوني، والغرب عادةً يقول إنه عندما نتعامل مع إيران نجد عنوانا واحدا، لكن حين يتعاملون مع العرب هناك 22 عنوانا مختلفا.. هل سيظل العرب وتحديدا الخليج؛ بهذا التمزق؟ - إذا عادت مصر سيتحد كل العرب. مصر هي القادرة على لم الشمل العربي. * هل لا زلتم في دول الخليج مرعوبين من طلة الشبح الفارسي من الضفة الأخرى لدولكم؟ - إيران دولة ماكرة جداً ودائماً تمرر أهدافها بواسطة عملائها في دول الخليج، وإيران أهدافها معلنة ومعروفة في السيطرة على الخليج، ومن حقنا أن نشعر بالرعب من هذه النوايا الخبيثة ونتوجس منها، وبإذن الله سنسعى إلى مواجهتها. * لكن أين مشروع دول الخليج؟ - لا تملك القيادات العربية كفاءة إدارة الدولة.. رجال الدولة مفقودون في العالم العربي، وسنواجه مصيرنا في وقت من الأوقات، وأخشى أن يكون مصيرا صعبا. * هل شعر الخليج العربي أن التقارب الأمريكي الإيراني جاء على حساب حميمية العلاقة بينه وبين أمريكا؟ - هذا صحيح. أمريكا تعتقد الآن أن إيران دولة صديقة، والخليج عدو مستقبل. * تعتقدون هذا رغم حضور أوباما القمة الخليجية الأمريكية في نيسان/ أبريل الماضي وتأكيده على متانة العلاقة مع الخليج؟ - نحن نعتقد أن أمريكا أنهت علاقاتها وارتباطها الاستراتيجية مع الخليج، وذهبت لارتباط استراتيجي مع إيران. * وهذا له علاقة مباشرة بتقلص حاجتها للنفط؟ - طبعاً. هذا هو الأساس. * أوباما قال إن الخليج عاجز عن التصرف بدون مساعدتك أمريكا! - هو يعتقد هذا الأمر ويدعو له، ويريدون أن نؤمن به والواقع. أن الأمر عكس، إذا عرفنا كيف ندير صراعنا وكيف ندير قضايانا. * ماذا لو صعد "ترامب" إلى رئاسة الدولة الأمريكية؟ - مجيء ترامب سيكون صدمة لدول الخليج، لكنها صدمة واقع، ويجب أن نعترف أن أمريكا لم تعد صديقتنا، ونحن لسنا دول محظية لديها. * حين ننظر في الخارطة: سوريا لبنان العراق اليمن البحرين عُمان.. أسأل هل ستتجزأ دول الخليج بعد ثلاثة عقود ونصف من تشكيل مجلس التعاون؟ - هذا صحيح.. لن يكون هناك اتحاد خليجي إلا بتنازلات متقابلة، لكن الواقع يقول أن لا أحد يريد تقديم تنازلات، ولكي يكون هناك اتحاد خليجي يجب أن ترتقي مستويات الحرية والديمقراطية في الخليج إلى مستوى واحد. وفي الواقع يريدونها أن تنزل إلى المستوى الأدنى وليس أن ترتقي إلى المستوى الأعلى. * تقصد تنازل لصالح الشعوب؟ - طبعاً. لا بد من تنازل يكون لصالح الديمقراطية والرقابة الشعبية والمشاركة في الثروة.. يجب على الدول الأقل ديمقراطية أن ترتقي إلى مستوى الدول الأكثر ديمقراطية. * دعوت قبل فترة لفتح "باب الجهاد" لنصرة القضايا العربية.. هل خاب الرجاء في جيوشنا؟ - باب الجهاد هو الوحيد المتحرر من الضغوط الدولية، وأنت تنظر في قضية حلب.. هذا جرح عميق وغائر، جرح ينزف من جسد الأمة، وإذا فتحنا باب الجهاد يمكن للعالم أن يتراجع عن غيه، وغلوه، وإذا مضينا مشتتين من دون إرادة، لن نغير شيئا. * ما يجري في سوريا هو محصلة تقاطع مصالح بين الروس والأمريكان وإسرائيل وإيران وتركيا؟ - إذا فتحنا باب الجهاد ستتوقف كل المصالح التي تتعارض مع المصلحة العربية العليا، وسيضع الآخرين كل اعتبار للعرب والمسلمين. * العرب أنفسهم غير متحدين! - إذا فتحنا باب الجهاد سيعيد الآخرين حساباتهم. * ألا تخشى أن تكون دعوتك هذه بوابة لتكرار ما حدث في أفغانستان حين عاد المجاهدون يحملون السلاح لمجاهدة دولهم؟ - نحن أمام كارثة إنسانية متمثلة في القصف المستمر على حلب، وأي شيء من شأنه أن يوقف هذه الكارثة يجب أن يكون له الأولوية. أعتقد أن التهديد بتغيير قواعد اللعبة بإعلان باب الجهاد هو أحد الضغوط التي سنمارسها في هذا المجال. * دعوت قبل أيام لإنشاء قناة تلفزيونية اسمها "الربيع العربي".. هل فشلت كل هذه القنوات وفي مقدمتها الجزيرة في إظهار صوت الربيع العربي؟ - قناة الجزيرة تتبع دولة قطر، وهذه الدولة تواجه ضغوطا دولية كبيرة، أما القنوات التي تخضع لأشخاص أو جهات تحمل فكر ومبادئ تستطيع أن تعبر بكل أريحية دون أي ضغوط أو تأثير.. من هنا تبنيت دعم أي فكرة بهذا الاتجاه. ليس لدي الآن خطة معينة، وإنما محاولة في قناة "أحرار"، وهي قناة اشتغلت لمدة بسيطة جداً، والفكرة لا تزال قائمة بأن يكون الرأي الحر مستقلا عن التأثير، ويتحدث بشفافية بعيدة التأثيرات.